شبلي العيسمي أحد مؤسسي «البعث» السوري.. اختفى في لبنان

ابنته تتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن مماطلة وعدم جدية في التعاطي مع الملف.. وتناشد الأسد التدخل

..وفي ريف دمشق منطقة داريا
TT

قرابة الحادية عشرة من ليل 24 مايو (أيار) الماضي، اختفى السوري شبلي العيسمي (86 عاما) أحد مؤسسي حزب «البعث العربي الاشتراكي» الذي شغل منصب نائب أمين عام الحزب عام 1965، في مدينة عالية (جبل لبنان)، أثناء ممارسته رياضة المشي قرب منزل ابنته في شارع الزهور بالمدينة.

بعد مرور نحو 18 يوما على الحادثة، لا جديد في التحقيقات، وابنته رجاء شرف الدين، زوجة رجل الأعمال اللبناني رجا سعيد شرف الدين، تتحدث عن مماطلة وعدم جدية في التعاطي مع الملف، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نستنكر هذه الخفة في التعاطي مع قضية الوالد من قبل كل الجهات دون استثناء، فهم لا يعطون أي أهمية لوزن وقيمة شبلي العيسمي»، لافتة إلى أن «والدها ناهز التسعين عاما، وبالتالي تتحول القضية هنا أيضا إلى قضية إنسانية تتوجب معالجتها بأسرع وقت ممكن». وتلفت شرف الدين إلى أن «هناك، دون أدنى شك، رسالة وراء عملية الاختطاف»، رافضة توجيه أصابع الاتهام لأي جهة، وتضيف: «نحن لا نشك بطرف محدد، فالمنطقة هنا مفتوحة، ووالدي رجل له وزنه وقيمته، لكنه في الفترة الأخيرة، كأي رجل في سنه، فضَّل الانصراف لشؤون عائلته، غير آبه بمشاغل السياسة».

وتعتبر شرف الدين أن «كل ما بإمكان العائلة القيام به مناشدة المسؤولين والقادة الأمنيين اللبنانيين إعطاء المزيد من الاهتمام للقضية»، مناشدة، كذلك، الرئيس السوري بشار الأسد الالتفات إلى الملف. وتتابع: «ما حصل لا يليق بلبنان ولا بعالية، خاصة أننا دخلنا موسم الاصطياف، والحادثة قد تؤثر بشكل دراماتيكي على السياحة في المنطقة والبلد عموما».

كان العيسمي قد وصل إلى لبنان قبل 5 أيام من اختطافه، آتيا من الولايات المتحدة الأميركية، حيث يعيش ولداه. وهو لا يمارس أي نشاط سياسي منذ عام 1992 بعد أن تخلى عن منصب الأمين العام المساعد في حزب البعث العربي في العراق، الذي شغله طوال 26 عاما. وفي الستينات، عمل في سوريا وزيرا للإصلاح الزراعي ثم وزيرا للمعارف، ثم وزيرا للثقافة والإرشاد القومي قبل أن يصبح نائبا للأمين العام لحزب البعث 1965. ووصف وزير المهجرين اللبناني، أكرم شهيب، العيسمي بأنه «مناضل من مناضلي الأمة»، معتبرا أنه لا يجوز أن يبقى اختفاؤه لغزا من دون حل. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المؤسف أن هذا الرجل في آخر حياته السياسية يبحث عن (غرين كارد) للإقامة في الولايات المتحدة بقرب أحفاده، ثم يختفي وكأن شيئا لم يحصل». وأوضح أنه منذ اختفاء العيسمي «راجعنا السلطات الأمنية، وتواصلنا مع معظم القيادات السياسية ولا جواب». وإذ قال إن العيسمي «قدم الكثير للقضية الفلسطينية وكان رافدا من روافد الأمة، وسواء التقينا معه أم لا، فلا بد من أن نحترم عقله وتاريخه».

العيسمي أحد مؤسسي حزب «البعث»، وله أكثر من 17 كتابا بين دراسة وتحليل، أهمها عن «عروبة الإسلام وعالميته» و«الوحدة العربية»، فهو كان واحدا من مهندسي الوحدة بين مصر وسوريا، وأجرى لقاءات طويلة مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وقد طبعت بعض مؤلفاته مرارا وترجمت إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية.

اليوم يحمل أفراد عائلته وسكان عالية ورأس الجبل الشموع في مسيرة صامتة ومستنكرة للامبالاة في التعاطي مع الملف، آملين أن «تكون عملية الكشف عنه خير جواب لمن يرغب في توريط لبنان والنيل من سمعته في نزاعات ضيقة وتصفيات لحسابات سياسية لا تأخذ في الاعتبار القيم الإنسانية».