أنباء متضاربة عن سقوط تعز في أيدي الثوار

المواجهات مستمرة بين «صقور الحالمة» والحرس الجمهوري اليمني

رجال قبائل مسلحون خارج مبنى شركة الكهرباء في تعز حيث يقومون بحراسة المبنى بعد انسحاب قوات الأمن أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تضاربت الأنباء حول سقوط مدينة تعز، كبرى المدن اليمنية من حيث عدد السكان، أمس، في يد مسلحين مؤيدين للثورة الشبابية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح، حيث تدور مواجهات عنيفة منذ أيام، بين المسلحين الذين يطلقون على أنفسهم «صقور الحالمة»، من جهة، وقوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي، من جهة أخرى.

وبحسب ما تردد، فإن مسلحين قبليين تمكنوا من السيطرة على المدينة ومنشآتها الحكومية، لكن بيانا نسب لأبناء تعز نفى استيلاء مسلحين قبليين على المدينة واعتبر هذه المعلومات «تسريبات» من قبل السلطة من أجل التبرير لـ«ارتكاب مجزرة جديدة»، قال البيان إن الحرس الجمهوري يعد لها.

وذكر شهود عيان أن مواجهات عنيفة مستمرة منذ بضعة أيام في أرجاء كثيرة من المدينة وبالقرب من القصر الجمهوري ومبنى المحافظة، وقال مصدر برلماني يمني لـ«الشرق الأوسط» إن معظم أحياء المدينة باتت تحت سيطرة الشباب الثوار وإنه لم يتبق تحت سيطرة النظام سوى القصر الجمهوري ومعسكر الأمن المركزي، فقط.

وتحولت مدينة تعز إلى ساحة حرب، كما يقول شهود العيان الذين يتحدثون عن قصف عشوائي لقوات الحرس الجمهوري على «ساحة الحرية» والمناطق المجاورة، وأدى انتشار قوات الحرس الجمهوري وتمترسها في بعض المناطق وفي مناطق أخرى باتت تحت سيطرة المسلحين، إلى تعطيل الحياة اليومية في المدينة.

وقالت المصادر إن انفلاتا أمنيا غير مسبوق، تعيشه تعز، الأمر الذي استدعى تشكيل لجان شعبية لحماية الأحياء السكنية والمؤسسات والمباني والمنشآت العامة والخاصة من عمليات السطو، كما قامت تلك اللجان بعملية تنظيف شوارع المدينة من أكوام القمامة التي تكدست بفعل الأوضاع الأمنية غير المستقرة.

وخلفت الاشتباكات قتلى وجرحى في صفوف الجانبين وأيضا المواطنين الذين قتل وجرح منهم البعض جراء قصف منازلهم وقراهم بمدفعية ودبابات الحرس الجمهوري، وتتهم السلطات اليمنية من تصفهم بـ«ميليشيا أحزاب اللقاء المشترك» بإطلاق النار على المباني والمنشآت الحكومية، غير أن المصادر تقول إن المسلحين هم من العسكريين الذين انشقوا عن النظام وانضموا إلى ثورة الشباب والذين «اضطروا» للجوء إلى السلاح لحماية المتظاهرين بعد «المجازر» المتكررة التي تعرض لها المعتصمون في «ساحة الحرية» والتي كان آخرها قبل أسبوعين، حيث قتل ما لا يقل عن 100 متظاهر في هجوم عنيف على الساحة.

وبعد أن تكررت عمليات قمع المتظاهرين، ارتفعت الأصوات في تعز لحمل السلاح والدفاع عن النفس الذي اعتبرته الكثير من الأوساط أنه «حق مشروع ومكفول»، وتعد التركيبة السكانية لتعز خليطا بين المدنية والقبلية، لكنها أكثر ميلا للمدنية، غير أن هناك قبائل وأعرافا قبلية وثأرا في الكثير من مناطق المحافظة، لكن قبائل تعز تختلف، إلى حد كبير، عن قبائل المناطق اليمنية القبلية الأخرى.

وتعرف تعز بـ«الحالمة» وبأنها «العاصمة الثقافية لليمن»، فإليها ينتمي معظم التكنوقراط في الدولة وكذا معظم الأدباء والشعراء والكتاب والصحافيين ورجال السياسة، كما أن أبناء تعز فاعلون بصورة كبيرة في الحياة الاقتصادية، ففيها أكبر البيوت التجارية وإليها ينتمي معظم رجال المال والأعمال، إضافة إلى أن أبناء محافظة تعز ينتشرون في جميع المحافظات اليمنية، نظرا لعدد السكان الكبير والذي يتجاوز الخمسة ملايين نسمة من أصل أكثر من 20 مليون نسمة.

وكانت تعز من أوائل المحافظات التي نصبت فيها ساحة اعتصام، أطلق عليها «ساحة الحرية»، وهي من أكبر الساحات بعد العاصمة صنعاء، وخلال أيام الثورة يشارك في التظاهر، داخل الساحة، مئات الآلاف من المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية والتيارات السياسية والفكرية.

وكانت هذه المحافظة من أكثر المحافظات الداعمة لنظام حكم الرئيس علي عبد الله صالح بحكم العلاقة التي تربطه بها وبأهلها، حيث عاش سنوات من عمره بها، قائدا لمعسكر خالد بن الوليد وعندما صعد إلى الرئاسة فيما كان يعرف بـ«الجمهورية العربية اليمنية»، كان قادما من تعز التي كان يشغل فيها منصب قائد لواء المحافظة.