المالكي يتهم شركاءه بالتأسيس للديكتاتورية و«العراقية» تخشى تسييس مهلة المائة يوم

قيادي في ائتلاف دولة القانون لـ «الشرق الأوسط» : الوضع السياسي لا يتحمل كشف حقائق دامغة

TT

دخلت العملية السياسية في العراق منعطفا جديدا أمس بعد نهاية مهلة المائة يوم التي حددها رئيس الوزراء نوري المالكي في السادس والعشرين من شهر فبراير (شباط) الماضي لتقييم أداء وزارته وتحسين الخدمات الأساسية والقيام بالإصلاحات السياسية. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الكتلة الصدرية، التي يتزعمها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أن وزراءها غير مشمولين بمهلة المائة، فإن القائمة العراقية أعربت عن مخاوفها من إمكانية أن يتم تسييس هذه الفترة بما يتوافق مع أمزجة بعض الأطراف السياسية.

وبينما وجه المالكي بعقد جلسات الحكومة على الهواء مباشرة في محاولة منه، طبقا لرأي المراقبين السياسيين، لوضع وزراء الكتل السياسية المشاركة في حكومته أمام مواجهة مباشرة مع الشارع لكي يكونوا حكما بينه وبين الناس–فإنه طالب العراقيين في ثاني كلمة يوجهها في غضون يومين بعد نهاية مهلة المائة يوم، بـ«إنصافه». لكن المالكي وفي أقوى هجوم يشنه على شركائه السياسيين، دعا في كلمة له خلال مؤتمر مجالس الإسناد لمحافظة بغداد أمس أنه يتوجب على هؤلاء الشركاء «عدم التدخل في عمل مجلس الوزراء»، واصفا تدخلاتهم بأنها محاولة لتأسيس «ديكتاتورية جديدة تأسيسها تحت عنوان الشراكة الوطنية». واعتبر المالكي أن العراق يقف اليوم «على حافة مرحلة جديدة، يقال إنها تريد أن تكون خطيرة على العملية السياسية»، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود ما سماه «تشويشا ومحاولات لإثارة أجواء الفتنة من جديد على خلفيات وأسس رفضناها». وأضاف المالكي قائلا «أنا أعلم أننا لم نحقق ما نبغي لشعبنا من الرفاهية والخدمات والعيش والقضاء على أواصر الفقر.. إلا أنه سنتمكن، وفق خطط وأساليب وممارسات وجهود جبارة تبذل على كل المستويات الصناعية والزراعية والكهرباء، من تحقيق الأفضل». وبينما دعا خصومه السياسيين إلى «التعامل بشرف في خصوماتهم وعدم استعمالهم الوسائل الدنيئة»، على حد وصفه–فإنه أشار إلى أن «بعض من تسلحوا يمارسون القتل وهم محسوبون على بعض المسؤولين بالدولة».

من جانبه، اعتبر القيادي البارز بدولة القانون النائب سامي العسكري، وهو أحد المقربين من المالكي، أنه «وفي ظل وضع سياسي هش كالوضع الذي نعيشه الآن في العراق، فإنه يصعب على رئيس الوزراء وضع النقاط على الحروف بالكامل». وقال العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إننا «نعيش وضعا ملتبسا في العملية السياسية يتمثل في وجود العديد من السياسيين ممن يدعمون جهات إرهابية.. وهو أمر بالغ الخطورة». وأشار إلى أن «ما تحدث به رئيس الوزراء واضح، ولكنه لا يستطيع الحديث بشكل أكثر صراحة، لأن الوضع السياسي في البلاد لا يتحمل أكثر مما يمكن أن يقال». وحول مهلة المائة يوم وما إذا كانت ستشهد تغييرات في ضوء تقييم عمل الوزارات، قال العسكري إن «المائة يوم هي ليست لتحقيق إنجازات كبرى، وإنما هي خريطة طريق يتم في ضوئها تحديد عمل الحكومة للأشهر القادمة، وبالتالي فإنه لا يمكن لأحد منصف أن يتصور أنه في غضون هذه المائة يوم أو مائة أسبوع يمكن حل العقد الأساسية مثل الكهرباء وغيرها». وحول ردود فعل الكتل بشأن أسلوب محاسبة الوزراء، قال العسكري إن «هذا الأمر محزن حقا، لأن الكتل بدأت تتحدث وكأنها هي مسؤولة عن وزرائها بما في ذلك تقييم أدائهم وليس رئيس الوزراء، وذلك من قبيل قول بعضهم إن وزراءنا غير مشمولين بالمهلة أو إننا بدأنا بتقييم عمل وزرائنا، وهو أمر بالغ الخطورة على العملية السياسية وعلى رئيس الوزراء شخصيا». غير أن العسكري أشار إلى أن «المالكي لن يقف مكتوف الأيدي في حال بقيت مواقف الكتل السياسية على حالها، حيث سيلجأ إلى الاستقالة وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة أخرى قد تكون حكومة أغلبية، يكون قادرا معها على إدارة الملفات الصعبة في البلاد».

وحول الخلافات بين القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، ودولة القانون، قال العسكري إن «(العراقية) ستعود ولن تخرج من العملية السياسية، لا سيما أن اتفاقية أربيل نفذت ما عدا مجلس السياسات، وورقة أربيل لم تشر إلى تفاصيل هذا المجلس مثلما يريده الدكتور علاوي (المرشح لتولي هذا المجلس)، وإنما أشارت إلى إطار عام، ولكن الدكتور علاوي يريده أن يكون فوق الرئاسات، وهو أمر غير مقبول دستوريا».

ومن جهتها، أعلنت النائبة في البرلمان عن القائمة العراقية ناهدة الدايني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حول رؤية «العراقية» لتقييم الوزراء في ضوء دعوة المالكي إلى أن تكون الاجتماعات منقولة على الهواء مباشرة، إن «القائمة العراقية لا تمانع في محاسبة أي وزير يقصر في عمله من وزرائها، وستتعاون مع رئيس الوزراء في هذا المجال بما يؤدي إلى ضمان المصلحة الوطنية». وحول ما إذا تولى المالكي إقالة أي وزير من وزراء «العراقية» يراه مقصرا في عمله، قالت الدايني «إننا نخشى تسييس العملية، وبالتالي فإننا لا يمكن أن نقبل ذلك دون أن تتم مشاورتنا قبل أن يتم اتخاذ أي قرار».