اليمن: «شباب الثورة» يمهلون نائب الرئيس والمعارضة 24 ساعة لتشكيل مجلس انتقالي

أنباء عن أن صالح تعرض لهجوم بقنبلة وليس بقصف من الخارج

عدد من رجال القبائل المسلحين يقفون أمام منزل الشيخ صادق الأحمر الذي أصيب بأضرار في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

تشهد الساحة اليمنية حراكا سياسيا ودبلوماسيا لمناقشة الأوضاع المتردية على مختلف الصعد، وبالأخص بعد إصابة رئيس البلاد، علي عبد الله صالح، في هجوم لا يزال غامضا، على قصره، الجمعة الماضي، وإصابة معظم كبار رجال الدولة في الهجوم، هذا في وقت ترتفع فيه الأصوات المطالبة بتشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون الحكم بعد خروج صالح من البلاد للعلاج في السعودية.

وتواصل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، المساعي لتسهيل انتقال السلطة في اليمن ووقف المواجهات العسكرية التي دارت الأسبوعين الماضيين، وقالت مصادر مطلعة إن سفيري واشنطن ولندن وسفيرة الاتحاد الأوروبي بصنعاء، التقوا باللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، قائد الفرقة الأولى مدرع، الذي أعلن في مارس (آذار) الماضي، انضمامه وتأييده للثورة الشبابية السلمية، وأشارت المصادر إلى أن اللقاءات التي أجراها الدبلوماسيون الغربيون مع الأحمر، تركزت على عملية إعادة إحياء المبادرة الخليجية التي كان الأحمر قبل بها، إضافة إلى عملية نقل السلطة في الوقت الراهن وخيارات ذلك والعقبات التي قد تحول دون انتقال السلطة.

في السياق ذاته، قالت بريطانيا إنها ستعمل مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي «على مساعدة اليمن في الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية»، جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس، بنائب الرئيس اليمني والقائم بأعماله، الفريق عبد ربه منصور هادي، وحسب مصادر رسمية يمنية، فإن كاميرون أكد لهادي أن «المملكة المتحدة تعتبر أن اليمن يهم بريطانيا والمنطقة والأمن العالمي وستدعم كافة الإجراءات للمساعدة في محاربة تنظيم القاعدة في إطار التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب».

وأشارت المصادر إلى أن القائم بمهام الرئيس اليمني اطلع رئيس الوزراء البريطاني على «مجريات الأحداث ووضعه في صورة بعض تفاصيلها»، وشدد هادي على «ضرورة التعاون من قبل الجميع لإخراج اليمن من الأزمة الراهنة»، وقال إن «على المؤتمر الشعبي العام والمعارضة تغليب المصلحة العليا للوطن ووضعها فوق كل الاعتبارات لتحقيق الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي». وعقدت حكومة تصريف الأعمال اليمنية، أمس، أول اجتماع لها بعد تفجير الجمعة، برئاسة وزير الإعلام، بصفته أقدم الوزراء في الحكومة، وفي ظل غياب رئيسها الدكتور علي محمد مجور ونائبيه الذين أصيبوا في التفجير، وأصدر مجلس الوزراء بيانا اعتبر فيه حادث التفجير الذي استهدف مسجد النهدين داخل قصر الرئاسة بأنه يهدف إلى الدفع باليمن إلى «غمار الفتنة الشاملة والاحتراب الأهلي»، وشدد على أن «هذه الجريمة لن تمر دون أن يلقى منفذوها والمخططون لها ومن تعاون معهم الجزاء العادل».

وأكدت الحكومة اليمنية أن أجهزة الأمن المختصة تواصل تنفيذ قرارات اتخذت بشأن «متابعة كافة الإجراءات المتصلة بالتحريات والتحقيقات بهدف إطلاع الرأي العام في اليمن والعالم على كل ما يسفر عنه ذلك من نتائج أولا بأول بما في ذلك العمل المتواصل من أجل تثبيت وقف إطلاق النار والالتزام بإنهاء المظاهر المسلحة ووضع كافة قرارات اللجنة الأمنية المتخذة برئاسة نائب رئيس الجمهورية موضع التنفيذ».

وشهدت العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات اليمنية، أمس، مظاهرات حاشدة لتأكيد «استمرار الثورة» وللمطالبة بسرعة تشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد حتى تعديل الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وبعدم عودة صالح من السعودية، وأكد المتظاهرون على سلمية الثورة، ونظمت مظاهرات صنعاء بالقرب من منزل القائم بمهام الرئيس، عبد ربه منصور هادي الكائن في شارع الستين الذي يتظاهر فيه، أسبوعيا، المطالبون برحيل النظام، وهتف المتظاهرون أمام المنزل، برفض عودة صالح، كما هتفوا للضغط على هادي لسرعة تشكيل مجلس انتقالي باعتباره يمارس صلاحياته الدستورية، وأعطى شباب الثورة مهلة 24 ساعة للقائم بمهام الرئيس والمعارضة وغيرها من الكيانات، لتشكيل المجلس الانتقالي، وهددوا بتشكيل المجلس بأنفسهم بعد انقضاء المهلة. وتأتي هذه المطالب في وقت ما زال فيه الجدل يحتدم حول الوضع الصحي للرئيس علي عبد الله صالح، الذي يخضع للعلاج في المستشفى العسكري بالعاصمة السعودية الرياض، هذا في وقت كشفت فيه مصادر أميركية مسؤولة عن أن الرئيس صالح أصيب بحروق بنسبة 40 في المائة من جسمه، وأن إحدى رئتيه انهارت، ونقلت شبكة «سي إن إن» عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن «قنبلة تسببت به وليس هجوما من الخارج»، فيما أضاف «مصدر دبلوماسي عربي مطلع على الحالة الصحية لصالح أن إحدى الشظايا تسببت بجرح عمقه 7 سنتيمترات».

على الصعيد الأمني، ذكرت مصادر مطلعة أن لجنة عسكرية برئاسة اللواء غالب مطهر القمش، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، شرعت، أمس، في تطبيق اتفاق الهدنة بين السلطات وزعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر، ويقضي الاتفاق بوقف إطلاق النار بين الطرفين وسحب القوات الموالية لصالح من حي الحصبة وإعادتها إلى ثكناتها، مقابل إخلاء الوزارات والمؤسسات الحكومية التي استولى عليها مسلحو الأحمر خلال المواجهات طوال الأسبوعين الماضيين.

ورغم أجواء التهدئة، فإن التصعيد الإعلامي والاتهامات ما زالت مستمرة، حيث اتهمت وزارة الدفاع اليمنية من وصفتها بـ«ميليشيات الفرقة الأولى مدرع» بنشر أكثر من 300 مسلح بزي مدني في بعض مناطق العاصمة صنعاء، وذلك تحضيرا لمهاجمة منشآت حكومية، كما اتهمت ذات المصادر، قوات اللواء الأحمر بإعداد انتحاريين من تنظيم القاعدة لتنفيذ عمليات انتحارية ضد شخصيات قيادية في الدولة. وأضافت تلك المصادر أن انفجارا وقع في مقر قيادة الفرقة «أودى بحياة 5 ضباط لدى تجهيزهم لعنصر ينتمي إلى تنظيم القاعدة لتنفيذ عملية انتحارية بحزام ناسف تستهدف أحد القيادات البارزة بالدولة وتوفي الانتحاري مع الضباط أثناء انفجار الحزام الناسف».

في موضوع آخر، عززت قوات الفرقة الأولى مدرع في صنعاء، أمس، من الإجراءات الأمنية حول منزل نائب الرئيس أو «الرئيس المؤقت»، وذلك بعد أن أحبطت تلك القوات، هجوما على المنزل، قامت به مجاميع قبلية مسلحة، وأسفر إحباط الهجوم عن مقتل عدد من المهاجمين وجرح جندي، غير أن المصادر الرسمية اليمنية لم تؤكد أو تنفِ هذه الواقعة.

على صعيد آخر، استمرت المواجهات المسلحة في محافظة أبين بين القوات الحكومية ومسلحين تقول السلطات إنهم ينتمون لتنظيم القاعدة، وقالت السلطات إن 30 مسلحا لقوا مصرعهم في المواجهات بينهم القيادي حسن العقيلي، وصرح مصدر عسكري مسؤول في المنطقة العسكرية الجنوبية أن من وصفهم بـ«أبطال القوات المسلحة والأمن» في محافظة أبين، تمكنوا من إلحاق «خسائر فادحة» في صفوف «العناصر الإرهابية» بمدينة زنجبار ومنطقة دوفس، وأشار المصدر إلى أن مواجهات عنيفة دارت في معركة استمرت أكثر من 3 ساعات وأسفرت عن مقتل 30 مسلحا، بينهم العقيلي القيادي في «القاعدة» بمحافظة مأرب.