حرب إعلام و محللين لضرب مصداقية الإعلام غير المتعاطف

جدل بعد إعلان «محلل سياسي» أن مراسل «بي بي سي» رفض دعوة لتغطية أحداث تل الشغور

TT

يخوض الإعلام السوري وجموع «المحللين» المدافعين عن النظام، ما يشبه الحرب على وسائل الإعلام الخارجية التي تقوم بتغطية الأحداث الجارية في سوريا، وضرب مصداقيتها بأي وسيلة. ويصف الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، نظيره الخارجي بأنه إعلام «تحريضي مغرض وضالع في المؤامرة». إلا أن طريقة جديدة في ضرب مصداقية الإعلام الخارجي بدأت بالظهور، وإن لم تتضح بعد ملامحها. فما زال الغموض يلف قصة المداخلة الهاتفية التي تورطت قناة فرانس 24 ببثها على أساس أنها لسفيرة سوريا في باريس وهي تعلن استقالتها من منصبها، إذ سرعان ما ظهرت السفيرة السورية لمياء شكور على عدة قنوات إخبارية عربية لتنفي أن تكون قد أدلت بأي تصريحات و تؤكد أنه تم انتحال شخصيتها وتتهم قناة (فرانس 24) بأنها فبركت المكالمة بقصد تشويه الحقائق مهددة بمقاضاتها.

وثمة قصة أخرى في السياق ذاته ظهرت يوم أمس، حين ظهر «محلل سياسي» سوري من الموالين للنظام السوري على شاشة «بي بي سي» العربية، ليقول إن مراسلهم في دمشق رفض دعوة وزارة الإعلام السورية للذهاب إلى منطقة جسر الشغور لتغطية الأحداث هناك. بعدها خرج مراسل «بي بي سي» في دمشق عساف عبود ليوضح أنه تلقى دعوة من وزير الإعلام للذهاب إلى منطقة جسر الشغور، إلا أن مصور «بي بي سي» متواجد في القاهرة حاليا، وقد حاول أن يستعين بأي مصور آخر لقاء أجر، بعد أن منحته إدارته هامشا ماليا كبيرا ليتصرف، إلا أنه «لم يقبل أي مصور من نحو 10 اتصل بهم بالذهاب معه إلى جسر الشغور رغم العرض المالي المرتفع الذي قدمه». وأضاف عبود أنه أبلغ بذلك وزير الإعلام عدنان محمود وعرض أن يستعين بمصور من التلفزيون السوري، ولكن وكما قال عبود إن أمورا تقنية حالت دون ذلك.

وكان مندوب التلفزيون السوري عبدو حليمة قال خلال نشرة أخبار يوم الخميس إن وزارة الإعلام وجهت دعوات إلى وسائل إعلام خارجية لكن غالبيتها رفضت الذهاب، وهو أمر استهجنه المراسلون في دمشق إذ أن عددا كبيرا منهم لم توجه إليه أي دعوة، ولا حتى وسائل إعلام محلية. وعلموا لاحقا أن الدعوات وجهت إلى عدد محدود جدا من وسائل الإعلام، بينها وسائل لبنانية معروفة بتأييدها للنظام، وقد دأبت السلطة السورية على دعوتها حتى قبل دعوة التلفزيون السوري، ومن تلك القنوات التي تصنف بأنها ملكية أكثر من الملك.

والأسباب التقنية التي حالت دون ذهاب مراسل «بي بي سي» إلى جسر الشغور كانت فرصة لضرب مصداقية إحدى القنوات المصنفة بين قنوات «التحريض» ودحض انتقادها الدائم لعدم السماح للصحافة بالوصول إلى المناطق الساخنة. وهناك من يظن أن الأمر مرتب مسبقا، لأن السلطات تعلم مسبقا أن مصور «بي بي سي» غادر سوريا منذ نحو شهرين، لعدم قدرته على العمل في سوريا في ظل التضييق الشديد الممارس على المصورين. وما يعزز الشكوك في أن الأمر ليس بريئا، هو كيف علم «محلل سياسي أستاذ علاقات دولية»، بتفاصيل إدارية لم يعلم بها الموظفون في وزارة الإعلام. ومن قال له إن مراسل «بي بي سي» تحديدا رفض الذهاب، خاصة أن مندوب التلفزيون السوري في تقريره لم يأت على ذكر اسم أي من المراسلين الذين دعوا ومن قبل ومن رفض منهم الدعوة.

وكانت قناة «فرانس 24» أعلنت الخميس أنها قررت رفع دعوى قضائية أمام الادعاء العام الفرنسي تتهم فيه «سيدة» بتهمة «انتحال شخصية وظيفية» فيما يخص المداخلة الهاتفية على شاشتها الثلاثاء الماضي، لامرأة حددتها على أنها السفيرة السورية لدى باريس، لمياء شكور.

وفي بيانها، قالت «فرانس 24» إنها دعت شكور للمشاركة في برنامج حواري: «هذه الدعوة تمت عبر السفارة (السورية)، التي زودتنا، عند الاتصال بها هاتفيا وبالبريد الإلكتروني، برقم هاتف قالت إنه يعود للسفيرة، كما زودتنا بصورة لها». وتابعت «(فرانس 24) لا يسعها إلا أن تأخذ علما بالتصريحات التي نفتها السيدة السفيرة وهي قامت بالتحليل المقارن الذي أظهر أننا بصدد صوتين مختلفين: صوت المداخلة على (فرانس 24) مساء يوم الثلاثاء صوت مداخلة تكذيب الخبر على القناة الفرنسية (BFM TV)».

لكن نائب مدير تحرير قناة «فرانس 24»، رينيه كابلان، كان قد صرح للصحافة بأن الوضع «مربك للغاية»، مضيفا «لقد حلت ضيفة علينا في السابق، وإن القناة أضافت رقم الهاتف الجوال لشكور لديها. وإنه الذي كانت قد ردت عليه سابقا». وأضاف: «نحن واثقون من أن الشخص الذي خاطبناه على الهواء مباشرة كان هي.. ولا يوجد سبب يدفعنا للاعتقاد أن شخصا آخر يمكنه أن يرد على رقم الهاتف نفسه».