المالكي لوزير الخارجية الإيطالي: تخفيف حكم الإعدام على طارق عزيز ليس من صلاحيتي

مقرب منه لـ «الشرق الأوسط»: تأخر التنفيذ مرده إلى وجود قضايا أخرى

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مسؤول ومقرب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن الأخير «اعتذر عن إمكانية إصدار أمر يقضي بتخفيف الحكم عن نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز المحكوم عليه بالإعدام بسبب تعارض ذلك مع الدستور وعدم وجود صلاحيات دستورية للمالكي أو حتى لرئيس الجمهورية بشأن ذلك».

وقال المصدر المسؤول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني «طلب فعلا من المالكي إمكانية تخفيف الحكم الصادر بحق طارق عزيز من المحكمة الجنائية العراقية العليا إن لم يكن ممكنا إطلاق سراحه بسبب تقدمه في السن ولكونه مريضا، لكن المالكي أبلغ الوزير الإيطالي أن القضية ليست بيده (المالكي) ولا يملك السلطة التي يمكن أن تخوله إطلاق سراح عزيز أو تخفيف الحكم لتعارض ذلك مع الدستور». وأوضح المصدر المسؤول أن «المالكي أكد للمسؤول الإيطالي أن هذه القضية بيد القضاء وهو سلطة مستقلة، كما هي أيضا بيد البرلمان في حال أراد إصدار أحكام خاصة فإن ذلك يحتاج إلى تصويت بحيث يكون على هيئة قانون».

وبشأن ما أعلنه فراتيني من أنه حصل على وعد بتعليق حكم الإعدام، أكد المصدر المسؤول أن «الحكم بإعدام طارق عزيز صدر بالفعل، ولكن لم يقل أحد إنه يمكن أن ينفذ بمجرد انتهاء المهلة القانونية الخاصة به، وذلك لوجود قضايا أخرى لا تزال تنتظر عزيز وبعض قيادات النظام السابق، وبالتالي فإن الحكم عليه مؤجل التنفيذ بالفعل ولا يحتاج إلى تدخل من أي جهة لوجود قضايا أخرى لم تحسم بعد».

وكان فراتيني قد أكد في مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس أنه يعتقد أنه «كان إنجازا كبيرا التمكن من الحصول على تعليق للحكم». وأضاف فراتيني عقب لقائه الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي أن «تعليق حكم الإعدام هذا جاء على الرغم من موقف الرئيس العراقي جلال طالباني الذي أبدى استعداده لإمكانية العفو عنه». وأشار إلى أن «من المهم أننا هنا اليوم لمناقشة وضع طارق عزيز الموجود في السجن حاليا وليس في القبر».

من جهته، أكد الخبير القانوني العراقي طارق حرب رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ليس بوسع أحد في العراق أن يملك سلطة تأجيل أو تعليق أحكام الإعدام بحق المتهمين ما لم يصدر قانون خاص بذلك من قبل البرلمان، وهو أمر لم يحصل حتى الآن في كل الأحكام التي صدرت بحق المتهمين». وأضاف أن «هناك فرقا بين الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية وبين عملية التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية حيث تسري أحكام هذه على تلك بحكم القانون والدستور»، مشيرا إلى أن «عملية التعليق قد تكون إجرائية ومرتبطة بظروف أو قضايا أخرى». وحول دور رئيس الجمهورية في هذه القضية، أشار حرب إلى أن «دور رئيس الجمهورية يتحدد في إعداد المراسيم الجمهورية الخاصة بذلك والمصادقة على أحكام الإعدام بعد أن تتم المصادقة عليها من قبل المحاكم المختصة»، نافيا «إمكانية أن يقوم رئيس الجمهورية بتخفيف الحكم أو العفو عن المتهم لعدم تخويل الدستور له وبالتالي فإنه ملزم بالتنفيذ». وردا على سؤال بشأن رفض رئيس الجمهورية جلال طالباني التوقيع على أحكام الإعدام، قال حرب إن «هذه قصة أخرى لأن رئيس الجمهورية ملزم بتنفيذ كل مواد الدستور لكنه وبسبب الوضع الخاص للرئيس (جلال) طالباني بوصفه محاميا كان قد وقع على وثيقة دولية بعدم تنفيذ أحكام الإعدام فإنه والحالة هذه ملزم بتخويل أحد نوابه بالمصادقة على أحكام الإعدام».

وكان عزيز حكم عليه بالإعدام قبل أكثر من سنة في قضية تصفية الأحزاب الدينية كما صدرت بحقه عدة أحكام أخرى في قضايا مختلفة من بينها أحكام بالسجن مدى الحياة وعشر سنوات وخمس سنوات كما شملته أحكام براءة في قضايا أخرى. لكن عزيز البالغ من العمر 76 عاما، الذي كان أول مسؤول عراقي بارز يسلم نفسه للقوات الأميركية وذلك في 24 أبريل (نيسان) 2003، يعاني جملة أمراض أثرت كثيرا على وضعه الصحي من حيث النطق والحركة. وفي الوقت الذي يعتبر فيه أرفع مسؤول عراقي لا يزال يقبع في السجن فإنه المسؤول الوحيد (مسيحي) الذي أثيرت حول إعدامه ضجة دولية تقودها إيطاليا والفاتيكان بشأن إمكانية العفو عنه من قبل السلطات العراقية.