استطلاع جديد في مصر يظهر مصاعب آنية وتفاؤلا بالمستقبل

83% من المصريين يؤيدون الثورة و17% فقط من المتظاهرين استخدموا الإنترنت

مواطنون من قرية دويكا التي تعرضت لانهيار صخري قطعوا الطريق الى القاهرة للمطالبة ببناء مساكن لهم أمس (أ.ب)
TT

أظهر استطلاع جديد أجراه معهد «غالوب»، التحديات والفرص التي تواجه مصر بعد الثورة وانتهاء عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك. فبينما عبر نحو 83 في المائة من المصريين عن دعمهم للثورة، عبر 53 في المائة عن اعتقادهم أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد تتراجع وهناك مخاوف من تبعات ذلك على البلاد. واعتبرت مديرة مكتب «غالوب» في أبوظبي داليا مجاهد التي أشرفت على استطلاع الرأي، أن «على المدى البعيد، الحياة المعيشية باتت أصعب بعد الثورة، ومستوى المعيشة تراجع، ولكن يشعر الناس بأن المستقبل سيكون أفضل من السابق، ولديهم أمل في المستقبل، الواقع الحالي صعب، ولكن التصورات المستقبلية تشير إلى التحسن والإيجابية». وقالت مجاهد في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»: «رأينا تفاعلا متزايدا واهتماما في المساعدة في بناء مصر، وأن يكون الشعب ضمن العملية السياسية». وظهرت نتائج استطلاع الرأي في التقرير الذي حمل عنوان «مصر من التحرير إلى التغيير: قدرات المصريين وتحدياتهم وما يجب على القادة فعله إزاء ذلك».

وأكد استطلاع الرأي الحماس الكبير لدى المصريين للثورة، حيث عبر 83 في المائة من المشاركين عن تأييدهم لها وتفاؤلهم بنتائجها، على الرغم من أن 11 في المائة فقط من هؤلاء شاركوا في المظاهرات التي أدت إلى سقوط الرئيس المصري السابق. إلا أنه من اللافت ألا يملك أي حزب سياسي مصري دعما أكثر من 15 في المائة من المصريين، مما يظهر صعوبة خروج طرف معين لقيادة البلاد في المرحلة الراهنة. وحصل الإخوان المسلمون على 15 في المائة من دعم المصريين، بينما لدى الحزب الديمقراطي الوطني شعبية بين 10 في المائة من المصريين، ولدى حزب الوفد تأييد بين 9 في المائة من المصريين، بينما حصل حزب الوسط على دعم 5 في المائة فقط منهم.

واعتبر نحو 90 في المائة من المصريين أن هناك المقومات الكافية لتضمن نزاهة وعدالة الانتخابات المقبلة. ومن اللافت أن النسبة التي توقعت أن تكون الانتخابات عادلة عام 2010 كانت فقط 30 في المائة، حيث يشعر المصريين بثقة أكبر في نظامهم الآن. ويطلق التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة مسبقة منه، في واشنطن اليوم، حيث هناك الكثير من الاهتمام الأميركي بآراء الشعب المصري وتصوراتهم في المرحلة المقبلة. وهناك اهتمام خاص بنظرة المصريين إلى الولايات المتحدة وشعبية الأميركيين في مصر، حيث أكد الاستطلاع رغبة المصريين في عدم التدخل الأميركي في شؤونهم، بما في ذلك عدم تأييد حزب سياسي معين. وشرحت مجاهد أن «المصريين يرفضون الدعم الأميركي لعمليتهم السياسية، وذلك ليس بالضرورة ناتجا عن شعور معاد للولايات المتحدة بل أكثر بسبب الرغبة المصرية الشديدة في الاستقلال السياسي».

وهناك وعي لدى المصريين حول ضرورة مشاركتهم في بناء بلدهم، فقد عبر نحو 90 في المائة من المشاركين في استطلاع الرأي عن عزمهم المشاركة في الانتخابات، كما أن 11 في المائة فقط من المصريين قالوا إنهم يفكرون في مغادرة البلاد والهجرة إلى الخارج في حال أتيحت الفرصة لهم. وفي عام 2010، كانت النسبة ضعف هذه النسبة، حيث 22 في المائة من المشاركين في استطلاع العام الماضي عبروا عن رغبتهم في الهجرة. وركز الاستطلاع على عامل مهم في الثورة المصرية وهو مصادر الأخبار التي اعتمدها الشعب المصري خلال التطورات في يناير (كانون الثاني) الماضي واندلاع ثورة 25 يناير. فبينما انشغل الإعلام الأميركي بأهمية دور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعية في دفع الثورة، وجد استطلاع «غالوب» أن فقط 17 في المائة من المتظاهرين كانوا يستخدمون الإنترنت، كما أن فقط 10 في المائة من المصريين لديهم القدرة على استخدام الإنترنت في منازلهم. ووجد الاستطلاع أن 81 في المائة من المصريين اعتمدوا على تغطية القنوات المصرية الرسمية لمعرفة ما يجري في الثورة، بينما 63 في المائة تابعوا قناة «الجزيرة»، وفقط 8 في المائة تابعوا ما يحدث على موقعي «فيس بوك» و«تويتر» الإلكترونيين. وقالت مجاهد: «الفكرة أن هذه ثورة الـ(فيس بوك) كما يسميها البعض، فكرة صعب تصديقها».

وشارك نحو ألف مصري في الاستطلاع، من أوائل شهر مارس (آذار) وحتى نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي. وردا على سؤال حول ما إذا كانت عملية إجراء استطلاع الرأي أسهل بعد نهاية عهد مبارك، قالت مجاهد: «بشكل عام، لم نلاق صعوبة في الحصول على أجوبة من المصريين على أسئلتنا في السابق، وعادة ما عبر المصريون عن رغبتهم في التعاون معنا، ولكن ما تغير هو عملية الحصول على الموافقة الرسمية لإجراء الاستطلاع، إذ أصبحت أسهل ولم تستغرق وقتا طويلا». وأضافت: «كنا في السابق نواجه حذفا من الحكومة لبعض أسئلتنا، ولكن الآن استطعنا أن نسأل عن تصورات الناس وثقتهم بالحكومة والقضاء والاقتصاد والجيش».