ناقلات الجند تتجه إلى جسر الشغور.. وناشطون يؤكدون أن الجنود قتلوا بنيران الأمن

مسلحون من فصيل فلسطيني موال للنظام يقتلون 11 فلسطينيا في مخيم للاجئين قرب دمشق

صورة وزعتها وكالة «سانا» السورية الرسمية لجنازة أحد رجال الأمن الذين تقول السلطات السورية إنه قتل على أيدي مسلحين في جسر الشغور، بينما يقول المعارضون إنه قتل بعد رفضه إطلاق النار على المدنيين (أ.ب) - (سانا)
TT

في وقت تنتظر فيه بلدة جسر الشغور السورية بدء حملة عسكرية أمس، تطورت الأوضاع في سوريا أمس مع امتداد الإضرابات إلى داخل المخيمات الفلسطينية في دمشق، إذ ذكرت وكالة «رويترز» نقلا عن مصادر فلسطينية أمس، أن مسلحين من فصيل فلسطيني موال لسوريا قتلوا 11 فلسطينيا على الأقل رميا بالرصاص في مخيم للاجئين قرب دمشق، بسبب خلاف بشأن دعم الفصيل لدمشق.

وحاول مئات من اللاجئين الغاضبين اقتحام مقر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة التي تدعمها سوريا في مخيم اليرموك على مشارف دمشق. واتهموا الجماعة بالتضحية بأرواح الفلسطينيين من خلال تشجيع المحتجين على التظاهر في مرتفعات الجولان حيث قتل عدد منهم برصاص القوات الإسرائيلية.

إلى ذلك، شكك معارضون سوريون بالرواية الرسمية السورية التي تحدثت عن مقتل 120 جنديا في كمين لمسلحين. وفي حين نقلت وكالات الأنباء عن ناشطين قولهم إن هؤلاء قتلوا على يد أجهزة الأمن السورية، قال المعارض السوري خلف الخلف في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «الرواية الرسمية السورية لا يمكن الاعتماد عليها، فلم نر تشييع أي قتلى من الجيش منذ الإعلان عن الخبر».

واتجهت ناقلات جند أمس إلى مدينة جسر الشغور في شمال غربي سوريا التي تشهد مظاهرات مناهضة للنظام وأعمال عنف دامية، الأمر الذي أثار مخاوف ناشطين في مجال حقوق الإنسان من ازدياد أعمال القمع قسوة ووحشية. وفي المقابل، وجه ناشطون ينادون بالديمقراطية عبر موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي دعوة إلى مظاهرات تحت اسم «ثلاثاء النهضة»، مطالبين الجيش بحماية المدنيين من «عملاء» النظام. وبعد نحو الثلاثة أشهر على انطلاقتها، تواصل حركة الاحتجاجات اتساعها، وما زال نظام الرئيس بشار الأسد يحاول، رغم الاحتجاجات والعقوبات الدولية، سحقها. ولقد أسفر القمع عن سقوط مئات القتلى، بحسب مصادر حقوقية.

وقال ناشط إن «13 ناقلة تتجه إلى مدينة جسر الشغور» التي يقوم الجيش بعمليات تمشيط فيها منذ السبت. وأضاف «لقد انطلقت من حلب» الواقعة شمال شرقي جسر الشغور التي «حلقت فوقها مروحيات طوال الليل».

وكان التلفزيون الرسمي السوري قد ذكر أن القوات السورية خاضت معارك مع مسلحين في شمال غربي البلاد خلفت ما يزيد على 120 قتيلا في صفوف قوات الأمن. وفي أول تقرير لوسائل الإعلام الرسمية عن معركة بهذا الحجم، قال التلفزيون السوري أول من أمس إن «مجموعات مسلحة أشعلت النار في مبان حكومية في بلدة جسر الشغور في شمال غربي البلاد وسرقت خمسة أطنان من الديناميت وأطلقت النار على المدنيين وقوات الأمن مستخدمة الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية».

وأضاف أن «قوات الأمن تمكنت من فك حصار أحد الأحياء السكنية التي سيطر عليها المسلحون بعض الوقت وأنها تقاتل المسلحين لإنهاء حصارهم للأحياء الأخرى». ومضى قائلا إن المسلحين مثلوا ببعض الجثث وألقوا بعضها في نهر العاصي وأن أهالي بلدة جسر الشغور استغاثوا بالجيش ليتدخل على وجه السرعة.

واختلف وسام طريف مدير منظمة إنسان المدافعة عن حقوق الإنسان مع الرواية الرسمية قائلا إن الاشتباكات كانت بين قوات الجيش وأفراد فروا من صفوفه. ووصف أرقام القتلى بأنها «متضاربة».

وقال طريف لـ«رويترز» إن وحدة من الجيش أو فرقة وصلت إلى المنطقة في الصباح وبعدها وصلت فيما يبدو وحدة أخرى بعد الظهر لاحتواء عمليات الفرار. وأضاف أن كثيرين من سكان جسر الشغور أكدوا صحة هذه النسخة من الرواية. ويقول دعاة حقوق الإنسان إن وفاة بعض الجنود أو أفراد الشرطة خلال الانتفاضة كانت نتيجة قتل أفراد قوات الأمن الذين يحاولون الهروب من صفوفها أو يرفضون إطاعة الأوامر.

وقال ناشطون من المعارضة في وقت سابق إن هناك عملية أمنية جارية في البلدة منذ يوم السبت قتل فيها 37 على الأقل من سكان البلدة و10 من أفراد الشرطة.

وذكرت صحيفة «الوطن» القريبة من السلطة أن «عملية أمنية وعسكرية واسعة النطاق ستشن في قرى منطقة جسر الشغور، بعد معلومات عن وجود مئات الرجال المسلحين». لكن اثنين من الناشطين في المنطقة اتصلت بهما وكالة الصحافة الفرنسية من نيقوسيا، نفيا المعلومات عن «عصابات مسلحة»، مؤكدين أن عناصر الشرطة قتلوا خلال عصيان في مقر قيادة الأمن في المدينة الواقعة في محافظة إدلب.

كذلك أكد بيان نشر على موقع «فيس بوك» ويحمل توقيع «سكان جسر الشغور» أن مقتل الشرطيين والجنود هو نتيجة الانشقاقات في الجيش، وأنه لا وجود للعصابات المسلحة في المنطقة. وجاء في البيان «نحن أهالي جسر الشغور نؤكد أننا لم نطلب حضور الجيش. ولا أساس للحديث عن وجود مسلحين بالمنطقة (..) واللجان الشعبية في جسر الشغور تتكفل بحفظ الأمن في المنطقة ولا داعي لأي عناصر غريبة عن المنطقة كي لا ندع فرصة للمندسين والمخربين والمسلحين الذين ينتحلون الصفة الأمنية. ونؤكد أن القتلى في صفوف الجيش والأمن كانت ناتجة عن انشقاقات في صفوفهم حيث بدأوا بإطلاق النار فيما بينهم على ما يبدو لأن بعضهم رفض الأوامر بإطلاق النار على المدنيين العزل».

ومنذ يوم الجمعة قتل عشرات المتظاهرين في هذه المدينة المعروفة بأنها كانت معقل «الإخوان المسلمين» في الثمانينات والمتاخمة للحدود التركية. وفي نداء جديد للتظاهر «سلميا» الثلاثاء، طلب ناشطو «الثورة السورية 2011»، محركة الاحتجاجات، مرة جديدة من الجيش «الدفاع عن المتظاهرين من نيران عملاء» النظام. ووجهت صفحة «الثورة السورية 2011» توجيهات إلى المتظاهرين «في المدن المهددة بهجومات عصابات النظام، وخصوصا مدينة إدلب» التي تبعد 330 كلم عن شمال دمشق. وطلبوا من السكان «إحراق إطارات» و«إغلاق الطرق بالحجارة والأخشاب» لمنع وصول تعزيزات عسكرية، كما قالوا.

ولمواجهة هذا الوضع الذي تسوده الفوضى، أكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن بلاده وقوى غربية أخرى باتت مستعدة للمخاطرة بفيتو روسي في الأمم المتحدة حول مشروعهم لإدانة أعمال العنف في سوريا. ورأت منظمة العفو الدولية أن «من الملح أن يصوت مجلس الأمن الدولي الذي التزم الصمت فترة طويلة حول هذا الموضوع، لإدانة المجازر». ويعتبر المعارضون وناشطو حقوق الإنسان السوريون أن الأولوية الملحة الآن هي وقف القمع «القاسي والوحشي» للمظاهرات، ويقولون إنهم لا يثقون بالنظام رغم الإعلان عن إصلاحات، ويدعو القسم الأكبر منهم إلى تنحي الأسد.

وقد أعلن النظام عن رفع حالة الطوارئ وتشكيل لجنة حول تعدد الأحزاب والعفو العام، لكنه واصل في المقابل عمليات قمع المتظاهرين. وتقول منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان إن أكثر من 1100 مدني منهم عشرات الأطفال قد قتلوا منذ 15 مارس (آذار).