وزير بريطاني: الخيار العسكري لن ينجح في سوريا.. وتدخلات إيران «مقلقة»

قال لـ «الشرق الأوسط»: لسنا قلقين من وصول جماعات إسلامية للسلطة.. شريطة ألا تكون على غرار «القاعدة» و«الإخوان المسلمين»

أليستر بيرت
TT

قال وزير الدولة البريطاني لشؤون منطقة الشرق الأوسط أليستر بيرت إن استخدام الخيار العسكري لن ينجح في سوريا، ونفى أن يكون هناك تفكير في الحل العسكري للوضع السوري، مبينا أن التدخل العسكري في ليبيا جاء عقب نداءات من الاتحاد الأفريقي ومجلس التعاون الخليجي والليبيين أنفسهم بدعم قانوني من قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأوضح بيرت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» خلال زيارة قام بها إلى السعودية أنه من الصعب جدا أن نرى مثل هذه الظروف تسود في سوريا ولن نستنتج بأن التدخل في بلد ما سيكون فعالا أو مفضلا بالتأكيد في بلد آخر، ويؤكد هذا الوضع الفكرة القائلة بأن لكل دولة خاصية مختلفة ومن المستبعد إيجاد حلول مشتركة لكل منها.

وشدد السيد بيرت على أن القمع العنيف للمعارضة في سوريا هو أحد العوامل التي أشعلت الغضب الشعبي، وبالتالي فإن المزيد من الكبت سوف يؤدي على المدى البعيد إلى توسيع الهوة بين النظام والرأي الشعبي. وأوضح الوزير أن بريطانيا ساندت وبقوة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي واستهدفت شخصيات شاركت في القمع. وقال: «لقد أوضحنا أنه إذا رفض النظام الحوار والإصلاح لصالح المزيد من العنف فسوف نساند توسيع قائمة.

وقال الوزير البريطاني إن الحركات التي اندلعت في معظم البلاد العربية كانت عبارة عن انتفاضات عفوية قادها أناس عاديون في بلاد غالبا ما تعرضت فيها أحزاب المعارضة الحقيقية وأنشطة المجتمع المدني إلى قمع شديد منذ مدة طويلة، وبالتالي كان من الواضح جدا في معظم هذه الانتفاضات أنها لم تكن تخضع لمجموعة خاصة من المصالح أو لجدول أعمال سياسي محدد مسبقا، وسيكون من المهين لشعوب هذه المنطقة أن يقال إن مئات الألوف الذين نزلوا إلى الشوارع إنما نزلوا لتحقيق أجندة معادية وليس للتعبير عن رغباتهم الشعبية.

وأرجع الوزير البريطاني سبب قيام هذه الثورات لعامل مشترك بين كل هذه البلاد هو أن الإصلاح قد تعطل منذ عقود طويلة وأصبح خرق حقوق الإنسان وعدم الإصغاء للأصوات المعارضة هما المعيار، مشددا على ضرورة التعاطف مع هؤلاء الذين واجهوا قوات الأمن بشجاعة ونزلوا إلى الشارع للتعبير عن قلقهم بصورة سلمية.

وأضاف المسؤول البريطاني أن حق التظاهر السلمي يجب أن تتوفر له الحماية، ويبقى الاختبار الحقيقي في نهاية المطاف سواء في تونس ومصر أو ربما في أماكن أخرى هو صندوق الاقتراع، وهو الاختبار الطبيعي.

واعتبر وزير الدولة البريطاني لشؤون منطقة الشرق الأوسط أليستير بيرت وصول الجماعات الإسلامية في المنطقة العربية للسلطة والمشاركة في الديمقراطية والحصول على الدعم الجماهيري أمرا غير مقلق لبريطانيا بل إنه حق مشروع لتلك الجماعات على غرار الأحزاب المسيحية في الكثير من البلدان الأوروبية، شريطة أن لا تكون على شاكلة تنظيم القاعدة أو «الإخوان المسلمين».

وبين أليستير بيرت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الاختبار الحقيقي لتلك الجماعات يكمن في مدى قدرتها في إقناع الجمهور بأنها ستحكم وفقا لما يحقق المصلحة الوطنية، مضيفا أنه يجب النظر إلى الخطوات الحقيقية باتجاه الإصلاح والديمقراطية والمزيد من الحريات من منظور إيجابي فقط، حيث شكل هذا الوضع في كافة البلدان التي تأثرت به تحديا كبيرا، ومن ثم فإن حركات الإصلاح والديمقراطية تتطلب الدعم لضمان تحقيق طموحات المواطنين.

ونفى الوزير البريطاني تورط «القاعدة» أو وجود صلة لها بحركات الاحتجاج التي شهدتها البلدان العربية، بل أتت بطبيعتها المدنية بوجه عام وقدمت الدليل القاطع على أن خيار الحكومات في العالم العربي ليس بين الديكتاتورية أو التطرف الإسلامي، حيث إن التطلعات التي تم الاستماع لها والتي عبر عنها الشباب في تونس ودرعا وصنعاء هي نفس تطلعات وطموحات الشباب في أوروبا وهي الحق بإيصال أصواتهم إلى قياداتهم، والإعلام الحر، وعدم الخوف من الاعتقال أو التعذيب، وتوقع مستقبل أفضل وأكثر رخاء.

وفي جانب آخر أعرب المسؤول البريطاني عن قلق بلاده إزاء التدخل الإيراني منذ فترة طويلة في بلاد مثل العراق ولبنان والأراضي المحتلة، وبين أنهم سيواصلون التعبير لإيران عن هذا القلق باستخدام أقوى العبارات، لا سيما فيما يخص خرق حقوق الإنسان.

وقال: «لقد تزعمت بريطانيا فرض عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تستهدف المسؤولين عن خرق حقوق الإنسان في إيران». وختم الوزير البريطاني حديثه لـ«الشرق الأوسط» مؤكدا حرص بلاده على ظهور حكومات شعبية وفعالة في أرجاء المنطقة. إذ أثبتت الخبرات في أنحاء العالم أن هذا النوع من الأنظمة الحاكمة يساعد على خلق أفضل العلاقات المثمرة، نظرا لأنها تجسد وتعبر عن مطالب الشعب ورغباته. ولذلك فإن بريطانيا ملتزمة بتقديم الدعم السياسي والمادي للتشجيع على هذا الأمر. كما أنه لهذا السبب قام وزير الخارجية البريطاني مؤخرا بالاقتراح على الاتحاد الأوروبي النظر في إنشاء اتحاد جمركي ومنطقة تجارة حرة مع دول شمال أفريقيا، وذلك لخلق حوافز توفر فرص النجاح للعملية الديمقراطية.