دافع عباس الفاسي، رئيس الوزراء المغربي، عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية لمحاربة الفساد في البلاد، وقال إنها اعتمدت على تصور شمولي ينسجم مع التوجهات الدولية في هذا المجال، معربا عن ثقته في أن البرنامج الذي وضعته الحكومة «سيمكن من التصدي بقوة للفساد».
وكانت الحكومة المغربية قد شرعت قبل سنة في تنفيذ عدد من الإجراءات الهادفة إلى محاربة مظاهر الفساد في الإدارات الحكومية، من بينها إقرار معايير الشفافية في إدارة ممتلكات الدولة، من خلال المنافسة واللجوء إلى طلبات العروض في ما يتعلق بتفويت أو استئجار الأراضي، وتنظيم الصفقات الحكومية، وتطوير أنظمة التتبع والمراقبة، وتبسيط الإجراءات الإدارية، ودعم الإدارة الإلكترونية. وشملت هذه الإجراءات أيضا مجال الاستفادة من الخدمات، من أجل تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن، إلا أنها اعتبرت غير كافية.
وأوضح الفاسي أمس بالرباط خلال افتتاح أشغال مؤتمر دولي لمناقشة تفعيل إجراءات مكافحة الفساد، أن التزام المغرب بمحاربة الفساد يتأسس على اقتناع بأن «المواجهة الفعالة لهذه الآفة لا يمكن أن تتم إلا بتفعيل مختلف الإجراءات القانونية والوقائية وكذا من خلال التوعية، والتواصل، وإشراك المجتمع المدني».
وأضاف الفاسي أن «المغرب، من خلال إحداثه آليات مؤسساتية لمحاربة الفساد، يعبر عن انخراطه في الدينامية الدولية لتخليق الحياة العامة ولمكافحة الفساد، ممثلة في اتفاقية الأمم المتحدة في هذا المجال، مبرزا أهمية تدعيم التعاون الدولي، لمواجهة الامتدادات الجغرافية لرقعة الفساد والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة».
يشار إلى أن المغرب قرر توسيع صلاحيات الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة (مؤسسة حكومية)، في مارس (آذار) الماضي، وذلك من خلال تخويلها صلاحيات التصدي التلقائي لحالات الارتشاء وكل أشكال استغلال النفوذ واختلاس المال العام أو تبديده. بعدما كانت عبارة عن هيئة استشارية فقط. إلى جانب مدها بالموارد المالية والبشرية اللازمة للقيام بدورها. وذلك بعد أن ركزت الاحتجاجات في الشارع المغربي على المطالبة بمحاربة الفساد.
وكانت الهيئة قد طالبت الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لمحاربة الفساد في المغرب، وانتقدت تأخرها في تفعيل المقترحات والتوصيات التي تقدمت بها من أجل تعزيز النزاهة والشفافية في الكثير من القطاعات، وإطلاق المتابعات القضائية في عدد من قضايا الفساد. وقدمت عدة اقتراحات بهدف تفعيل إجراءات الحد من الفساد على أرض الواقع، ويجري حاليا الإعداد لمشروع قانون لحماية الشهود والمبلغين والخبراء والضحايا فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ.
ومن الإجراءات التي سينص عليها هذا القانون وضع رقم هاتفي خاص بالشرطة رهن إشارة الضحية أو الشاهد أو الخبير أو الشخص الذي يبلغ عن واقعة رشوة الذي يكون قد أدلى بشهادته أو إفادته تتيح له الاتصال بالشرطة أثناء وجود أي خطر قد يهدد سلامته أو سلامة أسرته، وتوفير حماية جسدية له. كما يتضمن القانون تدابير تشمل إخفاء الهوية الحقيقية للشاهد أو الخبير أو المبلغ في وثائق القضية بشكل يحول دون التعرف عليه.
وشارك في المؤتمر، المنظم بتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، ممثلو الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونظراؤهم في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وكذلك ممثلو بعض المنظمات الإقليمية والدولية المختصة. ويسعى هذا اللقاء الدولي إلى اعتماد إجراءات ومبادرات مكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص، وإعداد أرضية إقليمية لعرضها على المناقشة في الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي سيحتضنه المغرب ما بين 24 و28 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في مراكش.