إيطاليا تلوح بالقضاء الدولي ضد البرازيل لرفضها تسليم مطلوب

بعد رفض برازيليا تسليم باتيستي المحكوم عليه بالمؤبد بسبب جرائم قتل

TT

ردت روما «بمرارة» أمس على قرار البرازيل الإفراج عن الناشط اليساري المتطرف السابق، سيزار باتيستي، ورفض تسليمه لإيطاليا، وأكدت عزمها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي؛ فقد عبر رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني عن «شعوره بالمرارة الكبيرة»، معتبرا أن قرار البرازيل «لا يأخذ في الاعتبار التوقع المشروع بإحقاق الحق خصوصا لعائلات ضحايا باتيستي».

وحتى الرئيس الإيطالي، جورجيو نابوليتانو، الذي يعرف عنه تحفظه ويملك خصوصا سلطة معنوية، انتقد «قرارا يناقض روابط الصداقة التاريخية بين البلدين»، وعبر عن «تضامنه مع عائلات ضحايا الجرائم المروعة التي ارتكبها سيزار باتيستي».

وسيزار باتيستي (المولود عام 1954) كان مطلوبا لإيطاليا بعد الحكم عليه غيابيا عام 1993 بالسجن مدى الحياة، بتهمة ارتكاب أربعة جرائم قتل والضلوع في جرائم قتل نهاية سبعينات القرن الماضي (هذه السنوات شهدت أنشطة إرهابية)، وهي جرائم يؤكد براءته منها. وأشار برلسكوني إلى أن روما «ستفعّل المراجع القضائية المناسبة لضمان احترام الاتفاقات الدولية» بين البرازيل وإيطاليا. كذلك، أوضح وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، أن إيطاليا «ستستخدم أي آلية ممكنة للوصاية القضائية أمام المؤسسات المتعددة الأطراف المختصة، خصوصا أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي».

وقال فراتيني: «المباراة لم تنته، وقد فاز الإرهاب بالشوط الأول»، إلا أن الشوط الثاني سيجري أمام محكمة العدل الدولية «التي يمكن أن تعترف بأن معاهدة تبادل المطلوبين (بين البرازيل وإيطاليا) انتهكت».

ومعروف أن محكمة العدل الدولية، الجهاز القضائي الرئيسي في الأمم المتحدة، مكلفة البت في النزاعات بين الدول. وفي صحيفة «لاريبوبليكا»، أعرب القاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي عن اقتناعه بأن إيطاليا «ستفوز حتما (بطعنها) أمام محكمة لاهاي».

وتعهد الرئيس نابوليتانو، القائد الشيوعي السابق، «بتقديم الدعم الكامل لكل مسار ستسلكه إيطاليا أمام المراجع المكلفة تأمين الاحترام الكامل للمعاهدات الدولية»، كما وصفت النائبة اليمينية اليساندرا موسوليني، حفيدة الديكتاتور الفاشي الراحل بينيتو موسوليني، القرار البرازيلي بأنه «إهانة كبيرة جدا لبلدنا» و«لعائلات الضحايا».

وفي الجانب الآخر من المشهد السياسي، انتقدت روزي بيندي رئيسة الحزب الديمقراطي (يسار) ما سمته «إهانة خطيرة لإيطاليا وللصداقة بين البلدين». واعتبرت أن القرار البرازيلي مرده إلى «الضعف وفقدان المصداقية» لدى حكومة برلسكوني.

وتحدث مارويزيو كامبانيا، الذي فقد شقيقه الشرطي أندريا، في جريمة أدين باتيستي بارتكابها، عن «صفعة معنوية لدولة القانون في إيطاليا»، واعتبر أن قرار السلطات البرازيلية «سياسي» صرف.

وجاءت هذه التعليقات بعد أن رفضت المحكمة العليا في البرازيل تسليم باتيستي، إلى إيطاليا، وقررت إطلاق سراحه، بعد أن ظل معتقلا لمدة أربعة أعوام. وصوت خمسة قضاة على الأقل من أصل تسعة، ضد الترحيل مثبتين بذلك قرار الرئيس البرازيلي السابق، لولا دا سيلفا، نهاية العام الماضي.

وعام 2009، وافقت المحكمة العليا الفيدرالية على تسليم باتيستي، إلا أنها تركت في حكم مثير للجدل، للرئيس لولا القرار الأخير. وكان رفض لولا في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2010، قبيل انتهاء ولايته، تسليم باتيستي قد تسبب بأزمة دبلوماسية بين برازيليا وروما التي استدعت سفيرها في البرازيل. واعتقل باتيستي عام 1979 عندما كان في صفوف مجموعة «البروليتاريين المسلحين من أجل الشيوعية»، ثم فر عام 1981، وبدأ فترة هروب طويلة في المكسيك ثم في فرنسا (1990 إلى 2004)، حيث أصبح مؤلف روايات بوليسية، ثم في البرازيل.