الوكالة الذرية تصعد ضد سوريا.. وأمانو يدافع عن قراره بوجود مفاعل سري في دير الزور

مدير الوكالة قال خلال الاجتماع الأول في فيينا: تلقينا ما يكفي من معلومات لكي نخلص إلى نتيجة

السفير السوري لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسام الصباغ يتحدث في اجتماع للوكالة لدى مناقشة وجود مركز نووي سوري في دير الزور أمس (إ ب أ)
TT

صعّد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، الضغوط على سوريا وإيران، المتهمتين بالقيام بأنشطة نووية غير قانونية، مع بدء مجلس حكام الوكالة اجتماعه في فيينا، أمس، الذي يستمر نحو أسبوع.

وتتهم كل من دمشق وطهران بالسعي الحثيث لتعطيل تحقيقات الوكالة الذرية في «الأنشطة النووية غير المشروعة»، وهي التحقيقات المستمرة منذ أمد طويل. وكان أمانو قد أصدر بنهاية مايو (أيار) تقريرين جديدين، أورد فيهما أن إيران تواصل تخزين اليورانيوم منخفض التخصيب، متحدية العقوبات المتعددة التي فرضتها الأمم المتحدة، ورافضة الرد على الاتهامات بوجود أبعاد عسكرية محتملة لبرنامجها النووي المثير للجدل، أما سوريا، فيتعلق الاتهام الموجه لها ببناء مفاعل ذري سري في موقع صحراوي ناءٍ، بينما لم تسمح لمفتشي الأمم المتحدة بزيارة مواقع ولا الاطلاع على بيانات أو مقابلة أفراد، مما يعزز الاتهامات الموجهة إليها.

ودافع أمانو، خلال اليوم الأول من اجتماع مجلس حكام الوكالة، عن قراره بالكشف عن اعتقاده بأن الموقع السوري المشتبه كان «على الأرجح» مفاعلا نوويا سريا، وهو ما قالته الولايات المتحدة أيضا.

وقال أمانو محدثا المجلس الذي تناط به صلاحية تحديد سياسات الوكالة: «أتاحت الوكالة للحكومة السورية متسعا من الوقت للتعاون بشكل كامل فيما يتعلق بموقع دير الزور، غير أن سوريا لم تفعل ذلك».

وأضاف أمانو، وفق نسخة من حديثه تلقاها الصحافيون: «غير أننا تلقينا ما يكفي من معلومات لكي نخلص إلى نتيجة، وقد رأيت أنه من المناسب إبلاغ الدول الأعضاء بما خلصنا إليه عند هذه المرحلة؛ إذ لم يكن من صالح أي جهة السماح لهذا الوضع بالاستمرار لأجل غير مسمى».

وتقول تقارير مخابرات أميركية إن موقع دير الزور كان يضم مفاعلا نوويا تحت الإنشاء من تصميم كوريا الشمالية، بهدف إنتاج البلوتونيوم اللازم لصنع قنابل نووية. ولطالما نفت دمشق تلك الاتهامات، قائلة إن موقع دير الزور كان منشأة عسكرية غير نووية، ولكنها لم تقدم ما يدلل على قولها، كما رفضت مرارا السماح للوكالة بزيارة الموقع لإيضاح الموقف.

وقال أمانو، خلال حديثه في الاجتماع الذي يستمر عادة أسبوعا، في يونيو (حزيران): «أنا مرتاح وواثق من سلامة ما خلصنا إليه، وأتطلع لمزيد من العمل مع سوريا لتسوية القضايا العالقة ذات الصلة».

ومن المتوقع أن تقترح الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مسودة قرار على اجتماع المجلس، ينص على أن دمشق «غير مذعنة لالتزاماتها الدولية، ومن ثم يتم إحالتها لمجلس الأمن في نيويورك».

ويشير الدبلوماسيون الغربيون إلى وجود أغلبية كافية بين أعضاء مجلس حكام الوكالة، وعددهم 35 عضوا، لتبني القرار، لكنهم يقولون إنه «من السذاجة» الاعتقاد بحصوله على إجماع، على حد تعبير بعضهم.

وعن التحقيق الذي تباشره الوكالة الذرية في الشأن النووي الإيراني منذ سنوات، قال أمانو إن الوكالة: «تلقت معلومات إضافية تشير إلى أنشطة نووية سرية محتمل أن تكون قد جرت في الماضي، أو ربما تجري حاليا، يبدو أنها تشير لوجود أبعاد عسكرية للبرنامج النووي الإيراني. وتطالب الوكالة إيران منذ أمد طويل بالرد على الاتهامات، ولكن دون جدوى حتى الآن؛ إذ تكتفي إيران برفض الأدلة التي تدعم تلك الاتهامات، معتبرة إياها «ملفقة» و«لا أساس لها»، رافضة الخوض أكثر في الأمر.

ويقول أمانو إن «ثمة إشارات إلى أن بعض تلك الأنشطة ربما استمرت حتى وقت قريب»، ويشتبه الغرب منذ فترة طويلة في أن الجمهورية الإسلامية تسعى لبناء قنبلة تحت غطاء برنامج مدني للطاقة النووية، وهو الاتهام الذي ترفضه طهران في كل مناسبة.

وعلى الرغم من مرور ثماني سنوات من التحقيقات المكثفة، ما زالت الوكالة الذرية تجد نفسها غير متمكنة من الجزم بما إذا كانت الأنشطة النووية الإيرانية سلمية، كما تقول إيران.

من جهة ثانية انتقد أمانو، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إسرائيل، أمس، لقصفها وتدميرها لموقع يعتقد أنه مفاعل سوري في عام 2007، وقال إنه كان ينبغي إحالة الأمر للوكالة.

ومن المتوقع أن يوجه مجلس محافظي الوكالة اللوم لسوريا، في وقت لاحق هذا الأسبوع، بسبب أنشطتها النووية السرية، لكن الضغط الغربي لإحالة القضية لمجلس الأمن الدولي لم يلق مساندة من عدة دول، من بينها روسيا. وقال أمانو في بيان لمجلس محافظي الوكالة: «من المؤسف للغاية أن المنشأة دمرت في قصف إسرائيلي مزعوم، دون أن تتاح الفرصة للوكالة للقيام بدورها في التحقق».

وجاء في نسخة من تصريحاته في جلسة مغلقة قوله: «بدلا من استخدام القوة، كان ينبغي عرض القضية على الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، ولم تؤكد إسرائيل أو تنف قصف الموقع، ولم تعلق على نوع المنشأة التي كانت هناك. ويسود الاعتقاد بين دبلوماسيي ومسؤولي الوكالة بأن إسرائيل هي التي نفذت الهجوم.

وفي مذكراته التي نشرت العام الماضي، قال الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، إن إسرائيل قصفت الموقع، بعدما فشلت في إقناع إدارته بشن الهجوم.