النظام يواجه المسيرات المعارضة بأخرى مؤيدة.. ويؤمن الحماية لها

بابا روما يدعو السلطات السورية إلى تحاشي العنف وتطبيق الإصلاحات

TT

استمرت في مختلف المدن السورية المظاهرات الليلية والمظاهرات الطيارة، لا سيما في دمشق بسبب الوجود الأمني المكثف في كل أنحاء المدينة، إلا ما طغى على المشهد في الأسبوع الأخير من احتلال للشوارع من قبل جموع المؤيدين الذين عادوا للقيام بمسيرات تأييد بالسيارات حتى وقت متأخر من الليل، وذلك عدا الوقفات الاحتجاجية أمام السفارات الفرنسية والتركية والقطرية.

ويستغرب الشارع السوري من قيام الأمن والشرطة بحماية تلك المسيرات التي تجوب الشوارع وتطلق أبواق السيارات في أي وقت تشاء، في حين لا يسمح لغيرهم بالتظاهر، بل يمضون في استغرابهم إلى السؤال كيف لا يظهر في هذه المسيرات لا مندسون ولا مسلحون، وظهور هؤلاء يقتصر على المظاهرات المطالبة بالحرية.

ومساء أول من أمس اعتصم العشرات أمام السفارة القطرية، كما شهدت منطقة المزة مسيرة خيول وميلوية أغلقت الأوتوستراد لفترة من الوقت قبل أن تعيد الشرطة فتحه أمام حركة السير. وقامت وسائل الإعلام المحلية بتغطيتها، في حين أن عشرات الشبان والشابات الذين خرجوا مساء في سوق الشعلان وسط دمشق التجارية، بشكل سلمي وهتفوا للحرية، انقض عليهم رجال الأمن وضربوهم ضربا مبرحا وتم اعتقال ثمانية منهم، أحدهم كان مارا في الشارع وليس مشاركا في المظاهرة.

ويتساءل الكثير من السوريين لماذا يتم السماح للمؤيدين من جماهير المستفيدين من النظام أن يفعلوا ما يحلو لهم في الشارع، وحتى تسري أنباء أنه يتم نقلهم من مكان إلى آخر في باصات تابعة للأجهزة الأمنية، بينما يسمح لعناصر الأمن والشبيحة بضرب النساء، وتعذيب الشباب في الشارع.

وكان هذا الموضوع مثار نقاش وجدل حاد يوم أمس على المواقع الاجتماعية على الإنترنت، بعد أن بثت تلفزيونات محلية مناشدات للمؤيدين باستخدام الضربة الحديدية ووصف المتظاهرين «بالحثالة والمسلحين الذين يريدون تخريب البلد»، وأنه «لا بد من سحقهم». فمنذ بدأت الأحداث تتصاعد في مدينة جسر الشغور (شمال غرب) يوم الأحد الماضي، راحت وسائل الإعلام المحلية تجري استطلاعات رأي للمشاركين في «مسيرات التأييد والدعم للجيش العربي السوري في تحركاته وملاحقة العناصر المسلحة» التي أجمعت كلها على ضرورة تدخل الجيش والضرب بيد من حديد.

إلى ذلك، دعا بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر، السلطات السورية أمس إلى إجراء «إصلاحات عاجلة» ووضع حد للعنف في سوريا وغيرها من الدول التي تشهد اضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وجه البابا دعوته تلك خلال لقاء مع سفير سوريا الجديد لدى الفاتيكان، الذي قدم أوراق اعتماده إلى البابا، مع نظرائه من مولدوفا وغينيا الاستوائية وبليز وغانا ونيوزيلندا.

ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية (انسا) عن بابا الفاتيكان قوله إن «الأحداث التي وقعت خلال الأشهر الأخيرة في الكثير من الدول المتوسطية، وبينها سوريا، تظهر الرغبة في مستقبل أفضل.. (و) في الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية». وأضاف البابا «هناك أمل في تحقيق هذا التغيير من خلال تحاشي التعصب والتمييز والصراعات والعنف».

من جهة أخرى، أدانت سوريا بشدة تصريح آلان جوبيه وزير خارجية فرنسا بخصوص سقوط الشرعية عن النظام السوري، وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين يوم أمس، بحسب الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) إن سوريا «تدين بشدة تصريح آلان جوبيه وزير خارجية فرنسا الذي ادعى لنفسه الحق في توزيع شرعية قيادات الدول أو سحبها». وأضاف أن سوريا «ترى في هذا التصريح عودة لمناخات عصر الاستعمار القديم ومندوبيه السامين الذي ولى منذ زمن ولا عودة له».

وأكد المصدر أن «سوريا مصممة على مواصلة مهام الإصلاح بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد»، وهي لن تسمح لأي تدخل خارجي في هذا الشأن، وقال إن «الإصلاح الذي تسعى لتحقيقه هو تلبية لإرادة الشعب السوري وبمعزل تام عن تقييمات ومواقف خارجية لا مكان لها في شؤوننا الداخلية».