«إحنا اللي بنحاسب على المشاريب» شعار مجموعة جديد على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لا يقل غرابة وطرافة عن اسم المجموعة نفسها.. «سلفيو كوستا»، وقد أثار ظهور نشطاء المجموعة انتباه المصريين بعد أن تخطوا العالم الافتراضي وحضروا في ميدان التحرير يوم جمعة الغضب الثانية في 27 مايو (أيار) الماضي.
يحمل شعار «إحنا اللي بنحاسب على المشاريب» نكهة تهكمية.. ويقول نشطاء المجموعة إنه يحمل سخرية من الفزع الذي أصاب المجتمع المصري من ظهور السلفيين اللافت بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس المصري حسني مبارك. فمنذ تخلي مبارك عن السلطة تم توجيه أصابع الاتهام للسلفيين في أي حادث أو مشكلة طائفية ظهرت في مصر خلال الفترة الأخيرة.
يختصر اسم المجموعة «سلفيو كوستا» الهدف الرئيسي للمجموعة التي تسعى لجسر الفجوة التي تفصل بين السلفيين والقوى السياسية الليبرالية واليسارية، وبحسب نشطاء فقد اختاروا اسم مقهى أميركي شهير (كوستا)، في إشارة إلى رغبتهم في تجاوز الصورة النمطية عنهم، وكذا قدرتهم على الانفتاح على الآخر، بالإضافة لكسر قواعد الخطاب النخبوي في محاولة لصياغة لغة بسيطة.
لا تضم المجموعة الجديدة فقط نشطاء سلفيين ويساريين وليبراليين وإنما كذلك مسلمون ومسيحيون عاديون، ويأملون في إعادة تصحيح الصورة عن السلفيين وإتاحة الفرصة لهم في التواصل مع أفكار متنوعة ومدارس فقهية مختلفة، فيما أكدوا على مبدأ احترام الرموز ومناقشة الأفكار.
ليس هذا فحسب بل قام مؤسسو المجموعة بإنتاج فيلم سينمائي بعنوان «أين ودني؟» في إشارة تهكمية على حادثة قطع أذن مسيحي في صعيد البلاد وحملت وسائل الإعلام مسؤوليتها للتيار السلفي. يجسد الفيلم المخاوف التي يحملها الشباب المنتمي للفكر السلفي والشباب الليبرالي كما يبين كيف خرج الجميع لاستعادة مصر في ميدان التحرير بعيدا عن أي انتماءات سياسية أو دينية.
وبعد أن حظي الفيلم بترحيب واسع ونسبة مشاهدة عالية على موقع «يوتيوب» يعتزم نشطاء المجموعة إنتاج سلسة أفلام كمبادرة لإطلاق حوار مجتمعي على نطاق واسع. ويقول محمد طلبه، أحد مؤسسي «سلفيو كوستا» لـ«الشرق الأوسط» إن الفكرة بدأت «عقب الاستفتاء (الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس (آذار) الماضي)».
يتابع: «وجدنا المصريين وقد انقسموا ما بين نعم ولا، وظهرت تيارات كثيرة تأخذنا يمينا ويسارا وغابت روح ميدان التحرير (الذي أصبح رمزا لثور 25 يناير منذ اندلاع المظاهرات في مصر)، وبما أننا نعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في شركات كبرى قررنا أن نؤسس غروبا للسلفيين باعتبارها قهوة افتراضية نتناقش فيها».
يرفض نشطاء «سلفيو كوستا» الانتماء إلى الأحزاب السياسية، ويحملونها مسؤولية الخلاف الذي شق وحدة الصف المصري بعد ثورة 25 يناير، كما يرفضون «تقديس الشخصيات» شيوخا كانوا أو ساسة.
ويأمل القائمون على المجموعة أن تنجح مبادراتهم غير التقليدية في رأب الصدع الذي أحدثه التوتر الطائفي الذي أعقب الثورة المصرية، وتأتي مبادرة تنظيم مباراة في كرة القدم داخل إحدى الكنائس في سياق رغبتهم في استعادة الثقة المفقودة بين المسلمين السلفيين والمسيحيين.
وحول اقتراح بعض أعضاء «سلفيو كوستا» بتحويلها إلى حركة مدنية، قال طلبه «نحن بالفعل أصبحنا حركة فبعد تأسيس الغروب أصبح عددنا نحو 4000 عضو، ما بين مسلمين ومسيحيين حتى إننا جعلنا إدارة الموقع في أيدي مسيحيين وليبراليين واشتراكيين».
أضاف بقوله: «قمنا بعمل مؤتمر صحافي يوم جمعة الغضب الثانية لتعريف الإعلاميين بنا، كما قمنا بعمل مؤتمر صحافي آخر في مكتبة خالد بن الوليد في الكيت كات بحي إمبابة الشعبي (الذي وقعت به أحداث فتنة طائفية على خلفية إحراق كنيسة)، لكي نذكر الناس بأن هناك مناطق تحتاج للتنمية، كما عقدنا لقاء بين شباب السلفيين والاشتراكيين والليبراليين إلا أننا لم نعقد وللأسف لقاء مع جماعة الإخوان المسلمين».
ويشير طلبه إلى أن اللقاءات في البداية كانت مشحونة وبداياتها تكون مشتعلة وتصل إلى حد تبادل الاتهامات.. «إلا أننا متمسكون بلغة الحوار الهادئ مما يجعل اللقاء في النهاية ينتهي بشكل رائع حتى أننا نقضي أوقاتا مرحة معا».
يؤكد طلبه أن المجموعة الجديدة لن تنجح إلا بارتباطها بالشارع المصري، كما يشدد على إيمان نشطاء المجموعة بدورها في دعم المحتاجين والاهتمام بالتنمية المجتمعية.. قائلا: «بدأنا بالفعل مشروعا في عزبة الهجانة بمحافظة السويس وأقمنا مصنعا للسجاد اليدوي للفتيات ونحن نستعد للعديد من المشاريع في مناطق أخرى».