كلينتون من أبوظبي: مساعدو القذافي يناقشون «احتمال انتقال السلطة»

مجموعة الاتصال حول ليبيا تتوصل لآلية مؤقتة لتمويل المجلس الانتقالي وتقر بوجود صعوبات

هيلاري كلينتون ترفع يدها لتسلم على نظيرها التركي أحمد داود أوغلو بطريقة مميزة في أبوظبي أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا، في ختام اجتماعها في العاصمة الإماراتية أبوظبي، أمس، توصلها إلى آلية مؤقتة لتمويل المجلس الانتقالي ودعمها ومساندتها للشعب الليبي ممثلا في هذا المجلس، بينما أظهر الاجتماع الثالث للمجموعة أن الدائرة تضيق حول عنق نظام العقيد الليبي معمر القذافي في طرابلس مع تصاعد الثقة الدولية بالمجلس الانتقالي.

وكان لافتا أنه في حين اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن أيام العقيد الليبي معمر القذافي في الحكم أصبحت معدودة، اعتبر وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد أن القيادة الليبية فقدت شرعيتها، في الوقت الذي بدا فيه أن الإمارات حسمت أمرها لجهة الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، وإن كان وزير خارجيتها فضل عدم إعلان ذلك صراحة، وكان من الواضح ما حمله الاجتماع من اهتمام نحو المزيد من الانحياز والدعم الدولي للمجلس الوطني الانتقالي الليبي بديلا لنظام العقيد معمر القذافي، على الرغم من أن المسؤولين المشاركين لم يخفوا وجود صعوبات في الوصول إلى آلية دائمة لإيصال الدعم المالي إلى المجلس الوطني الانتقالي.

وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن نظام العقيد الليبي معمر القذافي «فقد الشرعية». كاشفة عن أن أشخاصا مقربين من الزعيم الليبي معمر القذافي يجرون اتصالات مع عدد من المحاورين المختلفين بشأن «احتمال انتقال السلطة».

وصرحت كلينتون قائلة «هناك الكثير من المناقشات المستمرة التي يجريها أشخاص مقربون من القذافي، ونحن على علم بأن هذه المناقشات تتضمن عدة أمور من بينها احتمال انتقال السلطة». وقالت كلينتون «لا يوجد طريق واضح بعد إلى الأمام».

وقالت كلينتون، إن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر أن المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا هو الممثل الشرعي للشعب الليبي.

وأضافت: «هناك محادثات بالدوائر المحيطة بالقذافي حول انتقال السلطة، وروسيا ودول أفريقية انضمت إلينا لأجل رحيل القذافي». وقالت: «نقوم بخطوات لدعم عمليات بيع النفط للمجلس الانتقالي في ليبيا، وتم التوصل إلى آلية لدعم هذا المجلس ماليا خلال اجتماع اليوم بأبوظبي».

وقالت: «نعمل على أن تصل المعونات لأفراد الشعب الليبي»، مشيرة إلى أن الكونغرس الأميركي يناقش قانونا لنقل الأموال الليبية المجمدة لتكون معونات للشعب الليبي.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة لديها الكثير من المسؤوليات مع شركائها لدعم الشعب الليبي للحصول على مستقبل أفضل.

وأضافت أن هناك عملا أساسيا مطلوبا من المجلس الانتقالي بعد مغادرة القذافي، ونحن سنساعده لفرض النظام وتحقيق الاستقرار والبناء والإصلاحات المطلوبة.

وقالت نحن مستعدون من خلال الآلية التي تم الاتفاق عليها اليوم إلى ضخ الأموال للمجلس الانتقالي، وهم مستعدون لتسلم الأموال والاستفادة منها بشرط أن يتم الإنفاق بشفافية وستتم المحاسبة حول إنفاق هذه المبالغ.

وأضافت «إننا أبلغنا المجلس الانتقالي بأن الدعم سيكون قرضا ملزما للحكومة الليبية القادمة»، معتبرة أن «المجلس الانتقالي بليبيا حقق تقدما ويجب دعمه في خطواته، ونحن لدينا حوار مع ممثليهم حول ما هو مطلوب منهم».

وأشارت إلى أن واشنطن ترحب بقرار حلف شمال الأطلسي (ناتو) بتمديد مهمته في ليبيا، مضيفا أن ليبيا لن تستطيع أن تعمل مع المجتمع الدولي ما دام القذافي على رأس النظام.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره التركي، أن المجلس الانتقالي الليبي بحاجة إلى فترة زمنية ليدرك حجم الاحتياجات المالية الفعلية، معتبرا أنها أحجام هائلة، مشيرا إلى أن ذلك قد يتعزز في حال استمرار تجميد مجلس الأمن الدولي لأموال القذافي.

وقال الوزير الإماراتي إن هناك إحجاما هائلة من الاحتياجات ستبرز بوضوح إذا استمر الوضع كما هو مع استمرار مجلس الأمن الدولي وضع تجميد الأموال الليبية، وهو الأمر الذي يضع عقبات أمام المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا لبيع النفط في الأسواق العالمية، هنا سنواجه مشكلة.

ولفت المسؤول الإماراتي إلى أن المجلس الوطني الانتقال يحتاج إلى أسابيع وربما أكثر ليدرك حجم وأهمية وثقل المسؤولية عليه، وهناك إشكالية نتحدث عنها هي أن أحجام الاحتياجات الفعلية هي أحجام هائلة، معربا عن أمله في الوصول إلى توافق دولي في مجلس الأمن حول المجلس الانتقالي وآلية الدعم على اعتبار أن هذا وقت عصيب للشعب الليبي، ولكننا متأكدون من قدرات الشعب الليبي، ولكن إذا تمكنا من إيجاد الآليات لتمويل المجلس.. نأمل من كل البلدان أن تفي بوعودها.

وتحدث المسؤول الإماراتي في المؤتمر الصحافي عن التوصل إلى آلية مؤقتة لتمويل المجلس الانتقالي وهذه الآلية هي كناية عن صندوق تحكمه معايير سياسية ويمكن للدول المساهمة فيه عبر تقديم المساهمات والقروض لدعم المجلس.

وتعهدت الكويت، أمس، بتحويل 180 مليون دولار إلى هذا الصندوق فورا، في حين تعهدت فرنسا بتقديم 290 مليون يورو، بينما أعلن وزير الخارجية الإيطالي أمام الاجتماع، أمس، أن بلاده ستمد المعارضة في ليبيا بما قيمته 400 مليون يورو من النفط والنقد، مضيفا أن هناك ما يعادل 8 مليارات يورو لليبيا مجمدة في إيطاليا، وهي ليست ملكا النظام، بل ملك الشعب الليبي. ويشار هنا إلى أن إيطاليا، القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، هي من أول البلدان التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي، بصفته المحاور الشرعي في هذا البلد.

وشدد وزير الخارجية الإماراتي على أن آلية تمويل المجلس الانتقالي المؤقتة التي تم التوصل إليها تتعامل فقط مع مساهمات الدول في صندوق الدعم ولا تتعامل مع مساهمات أخرى، سواء القروض المجمدة أو الأرصدة.

وكشف عن أن الأموال التي ستقدمها الدول لمساعدة المجلس الانتقالي في ليبيا هي عبارة عن ديون مستردة. وقال «اليوم تلقينا رسالة مهمة من المجلس الوطني عبر فيها عن وجهة نظره التي مفادها أن أي قروض تقدم للمجلس فإن أي حكومة ليبية قادمة ستلتزم بها»، معتبرا أن البلدان المعنية بالأزمة الليبية تقدم على خطوات إلى الأمام نحو المجلس الوطني الانتقالي، مضيفا «ما قمنا به في الإمارات هو خطوة إلى الأمام مع أننا لم نقم بالخطوات الكافية ولكن الزمن سيظهر أننا نعمل في هذا الاتجاه».

وعلى المستوى السياسي اعتبر عبد الله بن زايد أن المال والدعم مهم لليبيا بقوله «نحن أصدقاء ليبيا فقط نحاور لإيجاد الحلول والمخارج للشعب الليبي»، متسائلا «أين القيادة الليبية التي فقدت شرعيتها، البعض يلوم مواقفنا وهذا صحيح ولكن عتبنا هو عتب المجتمع الدولي على نظام معمر القذافي كيف سمح للوضع الليبي أن يصل إلى هذه النقطة». وأضاف «إننا في هذه المجموعة نعمل بجد لخدمة هذا المشروع وهناك خطوات ملموسة وخطوات غير ملموسة، وهناك إشكاليات كثيرة تواجهنا، ولولا جهد الجامعة العربية والناتو كنا سنرى مجزرة في بنغازي التي أنقذت بفضل الجامعة العربية».

وفيما إذا كان من الممكن الاستعانة بأموال القذافي المجمدة في البنوك الأوروبية لدعم الصندوق، قال عبد الله بن زايد إن هذه الأموال أموال مجمدة بنص قرارات مجلس الأمن ولا يمكن أن يتم الوصول إلى هذه الأموال إلا بنص من مجلس الأمن، متأملا صدور قرار يحرر تلك الأموال لصالح الشعب الليبي. وقال «نحتاج لبعض الوقت ونحتاج لمرحلة انتقالية للوصول إلى ذلك». ومع إصرار الصحافيين على انتزاع موقف من الخارجية الإماراتية فيما يتعلق بالاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي قال وزير الخارجية في رد على أحد الصحافيين فيما إذا كانت الإمارات تعترف بالمجلس «اصبر ستسمع الإجابة التي ترضيك»، وهو ما يشير بما لا يدع مجالا للشك وفقا لمصادر مطلعة أن الإمارات حسمت أمرها باتجاه الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي بديلا لنظام القذافي.

من جهته، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، إنه يفهم «كل هذا الإحباط في المجتمع الدولي وكل البلدان التي لها علاقات مع ليبيا حيال ما يدور هناك»، داعيا إلى بذل المزيد ضد العدوان. وقال «يجب أن يكون هناك أبعاد أخرى للدعم مثل الأبعاد الإنسانية على أن يتم ذلك بشكل متكامل ونحن عقدنا العزم على مساعدة الشعب الليبي وإصرار الشعب الحر هو من سيقرر مصير ليبيا».

وأعلنت تركيا تأسيس صندوق برأسمال مائة مليون دولار لدعم المعارضة الليبية. وقال أوغلو «الليبيون بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية ولتلبية الاحتياجات الطبيعية للمدارس والمستشفيات. في تركيا وعدنا بإنشاء صندوق بـ100 مليون دولار وكل بلد ستكون له ترتيباته الخاصة مع المجلس في المستقبل»، مشددا على ضرورة أن تكون هناك آليات واضحة للتعامل مع ثروات ليبيا في المستقبل، لافتا إلى أن تركيا هي حليف للشعب الليبي فقط ومنذ اليوم الأول كان لنا موقف واضح من وراء الكواليس وقلنا للقذافي في الأيام الأولى إن عليه أن يرحل وفي الوقت نفسه، قلنا إن مستقبل ليبيا بيد الشعب الليبي وإنه لا بد أن يكون لليبيا مستقبل حر ديمقراطي وأرسلنا مساعدات إنسانية في الأيام الأولى.

واختتمت أعمال الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال حول ليبيا، أمس في أبوظبي برئاسة الإمارات ممثلة بالشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية وهيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية وفرانكو فراتيني، وزير خارجية إيطاليا، على أن يعقد الاجتماع القادم في تركيا في يوليو (تموز) المقبل.

وشارك في الاجتماع أكثر من عشرين وزير خارجية والكثير من ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية كمجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).