كردستان: انتقادات حادة لمشاركة وزير الأوقاف في مراسم ذكرى وفاة الخميني

مثقفون مستاؤون من تنظيم الاحتفال في قاعة تحمل اسم مؤسس «جمهورية مهاباد» الكردية

مربوان النقشبندي
TT

وجه مسؤول رفيع المستوى في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بحكومة إقليم كردستان انتقادات حادة إلى وزيره بسبب مشاركته في مراسم احتفالية بمناسبة ذكرى وفاة الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فيما دعت مجموعة كبيرة من المثقفين الكرد وممثلي منظمات المجتمع المدني إلى تغيير اسم قاعة «القائد» الذي يرمز إلى القاضي محمد مؤسس جمهورية مهاباد الكردية في إيران والذي أعدمته السلطات الإيرانية إلى «قاعة الخميني».

ففي تصريح أدلى به مريوان النقشبندي مدير عام المكتب الإعلامي بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بحكومة الإقليم أكد أن «الاحتفال بذكرى وفاة الخميني أصبحت تشكل ظاهرة سياسية في إقليم كردستان رغم المواقف السلبية الكثيرة للنظام الإيراني تجاه إقليم كردستان وتدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية العراقية، إلى جانب أن تلك الاحتفالات الصاخبة تثير مشاعر الشباب الكردي خصوصا مع تزايد حملات الإعدام التي تنفذها السلطات الإيرانية ضد الناشطين الشباب الكرد داخل إيران». وأضاف النقشبندي أن «وزير الأوقاف ألقى خطابا في مراسم الاحتفال بوفاة الخميني باسم الوزارة من دون أن يستشير ولو مسؤولا واحدا من داخل الوزارة، وهذا أمر خارج سياقات العمل الحكومي الذي يفترض أن يستشير الوزير طاقمه والعاملين معه للتنسيق والتشاور في مثل هذه المناسبات، وأنه حتى لو كانت هناك حاجة لمشاركة مندوب عن حكومة الإقليم في مثل هذه المناسبات فمن المفترض أن يمثلها أحد موظفي دائرة العلاقات الخارجية التابعة لحكومة الإقليم وليس وزارة الأوقاف». وأشار النقشبندي إلى أنه «ليس ضد الخميني ودوره في تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، ولكن الاحتفال بذكرى وفاته والعديد من المناسبات الأخرى المتعلقة بإيران له أهداف سياسية يجب على وزارة الأوقاف أن لا تقحم نفسها بها، والأولى بالوزير أن يقوم بمهامه الاعتيادية المحددة له باعتباره وزيرا بالحكومة وليس تغليب الصفة الحزبية على نشاطاته». يذكر أن وزير الأوقاف في حكومة الإقليم هو كامل الحاج علي عضو قيادي بالحركة الإسلامية الكردستانية التي ولدت في ثمانينات القرن الماضي من داخل إيران أثناء الثورة النضالية الكردية في جبال كردستان.

وفي سياق متصل تقدم المئات من المثقفين وممثلي منظمات المجتمع المدني والنشطاء السياسيين في كردستان بمذكرة إلى رئيس الإقليم مسعود بارزاني يطالبونه بتغيير اسم قاعة «بيشه وا» (القائد) إلى «قاعة الخميني».

وكانت حكومة الإقليم قد سمت إحدى القاعات الرئيسية بوزارة الثقافة الكردية باسم القاضي محمد أول رئيس جمهورية في تاريخ الشعب الكردي والتي أعلنت في مدينة مهاباد الكردية عام 1946 والتي انهارت بعد أحد عشر شهرا جراء سحب الاتحاد السوفياتي في تلك المرحلة دعمه للجمهورية التي تأسست بدعمه، وألقت السلطات الإيرانية على إثره القبض على مؤسس الجمهورية وأعدمته بساحة «جوار جرا» الساحة الرئيسية بمدينة مهاباد مع مجموعة أخرى من رفاقه.

وأشارت المذكرة، حسب ما جاء في وسائل إعلام محلية، إلى أنه جرى للسنة الثالثة على التوالي الاحتفال بذكرى وفاة الخميني الذي أصدر فتوى دينية بالجهاد ضد الشعب الكردي بكردستان الإيرانية في بدايات تأسيس الجمهورية الإسلامية، وتجري هذه المراسم الاحتفالية بقاعة «بيشه وا» التابعة لوزارة الثقافة بحكومة الإقليم و«يصور خلالها الخميني بأنه قائد الأحرار بالعالم كله. ورغم أن العديد من المثقفين والنشطاء المدنيين يدينون كل سنة هذه الاحتفالات الضخمة التي يقيمها مسؤولو جمهورية إيران الإسلامية هنا في كردستان بهدف جرح المشاعر القومية للشعب الكردي وبنفس هذه القاعة، فإننا نسأل السادة المسؤولين في إقليم كردستان عن أسباب استخدام هذه القاعة بالذات للاحتفال بمراسم موت الخميني من بين كل هذه القاعات الكبيرة المنتشرة في أربيل والتي تصلح بشكل أفضل للاحتفال بتلك المناسبة، إن الإصرار على استخدام تلك القاعة التي تحمل اسم مؤسس أول جمهورية كردية يثير الكثير من الأسئلة». وأضاف المثقفون في بيانهم «إن الشعب الكردي في شرق كردستان يعاني منذ أكثر من ثلاثين سنة من القمع والاضطهاد على يد النظام الاستبدادي بالجمهورية الإسلامية، وأن الوجوه الكالحة لملالي إيران تكشفت لجميع العالم كيف أنهم يعادون كل الحقوق والحريات الإنسانية للشعوب الإيرانية عموما، والشعب الكردستاني هناك على وجه الخصوص، ولذلك فإننا نعلن أن رسم وتحديد العلاقات بين السلطات الكردية في إقليم كردستان والجمهورية الإسلامية شأن خاص بالطرفين، ولكننا لا نسمح أن يتلاعب مسؤولو الإقليم بالقيم والمقدسات لدى الشعب الكردي وأن يضحوا بها من أجل علاقاتهم مع إيران، ونؤكد أن الاحتفال بموت الخميني للسنة الثالثة على التوالي يدل على عدم احترامهم لمشاعر الشعب الكردي، وأن هذه الاحتفالات لا تخدم سوى أعداء هذا الشعب».

ووقع البيان أكثر من 150 ناشطا سياسيا ومدنيا إضافة إلى مثقفين يمثلون مختلف المنظمات الكردية المنتشرة في الدول الأوروبية وأميركا، إلى جانب العديد من المنظمات الإيرانية، منها تجمع النساء الكرد على «فيس بوك» ومركز «بيشة وا» في النرويج ومركز النساء في كولن وتجمع السجناء السياسيين وغيرها من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان الكردية.