تونس: ارتفاع حصيلة المواجهات القبلية إلى 11 قتيلا و150 جريحا

إشاعات حول تمتع إحدى القبائل بمناصب شغل وحرمان أخرى وراء الحوادث

TT

خفت حدة التوتر بمنطقة المتلوي في ولاية (محافظة) قفصة على بعد 500 كلم جنوب غربي تونس، بعد سلسلة من الأحداث الدامية تواصلت على مدى ثلاثة أيام وخلفت وراءها 11 قتيلا وأكثر من 150 جريحا، وذلك جراء مواجهات بين قبيلتي «أولاد بويحيى» و«الجريدية»، واعتقلت قوات الأمن على خلفية تلك الأحداث 93 شخصا بحوزتهم بنادق صيد وأسلحة بيضاء وسيوف.

وحول تطورات الوضع الأمني بمدينة المتلوي يوم أمس، قال رضا الفاهم، الإعلامي المقيم في مدينة قفصة، إن الأمر سائر نحو الهدوء ولم تقع مواجهات جديدة بين القبيلتين المتنازعتين. وأكد، من جهة أخرى، شكوك بعض السياسيين حول تغذية تلك المواجهات قائلا «إن أشخاصا ضد الثورة يغذون تلك النزاعات ويبثون إشاعات حول تمتع أحد العروش (القبائل) بالتشغيل وحرمان العرش (القبيلة) المقابل من ذلك، وهو ما يفتح أبواب المواجهة على مصراعيها».

وحول ضحايا تلك المواجهات، قال الفاهم إنه بالإضافة إلى القتلى والجرحى، فإن 12 شخصا يعانون من أضرار جسيمة بسبب رش وجوههم بطلقات بنادق الصيد، وهم في حاجة لعمليات تجميلية عاجلة. واستغرب الفاهم ما شاهده من عمليات تنكيل بالجثث وكيف قتل أحد السكان زوج أخته في خضم تلك المواجهات.

وتفيد الوقائع التاريخية بأن القبيلتين تتعايشان بمدينة المتلوي منذ ما يقرب من 100 سنة، تاريخ اكتشاف مادة الفوسفات في الجنوب الغربي التونسي.

من ناحيته، قال لحبيب المحجوبي، وهو مهندس مختص في الجيولوجيا، باشر المسح الجيولوجي لخيرات الأرض هناك، لـ«الشرق الأوسط»، إن العلاقة بين عرش «أولاد بويحيى»، وعرش «الجريدية»، كانت متوترة منذ عقود وأسبابها تعود، حسب رأيه لملكية أولاد بويحيى للأراضي المنتجة لمادة الفوسفات، وهذا الحق يجعلهم يطالبون بحظوة خاصة لدى شركة «فوسفات قفصة» خاصة على مستوى تشغيل أبنائهم في أكبر شركة مشغلة بالمنطقة. ويعتبر أولاد بويحيى أن الجريدية تم الاستنجاد بهم في فترة زمنية ما للحد من نفوذ وسطوة عرش أولاد بويحيى، وهو ما أدى إلى خلق حزازات التاريخية يصعب تجاوزها.

وكانت تلك المواجهات بين عرش «أولاد بويحيى» وعرش «الجريدية» (نسبة إلى منطقة الجريد بتوزر المجاورة لمدينة قفصة) قد خلفت أضرارا مادية جسيمة من بينها إحراق النيران لكل محتويات متاجر السوق البلدي، وكذلك احتراق مجموعة من المنازل الخاصة. وتراوحت أعمار الأشخاص الذين لقوا حتفهم بين 16 سنة و62 سنة، كما لقي سائق سيارة إسعاف حتفه كذلك. وعلى أثر هذه الأحداث الدموية تم حظر الجولان في مدينة المتلوي من الرابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا. وقال سالم الجمني، مدير الآمن في قفصة في تصريحات صحافية إن «الوضع الأمني بات تحت السيطرة».

ونددت مجموعة من الأحزاب السياسية بتلك الأحداث الدامية، ودعت فريقي النزاعات القبلية إلى التنبه إلى خطورة الانزلاق في متاهات تلك النزعات القبائلية والعشائرية. وقالت مية الجريبي، الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي إن «أحداث المتلوي سببها انعدام الثقة، وإن النعرات القبلية لا تطفو على السطح إلا عندما تنعدم الثقة». وقال الطيب المحسني، عضو المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين إن تلك الصدامات «غير مبررة مهما كانت الأسباب».