كانت ألمانيا حاضرة دوما خلال معارك أخيرة حول الاقتصاد الأميركي. وعندما حققت ألمانيا نموا أسرع من الولايات المتحدة، كان مشككون في التحفيز الاقتصادي يميلون إلى الإشارة صوب المحيط الأطلنطي والقول بأن إجراءات التقشف ستؤتي ثمارا طيبة. وعندما كان النمو بطيئا بدرجة أكبر، تغير رأي من يعتقدون أن التحفيز الاقتصادي الأميركي أحدث فارقا كبيرا - وكنت معهم.
ولكن الحكاية الكاملة أكثر إثارة من أي تصوير غير دقيق. فخلال العقد الماضي، نجحت ألمانيا في بعض النواحي الهامة التي لم تحقق فيها الولايات المتحدة نجاحا مماثلا. وهذه الدروس ليست ليبرالية أو محافظة، ببساطة، ولكنها تجمع بين الأمرين. ومع ضعف اقتصادنا من جديد - ومع زيارة المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل للبيت الأبيض هذا الأسبوع - يبدو هذا وقتا جيدا لإلقاء نظرة عن قرب.
والحكاية بإيجاز هي أنه على الرغم من شهرتها باتباع إجراءات التقشف، فقد كانت ألمانيا أكثر ميلا من الولايات المتحدة لاستخدام سلطة الحكومة لمساعدة اقتصادها. ولكنها كانت أيضا أكثر قسوة في التخلص من الأشياء المسرفة داخل الحكومة.
وكانت النتائج مثيرة للاهتمام بدرجة كبيرة. وبعد الأداء الأسوأ للاقتصاد الألماني مقارنة بالاقتصاد الأميركي على مدار عدة أعوام، إلا أنه تمكن من النمو بوتيرة أسرع منذ منتصف العقد الأخير. (وقد كان أداؤه أفضل من اقتصادنا قبل الأزمة كما أنه واجه نفس الأزمة تقريبا). ويأتي على نفس القدر من الأهمية أن معظم الألمان بدوا أفضل بالمقارنة مع معظم الأميركيين، لأن السخاء الذي فاض به نموهم لم يتركز بين مجموعة صغيرة من الأثرياء.
وارتفع متوسط الأجر في الساعة حسب التضخم بقرابة 30 في المائة منذ 1985 داخل ألمانيا، وفي المقابل لم يحقق العمال الأميركيون نفس المكاسب منذ الخمسينات أو الستينات من القرن الماضي. وارتفع متوسط الأجر في الساعة داخل الولايات المتحدة بنسبة 6 في المائة منذ 1985. كما تمكنت ألمانيا من تجنب فقاعة الإسكان، على عكس الولايات المتحدة وبريطانيا وآيرلندا وإسبانيا ودول أخرى. ولدى الأطفال الألمان مهارات أقوى في مجال الرياضيات والعلوم بالمقارنة مع نظرائهم الأميركيين. ويعد العجز في الموازنة داخل ألمانيا على المدى القصير أقل منه داخل الولايات المتحدة. ونجد أن معدلات البطالة مختلفة تماما عن معدلات البطالة لدينا، حيث تبلغ داخل ألمانيا 6.1 في المائة، وهو أقل كثيرا مما كانت عليه عندما بدأت الأزمة المالية عام 2007. وفي المقابل ارتفعت معدلاتنا إلى 9.1 في المائة.