إحالة رئيس فرع الأمن العسكري في حماة إلى القضاء.. على خلفية «مجزرة الجمعة»

أدلب تتحضر لبدء العملية العسكرية.. والسلطات تقول إن «المواجهة مع المسلحين قد تستمر أياما»

لاجئون سوريون في مخيم هاتي في تركيا وقد بلغ عدد اللاجئين السوريين إلى تركيا أكثر من 2400 لاجئ (رويترز)
TT

وجهت نداءات كثيرة من قرى ومدن الشمال الغربي السوري ومناطق أخرى في سوريا، إلى أهالي منطقة جسر الشغور، تدعوهم للمجيء إلى مناطقهم الهادئة بدلا من النزوح إلى تركيا، في ظل توقعات بقيام النظام السوري بعملية عسكرية واسعة في محافظة أدلب.

وقالت مصادر محلية إنه تم قطع المواصلات والاتصالات منذ صباح أمس في بعض مناطق محافظة أدلب، وتم منع أبناء الريف لا سيما جسر الشغور من الدخول والخروج، فيما سمح فقط بالحركة بعد الاطلاع على الهوية لأبناء مدينة أدلب وأريحا. ولم تأت وسائل الإعلام السورية الرسمية على ذكر نزوح الأهالي باتجاه تركيا، بينما ناشد السوريون أهالي أدلب في القرى المتوقع تعرضها لعمل عسكري عدم النزوح. وقالت إحدى الدعوات «يعز علينا أن يصبح السوريون لاجئين ونازحين تجمع لهم المساعدات، وهم الذين كانوا على الدوام حضنا للاجئين والنازحين من الأشقاء والأصدقاء».

ومن جانبها، ذكرت وسائل إعلام سورية شبه رسمية أن أهالي جبل الزاوية وقرى أدلب بدأوا في إخلاء منازلهم ومغادرة المحافظة «لفتح المجال أمام الجيش العربي السوري لدخول كل المناطق ومواجهة المسلحين». وأضافت أن الجيش بدأ ينتشر في بعض القرى واضعا حواجز ترابية، وأن هناك معلومات عن حشد الجيش قوات كبيرة استعدادا «لمواجهة قد تستمر أياما»، وأن «الكثير من شبان وفتيان القرى المعروفة بتطرفها الديني انضموا للمسلحين».

إلى ذلك، قالت مصادر سورية رسمية إن العميد محمد مفلح، رئيس فرع الأمن العسكري في محافظة حماة، ومعه عدد من ضباط الأمن، قد أحيلوا إلى القضاء للتحقيق معهم على خلفية الضحايا الذين سقطوا يوم الجمعة الماضي خلال مظاهرة، ووصل عددهم إلى 70 قتيلا. وتزامن ذلك مع كتابة أنس الناعم أمين فرع الحزب في حماة على صفحته على «فيس بوك» أن ما حدث الجمعة في حماة كان «مجزرة حقيقية». وقد شكلت لجنة قيادية عليا للتحقيق واتخذت الكثير من الإجراءات «منها محاسبة نحو 20 عسكريا وضابطا مسؤولا عما حدث، عدا عن التعويض لأسر الشهداء ومتابعة استشفاء الجرحى».

وأثار كلام المسؤول على «فيس بوك» الاستغراب، كونه أول اعتراف رسمي بوصف ما جرى في حماة يوم الجمعة بأنه كان «مجزرة». وسرت شائعات بفصله من الحزب، من دون أي معلومات مؤكدة حول ذلك.

وكانت وكالة أنباء «الأناضول» التركية شبه الرسمية، قالت في وقت سابق إن عدد اللاجئين السوريين ارتفع إلى 1800 شخص، هربوا إلى تركيا المجاورة التي استعدت لاستقبالهم ومساعدتهم في محافظة هاتاي (جنوب). وعاد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ليعلن لاحقا أن العدد وصل إلى 2400 لاجئ. وقالت وكالة أنباء «الأناضول» إن 1250 لاجئا دخلوا إلى تركيا في الساعات الـ24 الأخيرة. وأوضحت الوكالة أن 1777 لاجئا دخلوا إلى تركيا منذ بداية حركة الاحتجاج قبل ثلاثة أشهر، تتكفل بهم جمعية الهلال الأحمر في يايلاداغي في محافظة هاتاي.

ويايلاداغي التي تقع في أقصى لسان بري يبلغ طوله 150 كلم جنوبا، هي مركز حدودي متقدم لتركيا في الشرق الأوسط. وتقع مدينة جسر الشغور شمال غرب، حيث يقوم الجيش السوري بعمليات تمشيط قاسية على بعد نحو أربعين كيلومترا عن الموقع. وأقام الهلال الأحمر التركي منذ أبريل (نيسان) مع وصول مجموعة تضم نحو 250 سوريا في يايلاداغي في مقر سابق لمركز لمكافحة التدخين، قرية من الخيام تتسع لآلاف اللاجئين.

ووصلت شاحنات أمس إلى المخيم تنقل أسرّة وملابس، كما ذكرت وكالة «الأناضول». وحاليا لم تنصب سوى نحو مائة خيمة على ستة هكتارات، لكن هناك 900 خيمة أخرى معدة للاستخدام حسب أرقام قدمها الهلال الأحمر في نهاية أبريل تشير إلى وجود 8500 غطاء ومعدات للطبخ لعشرة آلاف شخص. ولم يصل اللاجئون إلى هذا العدد، لكن وتيرة وصولهم تتسارع، بينما لا تريد أنقرة إحياء ذكرى تدفق اللاجئين الأكراد الهائل من العراق إلى تركيا في 1991. وفي تلك الفترة شنت قوات صدام حسين هجوما واسعا على الأكراد في شمال البلاد. وعبر مئات الآلاف من أكراد العراق الحدود. وفي مواجهة تدفق الأكراد، سعت تركيا إلى مساعدتهم بالتعاون مع الأسرة الدولية. لكن عشرات اللاجئين لقوا حتفهم بسبب الأمراض أو جروح وأصيبوا بها. ومن غير الوارد تكرار هذا الجحيم. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو «اتخذنا كل الاحتياطات اللازمة على الحدود»، مؤكدا أن الوضع «تحت السيطرة» حاليا.

وفي حماة، قالت مصادر إعلامية سورية شبه الرسمية إن «لجنة عليا التقت الأهالي وبدأت حوارا معهم، وهناك إجراءات قد تتخذ لتفادي ما حصل يوم الجمعة الماضي، من دون أن يكون هناك مزيد من المعلومات».

ونشر ناشطون سوريون على الصفحات الداعمة للثورة السورية قائمة بأسماء القتلى في سوريا من النساء والأطفال، وقالوا إن «عدد الشهداء الأطفال في الانتفاضة السورية ارتفع ليصل إلى 77 طفلا خلال الأيام القليلة الماضية»، بينما بلغ عدد النساء الشهيدات حتى يوم أمس «41 سيدة وفتاة»، وإن «معظم الشهيدات قضين برصاص قناصة أو رصاص أمني اخترق جدران منازلهن، أو عبر عمليات الاقتحام للمدن والمناطق وأثناء المظاهرات السلمية، وكان العدد الأكبر من الشهيدات من درعا بأكثر من عشرين شهيدة»، بينما توزع باقي القتلى النساء على حمص وأدلب ودمشق وحماة وجبلة وبانياس.