أوباما وميركل: على القذافي الرحيل

شددا على ضرورة نجاح مصر وتونس ولوحا بعقوبات جديدة ضد إيران

أوباما لدى استقباله ميركل في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن سقوط نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بات حتميا وهو فقط «مسألة وقت»، ضمن تغييرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وصفها بـ«التاريخية». وبينما دعا أوباما، أمس، الفلسطينيين والإسرائيليين إلى انتهاز الفرصة التي يطرحها «الربيع العربي»، أي الثورات والاحتجاجات حول العالم العربي، للتوصل إلى حل سلمي. إلا أن أوباما عبر مرة أخرى، أمس، عن رفضه لأي محاولات فلسطينية لإعلان دولة فلسطينية لدى الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة.

وجاءت تصريحات أوباما خلال مؤتمر صحافي عقده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تقوم بزيارة رسمية إلى العاصمة الأميركية. وبعد لقاء مطول بين الزعيمين، عقد أوباما وميركل مؤتمرا صحافيا في البيت الأبيض تطرقا خلاله بشكل مفصل إلى العمليات العسكرية في ليبيا. وقال أوباما: «يجب أن يتنحى القذافي والضغوط ستزيد عليه إلى حين يفعل ذلك»، وهو الأمر الذي عبرت عنه ميركل أيضا، قائلة: «على القذافي أن يتنحى وهو سيفعل ذلك».

ويذكر أن ألمانيا كانت قد رفضت المشاركة في العمليات العسكرية ضد القذافي، مما أزعج الإدارة الأميركية وقت بدء الحرب. إلا أن أوباما وميركل أكدا، أمس، على انسجامهما وتعاونهما، حيث لفت أوباما إلى أن ميركل أبدت استعدادها للعب ألمانيا دورا مهما في مرحلة ما بعد الحرب. وردا على التساؤلات في الأوساط الأميركية على عدم المشاركة العسكرية لألمانيا في الحرب في ليبيا، قالت ميركل: «لقد فتحنا مكتبا في بنغازي ونساعد في تدريب القوات الأمنية هناك ونحن نساعد في زيادة مصادرنا وقواتنا في أفغانستان من أجل مساعدة الحلفاء في ليبيا». ولفت أوباما أيضا إلى أن ألمانيا صعدت من مشاركتها في أفغانستان لكي تسمح لدول أخرى عضو في حلف الناتو لتنقل قواتها إلى ليبيا.

وحرص أوباما على الإشادة بـ«التقدم» في العمليات العسكرية في ليبيا، قائلا إن «الهدف كان حماية الشعب الليبي من مجزرة محتملة وقد استطعنا ذلك». وأضاف: «النظام الليبي مقيد وتراجع، ورحيل القذافي بات مسألة وقت»، موضحا أنه بحث مع ميركل «الدور الألماني وما يمكن أن تقوم به ألمانيا بعد أن يرحل القذافي، سيكون من الضروري تقديم الدعم الاقتصادي والسياسي». وتعهدت المستشارة الألمانية بأن بلادها ملتزمة بمستقبل ليبيا، قائلة: «سنكون قريبين من ليبيا ونقدم الدعم لها».

وكان ملف السلام في الشرق الأوسط محورا مهما في المحادثات الألمانية - الأميركية أمس. وبينما شدد أوباما وميركل على أهمية السلام في الشرق الأوسط، عبر أوباما عن رفضه لتوجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة للإعلان عن دولة فلسطينية. وقال أوباما: «شكرت المستشارة (ميركل) لدعمها للمبادئ التي وضعتها للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. ولكن يجب تجنب التحركات الأحادية مثل سعي الفلسطينيين لإعلان دولتهم لدى الأمم المتحدة». وأما ميركل، فقالت: «نحن نريد دولتين، دولة يهودية في إسرائيل ودولة قابلة للحياة للفلسطينيين». وكررت ميركل الموقف الأميركي حول إعلان الدولة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة، قائلة: «الخطوات الأحادية لا تساعد». وأضافت: «التغييرات في العالم العربي مهمة، وستكون هناك رسالة إيجابية لو كان بالإمكان إحياء المحادثات» بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وهذا ما تحاول أن تدفعه واشنطن، حيث استضافت المفاوض الفلسطيني صائب عريقات والناطق باسم الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينة والمفاوض الإسرائيلي إسحاق ملوخو في واشنطن أول من أمس. وشرح مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» بأن الهدف من الاجتماعات التي كانت مع المبعوث الأميركي المؤقت الخاص للسلام في الشرق الأوسط ديديف هيل «السعي إلى إعادة المحادثات». وأضاف: «الفكرة كلها أعادتهم إلى طاولة المفاوضات، وكانت الاجتماعات المنفصلة خطوات صغيرة لبناء ثقة بينهما». وكانت هذه أول محادثات منفصلة بين الأميركيين والفلسطينيين والإسرائيليين بشكل متزامن في واشنطن منذ استقالة المبعوث السابق جورج ميتشل.

وبينما لم تخرج نتيجة ملموسة من الاجتماعات، التي حضرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون جزءا منها، إلا أن أوباما شدد على عزم واشنطن مواصلة جهود المفاوضات.

وشدد أوباما وميركل على أن استقرار المنطقة ونجاح تجربتي مصر وتونس أمر مهم جدا للولايات المتحدة وألمانيا. وقال أوباما «نحن نشهد تغييرات تاريخية حقا في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.. ولدينا مصلحة كبيرة إن ضمنا نجاح مصر وتونس». ومن جهتها، قالت ميركل: «التغييرات في شمال أفريقيا تحدث على عتبتنا، ولدينا خيار في دعمها أم لا.. إما تسيير الأمور بشكل جيد وإما سنواجه أزمة لاجئين هائلة». وحرصت ميركل على التوضيح بأن الدعم الاقتصادي والسياسي لدول شمال أفريقيا والشرق الأوسط ليس «عملا خيريا بل من أجل مصلحتنا».

ومن جهة أخرى، عبر أوباما عن استعداد واشنطن وألمانيا «لاتخاذ خطوات إضافية ضد إيران» في حال أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مواصلة طهران تطوير برنامجها النووي. وقال أوباما إن الملف النووي الإيراني «ما زال يقلقنا بشكل جدي».

ويذكر أن الولايات المتحدة وألمانيا حليفتان في أفغانستان، وأكدا على التزامهما بأفغانستان على المدى البعيد وبعد انتقال السلطة الأمنية إلى الأفغان بحلول عام 2014. وقال أوباما، أمس «سنبدأ خفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان هذا الصيف»، وهو الأمر الذي يشغل الدوائر العسكرية الأميركية والأوروبية استعدادا لنقل السلطات الأمنية إلى الأفغان.