علاوي لـ «الشرق الأوسط»: الأهم من الأغلبية السياسية الآن هو إجراء انتخابات مبكرة

زعيم القائمة العراقية من أربيل: مبادرة بارزاني جوهر أي حكومة قد تتشكل مستقبلا

برهم صالح رئيس حكومة كردستان مستقبلا زعيم القائمة العراقية إياد علاوي في مكتبه بأربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور إياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم القائمة العراقية، أنه أمام الخلل الذي يعترض مفهوم الشراكة الوطنية، فإن المطروح الآن هو إجراء انتخابات مبكرة، مشيرا إلى أن هذه الفكرة تلقى قبولا لدى العراقيين.

وأضاف علاوي في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط» بعد وصوله إلى أربيل أمس، حيث التقى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وقبله رئيس حكومة الإقليم برهم صالح، أنه لا يمانع في تشكيل أغلبية سياسية، وهو ما يدعو إليه رئيس الوزراء زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مضيفا: «لكننا لا نعتقد أن (دولة القانون) تشكل أغلبية سياسية، فنحن نستطيع الاتفاق مع التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى وبعض الأطراف من التحالف الوطني ونصبح أغلبية، وليس شرطا أن نوري المالكي يشكل الأغلبية على الرغم من وجود دعم دولي وإقليمي له، لكن ليس شرطا أنه صاحب الأغلبية، وإذا اتبعنا خطوات الديمقراطية، فإن قوى أخرى تستطيع تشكيل الأغلبية». وتابع علاوي: «ممكن أن نعمل على هذا الموضوع (تشكيل الأغلبية) وبدأت بعض الأطراف بالعمل عليه، لكن ما هو مطروح الآن هو العمل على إجراء انتخابات مبكرة، وهذا الموضوع بدأ يلقى تعاطفا من قبل الشعب العراقي، خاصة أن هناك اليوم توقفا وخللا في ما يتعلق بالشراكة الوطنية وتخلفا في الخدمات والملف الأمني الذي تراجع بشكل يضر بالشعب العراقي». واستطرد قائلا: «هناك تدهور فظيع وخطير على الصعيد الأمني، وهو تدهور مستمر بقوة ويتعمق يوميا، ونحن عرفنا أن رئيس الوزراء طلب من وزرائه كشف إنجازاتهم بعد مهلة المائة يوم التي منحها لحكومته لإجراء الإصلاحات الخدمية والأمنية. لهذا، نحن نريد منه هو أن يقدم كشف الإنجازات في ما يتعلق بوزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني باعتباره وزيرا مسؤولا عن هذه الوزارات، وكذلك في ما يتعلق بالمخابرات كونه رئيسا للمخابرات، وأن يقدم للشعب العراقي رؤيته بوضوح في جلسة مفتوحة لمجلس الوزراء، التي من المفترض عقدها، وأن يتحدث بوضوح عن الأوضاع الأمنية والعسكرية في العراق، وأن يؤشر بأصبعه على النقاط التي تؤذي الشعب العراقي. هذا التردي وتوقف الخدمات والتراجع في الملف الاقتصادي؛ إذ شاهدنا قبل أيام أن مؤسسة من أكبر المؤسسات الاقتصادية وهي بمثابة المصرف المركزي تقريبا (في إشارة إلى البنك التجاري الدولي) حدث فيها نوع من الفوضى، ورئيس أحد المصارف الدولية في العراق اتصل بي وقال إنهم يفكرون في الانسحاب من البلد لأنهم لم يعودوا يتحملون ما يحدث».

وتابع علاوي: «لهذا، ولمجموعة من العوامل وليس لعامل واحد، فإن علينا أن لا نفكر في حكومة أغلبية أو غيرها بقدر ما نفكر في إعادة الانتخابات لفرز ما يجب أن يفرز وأن تظهر جهة فائزة بغض النظر عمن يفوز وتشكل حكومة على أساس الوضع الديمقراطي السائد في العالم، حكومة تمثل الأغلبية ومعارضة محمية، وأن تكون هناك معارضة محمية قانونا بمجلس النواب (البرلمان) العراقي تكون رقيبا على تصرفات الحكومة مثل ما هو حادث في ديمقراطيات العالم».

وقال زعيم القائمة العراقية: «لا يصح أن نرقع الأمور على أساس حكومة أغلبية وحكومة شراكة، وهذه الشراكة لا تتحقق وأغلبية لا تحدث، ومن ثم تصير تكتلات على أساس بيع مواقف، فهذا في الحقيقة لا ينفع الشعب العراقي. ما يفيد الشعب العراقي هو أن تأتي حكومة قوية واضحة محددة من خلال الانتخابات النزيهة، تؤدي ما عليها وتعمل على حل ما تستطيعه من العقد، لأن هناك عقدا من الصعب حلها وأخرى نرى إمكانية حلها؛ ومنها المشكلة مع إقليم كردستان، لماذا هذه الخلافات؛ يوما على موضوع النفط، ويوما على الغاز، ويوما بسبب الشركات، ومرة على تنفيذ المادة 140.. كل هذه الأمور يمكن حلها بالحوار والهدوء والاقتناع والتوافق واللجوء إلى الدستور».

وبسؤاله عن ما يتردد عن وجود انشقاقات داخل قائمته، قال علاوي: «باستثناء من خرج من (العراقية) ومن سموا أنفسهم بـ(العراقية البيضاء)، وهم خمسة أعضاء، ليست هناك أية انشقاقات في كتلتنا. فـ(العراقية) متماسكة بقوة رأيها موحد، وكان عندنا اجتماع قبل خمسة أيام حضرته كل القيادة. نعم هناك وجهات نظر متعددة، لكن مواقفنا الاستراتيجية موحدة».

وحول أسباب زيارته لإقليم كردستان في هذا الوقت بالذات، أجاب علاوي: «منذ زمن طويل وأنا أقوم باستمرار بزيارة إقليم كردستان، ذلك لأنه تربطني علاقات تاريخية متينة بالإخوة الأكراد، ثم إن القيادة والشعب الكردي استضافنا خلال سنوات المعارضة ودافع عنا وحمى وجودنا، ثم إن إقليم كردستان واستقراره مهم ليس بالنسبة للعراق فقط؛ وإنما لاستقرار عموم المنطقة، لهذا أنا حريص دائما على التشاور مع الإخوة في القيادات الكردية، وأجده مهمّا، وعندنا ثقة بالقيادات الكردية، خاصة رئاسة الإقليم ورئاسة حكومة الإقليم، وعندي ثقة بحكمتهم وقدرتهم وإيجابيتهم. ولهذا، أنا حريص على الحوار معهم».

وعما إذا ما كانت مباحثاته تتناول مشروعا معينا لحل الأزمة السياسية في بغداد، أجاب علاوي: «ليس هناك مشروع محدد، فنحن نناقض جميع الأمور بما يخدم الأوضاع والاستقرار في الإقليم والعراق والمنطقة، هناك مبادرة الأخ الرئيس مسعود بارزاني، مشكورا، التي تعثرت حسب حديثه لصحيفتكم مؤخرا، وهي بالفعل تعثرت. أنا تحدثت مع الأخ بارزاني قبل أسابيع لإعادة الروح لهذه المبادرة كما تحدثنا مع أطراف أخرى، وأستطيع القول إن التيار الصدري داعم لهذه المبادرة، وعرفت أنهم شكلوا وفدا لزيارة أربيل (الوفد من المفترض أنه وصل أمس)، للحديث لاستكمال هذه المبادرة، وعندما نتحدث عما يجب أن يحدث في الوضع العراقي هنا فهذا لأننا شركاء مع الإخوة الأكراد، وقد قاتلنا مع الأخ بارزاني معا ضد الديكتاتورية في العراق، ومن المفروض أن نستمر في هذا التآخي وبروح شفافة ونمضي بالأمور بما يخدم الاستقرار في العراق».

وحول المبادرة التي قال رئيس الجمهورية جلال طالباني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الأحد الماضي إنه سيقدمها لحلحلة الأزمة، قال علاوي: «لا أعرف شيئا عن مبادرة الرئيس.. وعلينا معرفة بنودها، ونحن الآن نسير وفق مبادرة مهمة وهي مبادرة الأخ مسعود بارزاني؛ حيث نعتقد أنها جوهر أي حكومة قد تتشكل في المستقبل إذا ألغيت هذه الحكومة أو تم صرف النظر عنها وتشكلت حكومة برئاسة المالكي أو غير المالكي، لكن مبادرة الأخ بارزاني جوهرية بالنسبة لنا وتصب في حقيقة الأمور؛ وهي أن العراق يمر بمرحلة انتقالية وصولا إلى الديمقراطية الناجزة، وهذه الفترة تستوجب، على رأس ما تستوجبه، أن تكون هناك شراكة في القرار الاستراتيجي الرئيسي وحكومة شراكة وطنية حقيقية حتى يمر العراق من هذا النفق وصولا إلى الديمقراطية الناجزة، ونحن لا نزال بعيدين عن الوصول إلى هذه الديمقراطية، وما زلنا في بغداد لا نمتلك الدولة المبنية على النزاهة وسلطة القضاء والقانون، هناك سلطة في العراق وليس دولة، والدليل هذا القتل اليومي الذي يستهدف أبناء الشعب العراقي بكواتم الصوت والمفخخات والعبوات اللاصقة والأحزمة الناسفة؛ أسماء للمتفجرات ما كنا نعرفها من قبل، وحتى اليوم لم يتعرف أحد على من يقف وراء هذه الأعمال، وبدليل تردي الأوضاع الاقتصادية وغياب الخدمات، فلو كانت هناك دولة وفيها مؤسسات مهنية تقوم على النزاهة والكفاءة لما وصل العراق إلى ما وصل إليه. وفي غياب المؤسسات القضائية، لن تقوم دولة، فهناك معتقلون منذ سنوات، وإطلاق سراحهم قائم على دفع الرشى، ولنا معتقلون تم تعذيبهم للاعتراف بمعلومات كاذبة علينا. لهذا، فإن مبادرة الأخ بارزاني مهمة، ونحن لا نعرف حتى الآن مبادرة الرئيس طالباني، والأمور لا تحل بتغيير الوجوه بل بحل العقد».

وبسؤاله عن رده على الذين يقولون إن القائمة العراقية هي الخاسرة في العملية، قال علاوي: «(العراقية) ليست هي الخاسرة، فأنا شخصيا أتشرف بأنني قمت بأول انتخابات نزيهة وكنت أعرف بأني لن أفوز، وحاولت بناء دولة وعقدت مؤتمرا للمصالحة الوطنية في شرم الشيخ. نحن أدينا ما علينا، وسنبقى. أما إذا كان المقياس هو المناصب، فهذا لا يعنينا، والمهم هو خدمة الشعب العراقي، ولهذا، فإن الاستطلاعات التي تجريها كبرى المعاهد الأميركية تؤكد أن التيار الشعبي معنا وليس ضدنا. وبهذا المفهوم، فنحن الفائزون ولسنا الخاسرين. نحن نتحدث عن مسألة أكبر من (العراقية) وأهم من المالكي وعلاوي وطالباني؛ نتحدث عن الشعب العراقي الذي هو من خسر الخسارة الكبيرة».