بارزاني: حلمي كان أن أصبح طيارا.. لكن الثورة الكردية حالت دون تحقيقه

اعترف لمجموعة من الأطفال اقتحموا مكتبه بأنه يحب أصغر أبنائه أكثر من الآخرين

TT

الزعيم الكردي مسعود بارزاني مشغول جدا، وجدول أعماله «مقبط» كما يقول العراقيون، حسبما ذكر لـ«الشرق الأوسط» مدير ديوانه الدكتور فؤاد حسين الذي بدا هو الآخر يصعب الاتصال به بسبب كثرة مشغولياته بتنظيم مواعيد رئيسه، وانهماكه الدائم باستقبال الضيوف وتوديعهم وهم كثر لا يكاد يخلو منهم المكتب الرئاسي في مصيف صلاح الدين قرب أربيل في أي يوم صباحا ومساء.

فكردستان، وتحديدا مكتب بارزاني أصبح ملاذا لكل القوى السياسية العراقية تلجأ إليه كلما واجهتها مشكلة سياسية في العراق وضاقت بها سبل الحل، ناهيك بالكم الهائل من الواجبات التي يضطلع بها لقيادة الإقليم.

لم تحلّ مشاغل الرئيس وهو يودّع رئيس القائمة العراقية إياد علاوي الذي لجأ إليه ليحل مشكلته مع رئيس الوزراء نوري المالكي، ثم يستقبل وفدا من التيار الصدري الذي جاء للتباحث معه حول الإصلاحات في العراق وكيفية الخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، لم تحل كل تلك المشاغل والالتزامات السياسية دون تفرغ رئيس الإقليم لمجموعة من أطفال كردستان الذين اقتحموا مكتبه الرئاسي فجلس إليهم يحاورهم. أكثر من 150 طفلا من مختلف الأعمار يشكلون طليعة المتفوقين في مدارس كركوك وأربيل ودهوك والسليمانية وكرميان اقتحموا مكتبه وتوزعوا في إرجائه، منهم من جلس على نفس الكرسي الذي جلس عليه كبار قادة الدولة وضيوف كردستان من زعماء وقادة العالم، ومنهم من اطلع على ملفاته المرفوفة على المكتب، ومنهم المتفحص لجدران المكتب والصور المعلقة عليها.

في بداية اللقاء عبر سفين دزه يي وزير التربية عن بالغ سروره بإتاحة الرئيس لهذه الفرصة الثمينة والمبادرة باستقبال هذه المجموعة، معربا عن أسفه لعدم تمكنه من إشراك مجموعات أخرى من طلبة المناطق المتنازع عليها بسبب حلول العطلة الصيفية، مؤكدا بأنه سيأتي بهم «في فرصة ثانية بعد انتهاء العطلة ليتشرفوا بلقاء زعيمهم».

ثم رحب بارزاني بحرارة بقدوم هؤلاء الأطفال، واصفا لقاءه بهم بأنه لم يشعر بسعادة بالغة كما شعر في ذلك اليوم وهو يلتقي بهؤلاء الأطفال، وقال: «أشكر السادة المعلمين والأساتذة وكذلك الأخ وزير التربية الذي بادر بطرح هذه الفكرة».

وتحدث بارزاني عن عطاءات شريحة المعلمين بكردستان مذكرا بمواقفهم الوطنية بعد انتفاضة ربيع عام 1991 وكيف أنهم واجهوا جميع الصعاب متطوعين باستمرار التعليم حتى من دون تسلم الرواتب التي توقفت في تلك الفترة بسبب ظروف انسحاب الإدارات الحكومية بأوامر من النظام العراقي السابق، وقال: «لن أنسى مواقفهم هذه أبدا، واليوم اختلفت الظروف وحان الوقت لكي ننشئ مدارس نموذجية لطلبة كردستان وأن نتقدم بخطوات أكثر من أجل تحسين النظام التربوي». وبعد هذه الكلمة دعا بارزاني الأطفال إلى توجيه أسئلتهم ليجيب عنها.

وكان الأطفال ينتظرون بشغف بالغ ليسألوا رئيسهم بعض الأسئلة التي حضروها مسبقا وتمحورت حول حياته الدراسية وكيفية دخوله معترك النضال الثوري، وهواياته وأمانيه وأحلامه عندما كان طالبا بالمدرسة، والمحطات المهمة في حياته، وما أفرحه وأحزنه أثناء مراحل حياته. فأجابهم بارزاني: «عندما كنت طالبا بعمركم كنت أحلم أن أكون طيارا، ولكن بسبب اندلاع ثورة سبتمبر (أيلول) التحررية تحول حلمي إلى أن أكون بيشمركة، وهكذا تركت مقاعد الدراسة والتحقت بالثورة في جبال كردستان، وأنا أفضل دائما حياة البيشمركة على رئاسة الإقليم التي أعتبرها خدمة عامة من أجل شعبي».

وعن المواقف السعيدة والحزينة في حياته قال بارزاني: «الأوقات الحزينة كانت عندما أتلقى خبرا باستشهاد أحد رفاقنا، والأوقات السعيدة حينما كنت أتلقى خبر انتصارات البيشمركة على جبهات القتال».

أما عن أولاده وأحفاده فقد كشف بارزاني لأطفال كردستان بأنه ينظر إلى أولاده وأحفاده بنظرة متساوية في المحبة والعطف، لكنه اعترف بأنه يحب أصغر أبنائه أكثر من الآخرين.

وقبيل توديعه تجول الأطفال في جميع أرجاء المكتب الرئاسي وزاروا أقسامه المتعددة لمعاينة كيفية أداء الرئيس لمهامه اليومية، وودعهم بارزاني بمجموعة من الهدايا وبتقديم خطابات شكر وتقدير لجميع الأطفال من أعضاء الوفد.