القذافي يقسم على البقاء في طرابلس «ميتا أو حيا».. وحكومته تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن

قال لـ«الناتو»: يا أولاد الحرام.. عليكم الانسحاب والتوبة

الدخان يتصاعد في طرابلس بعد غارة جوية لطائرات حلف الناتو أمس (رويترز)
TT

قطع العقيد الليبي معمر القذافي اختفاءه بظهور مفاجئ أمس عبر رسالة صوتية وجهها للشعب الليبي كرر خلالها تعهده بالصمود والتحدي في مواجهة القصف العنيف والمكثف الذي تشنه طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) على مقر إقامة القذافي الحصين في ثكنة باب العزيزية بالعاصمة الليبية طرابلس.

وفى أحدث تسجيل صوتي، قال القذافي إنه عازم على الصمود والتحدي، مضيفا: «روحي بيد الله، ولا نفكر في الحياة والموت.. لا نفكر سوى في القيام بالواجب، وهو الدفاع عن ليبيا.. بلادنا».

واعتبر القذافي، الذي لم يظهر علانية منذ نحو أسبوع، في كلمة مفاجئة بثها التلفزيون الرسمي الموالي له، أن الشعب الليبي يعيش ساعات مجيدة ستفخر بها الأجيال. وبدت نبرة القذافي، الذي شوهد على التلفزيون الرسمي آخر مرة في 30 مايو (أيار) الماضي، حادة، تعبيرا، على ما يبدو، عن قلقه على سلامته الشخصية وسلامة عائلته جراء القصف المتواصل لقوات حلف الناتو ضد مقره في باب العزيزية.

وقال القذافي مخاطبا الناتو: «أيها الجبناء لن تروعوا طرابلس التي تحطمت على صخرة مقاومتها كل أحلام الغزاة. هذه حملة بربرية من أجل إخضاعها، لكننا لن نخضع ولن نستسلم. أمامنا خيار واحد. بلادنا ونحن فيها. الموت والنصر لا يهم. لن نستسلم ولن نبيعها. أيها الطاغون يا أولاد الحرام.. أنتم أمامكم عدة خيارات؛ الرجوع لبلادكم والتوبة من هذا الذنب والانسحاب والندم ومغادرة ليبيا».

وأضاف: «لديكم عدة خيارات.. لكن نحن لدينا خيار واحد. هذه بلادنا ونحن فيها إلى النهاية. الشعب الليبي سيحسم المعركة وسيخضعكم لإرادته. الشعب الليبي يجب أن يزحف بشكل مليوني باتجاه أي منطقة بها عصابات مسلحة تستنجد بكم لتصبوا ناركم علينا».

وقال: «الشعب الليبي سيزحف شرقا أو غربا وفى أي مكان توجد فيه العصابات المسلحة لتجريدها من السلاح دون قتال. سيزحف ربع مليون أو نصف مليون ليبي لفعل ذلك.. رجال ونساء وشيوخ وأطفال، سنفعل ذلك لتحرير بلادنا. لن نخون تاريخنا وأنفسنا». وأضاف: «صوبوا ناركم فلن تجدوا جبانا. وإرادة الشعب الليبي أكبر من حديدكم وناركم. لن تكون أول مرة تهزمون فيها».

وتابع القذافي موجها حديثه لأنصاره: «أخاطب الشعب الليبي الذي يعيش ساعات مجيدة وروحا معنوية عالية تفخر بها الأجيال والأولاد والأحفاد، أننا سنهزمهم ولا يهمني الموت، فنحن قررنا أن نقوم بواجبنا الذي يجب أن نقوم به تجاه التاريخ». وقال متسائلا ومخاطبا الناتو في الوقت نفسه: «ماذا تريدون؟ هل عبرنا البحر للهجوم عليكم، لماذا القصف؟»، وأضاف: «نحن لن نخضع، ونرحب بالموت»، لافتا إلى أن الشعب الليبي عزيمته قوية وقد تلقى الصواريخ التي ضربت باب العزيزية، بصدور عارية، رجالا ونساء.

ومضى القذافي في كلمته قائلا: «لا يهمنا الموت، وإنما يهمنا واجبنا، فلو متنا أو استشهدنا أو انتحرنا أو انتصرنا فلا يهمنا سوى القيام بواجبنا من أجل التاريخ والماضي والمستقبل»، مشيرا أن نسوة ليبيا يأتين بالآلاف يوميا للتدريب على حمل السلاح. وقال القذافي: «أولادنا وأحفادنا سيفخرون بنا. لا يهمنا الموت، وقررنا أن نقوم بواجبنا.. ومعركة فرضت علينا ظلما وعدونا ولم نكن سببا فيها أبدا». وأضاف: «قررنا أن نقوم بواجبنا تجاه التاريخ والأجداد الذين ضحوا من أجل ليبيا والأحفاد الذين يعيشون في ليبيا». وخاطب حلف الناتو والتحالف الغربي المؤيد للثوار المناهضين له قائلا: «أنتم تحرثون في البحر والرمل، وتجرون وراء السراب. ماذا تريدون.. ماذا تريدون؟ هل اعتدينا عليكم؟ هل هددناكم؟ هل عبرنا البحر؟ لن نخضع أبدا. نحن نرحب بالموت».

وتابع العقيد الليبي قائلا: «الحياة إذا كانت تحت حلف الأطلسي وتحت طائراتكم وصواريخكم، لا نريدها. الاستشهاد أفضل مليون مرة». واستطرد مخاطبا الليبيين: «أيها الشعب الليبي دعوا معنوياتكم عالية ورؤوسكم مرفوعة. لن يخضع الشعب الليبي. لا يهمنا النصر. ما يهمنا هو واجبنا الذي نقوم بها، سواء انتصرنا أو انتحرنا لا يهمنا.. يهمنا واجبنا فقط تجاه التاريخ والماضي والمستقبل».

إلى ذلك، أعلنت الحكومة الليبية التي يترأسها الدكتور البغدادي المحمودي أنها قررت الاستمرار في توفير السلع الأساسية والأدوية وتوزيعها على المواطنين كافة في كل أنحاء ليبيا، وتسهيل وصولها إليهم بكل يسر، بالإضافة إلى التنسيق مع الأمم المتحدة في ما يتعلق بالإفراج عن المبالغ المجمدة من أموال الشعب الليبي لتوفير الغذاء والدواء والوقود وغيرها، والعمل على رفع الحظر البحري عن ليبيا حتى يتم وصول هذه السلع إلى الشعبيات كافة بما في ذلك شعبيات بنغازي والمرج والبيضاء ودرنة وطبرق.

وطلبت الحكومة الليبية من أعضاء مجلس الأمن عقد جلسة طارئة لمراجعة تنفيذ قراريه الأخيرين بشأن ليبيا وما يتعرض له الشعب الليبي نتيجة لهذه التجاوزات والانتهاكات، كما قررت تكليف وزارة العدل الليبية برفع قضايا ضد حلف الناتو وعدوانه على الشعب الليبي وضد كل من تسبب وساهم في هذا العدوان.

إلى ذلك، ظهر أمس الفريق أبو بكر جابر يونس، وزير الدفاع الليبي مجددا في ما بدا أنه بمثابة نفي لاعتقاله أو إقدام القذافي على تصفيته جسديا، كما ردد معارضون ليبيون على مدى الأسابيع القليلة الماضية. وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن يونس زار الجرحى والمصابين بسبب قصف الناتو، الذين يتلقون العلاج في أحد المستشفيات بمنطقة الجفرة.

إلى ذلك، أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أن انفجارات جديدة هزت طرابلس أمس بعد دقائق من بث تسجيل صوتي للعقيد القذافي على التلفزيون الرسمي.

وكانت أسراب متلاحقة من طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) قصفت طرابلس أمس في واحد من أعنف أيام القصف لأهداف في العاصمة الليبية.

وقال مراسل لـ«رويترز» في وسط طرابلس إنه بحلول ظهر أمس نفذت طائرات حلف شمال الأطلسي هجمات متكررة كل ساعة على مواقع مختلفة من المدينة، مما أدى إلى تحطم النوافذ وتصاعد الدخان الأسود في الأجواء. وسمع طوال الوقت أزيز الطائرات وهي تمرق في السماء.

وكانت طرابلس تتعرض من قبل لعدد محدود من الهجمات في اليوم الواحد، ويحدث ذلك عادة ليلا. وتصاعدت وتيرة القصف بشكل مطرد خلال اليومين الماضيين ووصلت إلى قصف متواصل أمس.

من جهة أخرى، أعلنت البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة لوكالة الصحافة الفرنسية، أن وزير العمل الليبي الأمين منفور انشق عن نظام معمر القذافي أثناء وجوده في جنيف لحضور اجتماع منظمة العمل الدولية، مؤكدة بذلك معلومات صحافية في هذا الصدد.