يوم توقف القطارات في مصر

أهالي قرية بالجيزة شلوا حركتها.. واعتصام المئات بمترو الأنفاق

TT

عاد مسلسل قطع وسائل المواصلات للظهور بقوة أمس في عدد من المدن والمحافظات المصرية، وتسبب في حالة من الاستياء والفزع بين الركاب. ففي القاهرة ومحافظات الصعيد شهدت محطات السكك الحديدية ازدحاما وتكدسا نتيجة توقف القطارات لمدة دامت نحو 18 ساعة متواصلة أصابت حركتها بالشلل التام جراء قيام أهالي قرية تابعة لمحافظة الجيزة بقطع طريق القطارات المتجه من القاهرة إلى الصعيد، بينما أصيب ركاب قطار دمياط المتجه إلى القاهرة بوسط الدلتا بحالة فزع ورعب نتيجة خروج القطار عن القضبان والخوف من انقلابه وتعطل تسييره لأكثر من 7 ساعات. وتظاهر مئات العاملين بمترو أنفاق القاهرة في محطة السادات (الرئيسية) احتجاجا على تجاهل مطالبهم الفئوية.

وتجمهر نحو 10 آلاف مواطن من أهالي قرية بمها، التابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) على طريق القاهرة أسيوط الزراعي وعلى خط سكة حديد القاهرة - أسوان، وذلك عقب الشروع في تركيب محطة تقوية تابعة لإحدى شركات الجوال أمام القرية. وأدى التجمهر إلى عدم السماح لشاحنات البضائع بالسير من القاهرة إلى الصعيد وبالعكس، بالإضافة إلى تعطل 70 قطارا، حيث قطع الأهالي خط السكة الحديد وقاموا بإشعال النار في خطوط الكابلات الكهربائية وفى القواعد الخشبية أسفل شريط السكة الحديد، ورشق سيارات الأمن بالحجارة وزجاجات المياه الغازية، ما أدى إلى شل حركة المواصلات لمدة 18 ساعة متواصلة، على الرغم من قرار محافظة الجيزة بإزالة المحطة.

مصدر أمني أفاد بأن محافظ الجيزة الدكتور علي عبد الرحمن تلقى إخطارا بالواقعة، وأجرى اتصالا هاتفيا بالمستشار العسكري للقوات المسلحة لإحضار قوة من الجيش لفض اعتصام المتظاهرين. ولكن لم يتيسّر تفريق المواطنين بعد رفض الأهالي الامتثال لتعليمات قوات الأمن بفض التجمهر وفتح الطريق للسيارات المارة من الاتجاهين. وقال المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط»: «إن المحطة تقع على مساحة 100 متر داخل منطقة سكنية».

وفي اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط» قال أحمد عبد الله، أحد أهالي القرية: «نطالب بإزالة المحطة خوفا على صحة أهالي القرية من أخطار أبراج الجوال»، مضيفا أن «الحكومة تمنع أهالي القرية من البناء على الأراضي الزراعية، ولا تستطيع أن تقف في وجه شركات الجوال التي تبني أبراجا وسط البيوت وتسبب الموت للأهالي». وتابع: «إن المتظاهرين سوف يقومون بفض اعتصامهم والانصراف من فوق شريط السكة الحديد ومن الطريق الزراعي فور انتهاء أعمال إزالة المحطة».

هذا، وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن عضوا سابقا في الحزب الوطني الحاكم المنحل حرّض الأهالي على أعمال الشغب «لكي تستجيب محافظة الجيزة لبعض المطالب الأخرى والمتعلقة بعدم إزالة التعديات التي تم بناؤها على الأراضي الزراعية خلال أحداث ثورة 25 يناير»، مشيرين إلى أن شركة الجوال لم تحصل على أية موافقات لإقامة المحطة من وزارات الصحة والزراعة والبيئة.

من جانبه أكد محافظ الجيزة أن الأزمة ليست في محطة التقوية، بل دخلت في إطار العند بين عائلتين، وإنه على الرغم من أن البرج مكون من هيكل حديدي ولم يعمل وسيتم إزالته، فإن الأهالي مصرون على استمرارهم في الاعتصام بعد اتهامهم الحكومة التي لا دخل لها في الموضوع بتحمل مسؤولية ما سيحدث بين العائلتين من فوضي، في الوقت نفسه تضاربت الأنباء حول فض الأهالي الاعتصام.

وشهدت محطات السكك الحديدية في القاهرة ومحافظات الصعيد ازدحاما وتكدسا للركاب، حيث تسببت الاحتجاجات في شلل حركة قطارات الوجه القبلي، وقال المهندس محمد حجازي المتحدث الرسمي للهيئة القومية لسكك حديد مصر إن تجمهر أهالي العياط تسبب في تعطل 70 قطارا على خط القاهرة ومحافظات الصعيد واحتجاز أكثر من 200 ألف راكب في القطارات المتجهة من وإلى القاهرة. وأوضح حجازي في تصريحات صحافية أمس أن هناك ما لا يقل عن 240 راكبا أجنبيا ألغوا حجزهم على قطار النوم خط القاهرة - الصعيد بسبب هذا العطل، مشيرا إلى أن قيمة تذكرة الراكب الأجنبي الواحد تصل إلى 65 دولارا، وأشار أيضا إلى أن أعداد الأهالي المتجمهرين على خط سكة حديد العياط بلغت أكثر من عشرة آلاف شخص، مؤكدا أن الأهالي أعلنوا عدم رغبتهم في فض الاعتصام إلا إذا تمت إزالة محطة تقوية الجوال نهائيا.

وأعاد اعتصام أهالي مركز العياط الذي يقع في بداية محافظات صعيد مصر، ذكريات اعتصام أهالي محافظة قنا بجنوب مصر والذي استمر لمدة 10 أيام على شريط السكة اعترضا على تعيين محافظ مسيحي وهو اللواء عماد شحاتة، وقد استجابت الحكومة لمطالب المتظاهرين وقررت تجميد نشاط شحاتة لمدة 3 أشهر وتكليف ماجد عبد الكريم سكرتير عام المحافظة بإدارة أعمال المحافظة.

وعند مدخل مدينة طنطا بمحافظة الغربية سادت حالة من الفزع والرعب بين ركاب القطار رقم 964 القادم من دمياط مرورا بطنطا متجها إلى القاهرة، نتيجة خروجه عن القضبان بسبب عطل في التحويلات، وحسب رواية محمد فتحي، أحد ركاب القطار، فإن الكثير من الركاب أصيبوا برضوخ وكدمات نتيجة السرعة والتدافع، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «خروج القطار تسبب في تعطيل حركة السير لمدة 7 ساعات»، لافتا إلى أنها ليست المرة الأولى التي يخرج فيها نفس القطار عن القضبان وسبق أن خرج عن القضبان منذ ثلاثة أشهر، ولم يتحرك أي مسؤول. وعلق مصدر أمني أن الحادث لم يسفر عن إصابات، وأن قوات الحماية المدنية وسيارات الإسعاف توجهت إلى مكان الحادث لرفع عربات القطار لإعادتها مرة أخرى إلى القضبان، لافتا إلى أن حركة القطارات توقفت نهائيا داخل محطة سكة حديد وسط الدلتا (المفصلية)، مشيرا إلى أنه تم إجراء تحقيق لمعرفة ملابسات خروج القطار عن القضبان.

إلى ذلك، تجمهر مئات العاملين بالشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق في محطة السادات بقلب ميدان التحرير بالقاهرة، احتجاجا على تجاهل مطالبهم الفئوية، التي تتمثل في الارتقاء بمستوى الرواتب، وإقالة قيادات الشركة، ونقل تبعيتهم إلى هيئة السكك الحديدية، وتفعيل قرار يوم العمل الذي أصدره الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء وقتما كان وزيرا للنقل، والذي يقضي بحصول العامل على بدلات نقدية مقابل العمل في أيام إجازته أو ساعات عمل إضافية، وتعيين أبناء العاملين. وشهدت المحطات تكدسا نتيجة الزحام وامتناع السائقين عن قيادة القطارات، وقال المعتصمون إنهم لم يحصلوا على الخدمات الطبية اللازمة رغم ما يتم خصمه من رواتبهم بشكل شهري نظير هذه الخدمة، مشيرين إلى أنهم سبق وتقدموا ببلاغ في فبراير (شباط) الماضي للنيابة الإدارية ضد رئيس شركة جهاز تشغيل المترو بتهمة إهدار المال العام في المترو، مؤكدين على اعتزامهم الاستمرار في الاعتصام والتصعيد إلى إضراب عن العمل والطعام خلال الفترة المقبلة، إذا لم يستجب لمطالبهم. وقال مايكل فهيم، أحد العاملين بالمترو، لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات المترو يهدرون المال العام في إزالة الأرصفة (السلالم) التي تصلح لأعوام، بحجة تركيب سلالم كهربائية بدلا منها، مؤكدا أنه على الرغم من مكاسب المترو اليومية، فإن المسؤولين يدعون أن هناك عجزا في الميزانية وأن المترو به خسائر كبيرة.

وفي سياق متصل اعتصم المئات من سكان المخيمات في مدينة السلام أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) بالقاهرة، وقطعوا طريق الكورنيش مفترشين الأرض، لمطالبة الحكومة بتنفيذ وعودها لهم.