موسكو تكشف عن استعدادها لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا

بينما بدأ مبعوثها وساطته في بنغازي

ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية خلال وصوله إلى مطار بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

في خطوة غير مسبوقة وعلى نحو مفاجئ، أعلن فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس الاتحاد الروسي، عن استعداد المجلس للنظر في مشاركة روسيا في أي عملية عسكرية تجري في ليبيا في حال إقرار مجلس الأمن لمثل هذه العملية.

وكانت موسكو الرسمية حرصت منذ اندلاع الأحداث في ليبيا على الابتعاد عما من شأنه التورط في أي عمليات عسكرية في ليبيا، حرصا من جانبها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأجنبية، حسب ما قالت المصادر الرسمية، وبغية الحفاظ على مصالحها الاقتصادية هناك، وهو ما ظهر جليا في العديد من التصريحات التي أعقبت إقالة الرئيس ديمتري ميدفيديف لسفيره في طرابلس، وظهور بوادر الخلاف مع رئيس حكومته فلاديمير بوتين حول موقف روسيا من القرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن.

ويذكر المراقبون تأكيد موسكو رفضها للخيار العسكري في ليبيا وإدانتها لما وصفته بالتطبيق الخاطئ للقرار 1973 بشأن فرض الحظر الجوي من جانب قوات الناتو.

ومن اللافت أن هذا التصريح الصادر عن المسؤول البرلماني الكبير جاء في توقيت مواكب للزيارة التي بدأها أمس ميخائيل مارغيلوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، لليبيا في مهمة وساطة بتكليف شخصي من الرئيس ديمتري ميدفيديف.

ونقلت وكالة «إنترفاكس»عن أوزيروف قوله إن روسيا لم تكن لتعتزم المشاركة في مثل هذه العملية، لكنها تعرب عن استعدادها للمشاركة في أي قوات لحفظ السلام في ليبيا.

وأكد أوزيروف أن مجلس الاتحاد سيوافق فورا على أي طلب للرئيس الروسي بهذا الشأن، مشيرا إلى أن القوات الروسية تملك خبرات واسعة في مجال حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة مثلما سبق وحدث في البوسنة والهرسك ومقدونيا وكوسوفو.

وكان الموقف الروسي قد اتسم بالتردد والانقسام تجاه الأوضاع في ليبيا قبيل صدور قراري مجلس الأمن، وهو الموقف الذي انتهى باعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي واستقبالها لممثليه في موسكو، وهو ما تلاه انضمام الرئيس ميدفيديف إلى بيان الثماني الكبار في قمة دوفيل الفرنسية، الذي تضمن الإشارة إلى عدم شرعية القذافي وضرورة رحيله.

ويذكر المراقبون الكثير من التصريحات التي اعترف الجانب الروسي فيها بحرصه على مصالحه الاقتصادية في ليبيا، التي تزيد على 14 مليار دولار.

وكان المبعوث الخاص للكرملين قد وصل أمس إلى بنغازي، معقل الثوار في شرق ليبيا، لمحاولة «إجراء حوار» بين طرابلس والتمرد الذي ما زال يطالب بتنحي القذافي، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مارغيلوف، أول مبعوث روسي يزور بنغازي منذ بداية الانتفاضة في منتصف فبراير (شباط) الماضي، للصحافيين لدى وصوله إلى مطار بنغازي «جئنا إلى بنغازي لتسهيل الحوار بين الفريقين».

وأوضح أنه سيزور القاهرة اليوم، وأنه «سيكون مستعدا في وقت لاحق للتوجه إلى طرابلس»، من دون أن يحدد الموعد.

والتقى مرغيلوف ممثل الكرملين في أفريقيا، مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي (القيادة السياسية في الثورة)، ومساعده محمد جبريل، والمسؤول العسكري عمر الحريري، في بنغازي.

وفي نهاية محادثاته، كرر مارغيلوف القول أمام الصحافة التزام بلاده الحوار، مع تأكيده «نرى أن القذافي فقد شرعيته منذ الرصاصة الأولى التي قتلت بريئا».

واعتبر مبعوث الكرملين أن «الغارات الجوية (للحلف الأطلسي) لا تحل المشاكل»، وشدد على القول «نؤيد حلا سياسيا ولا نؤيد تصعيدا عسكريا».

من جهته، أكد وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، في أوسلو أمس، أن روسيا لا تسعى إلى أن تضطلع بـ«الدور الرئيسي» في وساطة بليبيا، معتبرا أن هذا الدور يعود للاتحاد الأفريقي، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال لافروف ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول النتائج الحالية للوساطة الروسية في ليبيا: «لم نسع أبدا إلى أن نضطلع بالدور الرئيسي في وساطة في ليبيا».

ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن لافروف قوله قبل مؤتمر موسع للدول المطلة على البلطيق في العاصمة النرويجية: «قلنا مرارا إن الدور الرئيسي (في الوساطة) للاتحاد الأفريقي».

ودعا الرئيس ديمتري ميدفيديف العقيد القذافي إلى التنحي عن السلطة، وذلك في القمة الأخيرة لمجموعة الثماني في فرنسا، منتقدا في الوقت نفسه العمليات العسكرية للحلف الأطلسي في ليبيا، ومعتبرا أن الأطلسي قد تجاوز تفويض الأمم المتحدة. وأضاف «نحن مستعدون لمساعدة الشعب الليبي على المستويين السياسي والاقتصادي».

ورد مسؤول الإعلام في المؤتمر الوطني الانتقالي، محمود شمام، بأن المؤتمر الوطني الانتقالي مستعد «لتسلم المساعدة المالية من جانب روسيا، ليس بعد غد إنما غدا».

وأكد أن أول شيء قاله المؤتمر الوطني الانتقالي للمبعوث الروسي، هو أن الثوار «ما زالوا لا يريدون النظام في طرابلس، ولا يريدون القذافي، وأن الرسالة الوحيدة التي يمكن أن ينقلها إلى القذافي منهم هي (ارحل)».

وتعليقا على تعبير «الحرب الأهلية» الذي استخدمه مارغيلوف ردا على سؤال، قال شمام بجفاء «هذه ليست حربا أهلية، إنها حرب إجرامية يخوضها القذافي ضد الشعب الليبي».