مسؤولة في الطب الشرعي تثير جدلا حول 17 قتيلا شيعوا كضحايا للثورة

مصلحة السجون والطب الشرعي ينفيان وشباب 25 يناير يتقدمون اليوم ببلاغ للنائب العام

TT

يبدو أن الثورة المصرية لن تفرغ من تشييع قتلاها وضحاياها؛ فبين نفي وتأكيد رسميين، بات الرأي العام المصري مصدوما على خلفية تصريحات للدكتورة ماجدة هلال، نائب رئيس مصلحة الطب الشرعي، قالت فيها إن 17 من الجثامين الـ19، التي شيعها المصريون، أول من أمس، هي لسجناء هاربين من السجون المصرية أثناء الفوضى الأمنية التي سادت في البلاد عقب يوم 28 يناير (كانون الثاني).

لكن مصدرا مسؤولا بالطب الشرعي نفى هذه التصريحات، ووصفها بـ«غير الصحيحة»، وفي حين أكد المتحدث الإعلامي لمصلحة السجون أن المصلحة تسلمت جثامين المسجونين الهاربين منذ شهرين، يتقدم اليوم (السبت) ائتلاف مصر الحرة، الذي تسلم جثث القتلى من مشرحة زينهم ببلاغ للنائب العام، متهما نائب رئيس الطب الشرعي بـ«إخفاء معلومات مهمة لمدة أربعة أشهر وتشويه صورة القتلى».

وقالت الطبيبة الشرعية (هلال)، خلال لقائها مع الإعلامي، يسري فودة، على الفضائية المصرية الخاصة «أون تي في»، مساء أول من أمس، إن 17 جثة وصلت إلى مشرحة زينهم بالزي الأزرق للسجناء. ورجحت أن يكون من بينهم نزلاء هاربون من سجن الفيوم، وهو السجن الذي شهد مقتل اللواء محمد البطران، رئيس مباحث قطاع السجون بالفيوم يوم 29 يناير (كانون الثاني) الماضي.

ومن جانبه، نفى مصدر مسؤول بالطب الشرعي لـ«الشرق الأوسط» ما أفادت به هلال قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن جميع السجناء الذين قتلوا خلال ثورة 25 يناير تم دفنهم منذ شهرين، بناء على تقرير الدكتور السباعي أحمد السباعي، كبير الأطباء الشرعيين حينها، وأن معظمهم دفنوا بمقابر محافظة القاهرة بالإمام الشافعي.

وأكد العميد حاتم أبو زيد، رئيس المكتب الإعلامي لرئيس مصلحة السجون، أنه لا صحة لما ذكر بهذا الشأن، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ شهرين لم يرد إلى المصلحة أي معلومات تفيد بوجود جثامين بزي السجن في مصلحة الطب الشرعي، لافتا إلى أنه لو كانت التصريحات صحيحة كان لا بد من عرض الأمر على وزارة الداخلية.

وتساءل أبو زيد: «لماذا لم تبلغ نائبة الطب الشرعي وزارة الصحة المصرية بهذه المعلومات لو كانت صحيحة، وكانت الوزارة بدورها سوف تتصل بنا للاستفسار عن أسماء هؤلاء الأشخاص».

وقال أبو زيد إنه «من الخطوات الروتينية في الطب الشرعي عندما تصل إليه جثة مجهولة الهوية، فإن أول ما يجريه على الجثة هو أخذ البصمات الخاصة بها، ومن ثم الكشف عنها من خلال قاعدة البيانات الخاصة في الأدلة الجنائية، ومن ثم مصلحة السجون، خاصة أنها ذكرت أن الجثث كانت ترتدي بدل السجن الزرقاء».

وتعجب أبو زيد متسائلا: «لماذا حددت الطبيبة سجن الفيوم تحديدا؟ هل كان معهم ما يثبت ذلك؟ وهل تم الكشف عن أسمائهم ومعرفة بياناتهم؟، ولو كان هذا صحيحا؛ لماذا قيدوا على أنهم مجهولون؟ ولماذا لم تتواصل مع مركز البحوث القانونية في وزارة الداخلية أو مصلحة السجون لمعرفة هوية هؤلاء من قبيل الإعلان عن أنهم مجهولو الهوية؟». وأشار أبو زيد إلى أن عدد السجناء الفارين من السجون المصرية حتى اليوم بلغ نحو 7000 سجين من إجمالي 25 ألفا، وذلك عقب اندلاع أحداث الثورة في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، وكل منهم لديه قاعدة بيانات مسجلة في وزارة الداخلية، وسهل التعرف عليهم تماما.

من جانبه أكد الدكتور طارق زيدان المنسق العام لائتلاف ثورة مصر الحرة، الذي بادر بتولي مسؤولية دفن جثامين الضحايا الـ19 أن المعلومات التي وردته، أن هناك 19 جثة من ضحايا ثورة «25 يناير» مجهولي الهوية، وأنهم موجودون منذ أربعة أشهر داخل مصلحة الطب الشرعي، لافتا إلى أن هذا مثبت في الطلب الذي تم تقديمه للجهات المصرية المسؤولة وفي إذن النيابة العامة أيضا، حيث إنه مكتوب فيه أن الجثث من ضحايا الثورة.

وأضاف زيدان أنه عندما ذهبنا لتسلم الجثامين لم يذكر لنا أحد أن هؤلاء مسجونون، لافتا إلى أن مصر كلها تعرف منذ أربعة أشهر أن هناك 19 جثة من ضحايا الثورة موجودة في مشرحة زينهم.

وقال زيدان لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسؤولي المشرحة قالوا لنا عند تسلم الجثث إن بعض الشهداء مقبلون من ميدان التحرير، وإنه تم وضعهم في سيارة معينة»، وتابع: «فوجئنا مثل باقي المصريين بالتصريحات التي تقول إن بعضهم جاء ببدل السجن».

وتساءل زيدان عما إذا كان هؤلاء قد جاءوا «ببدل السجن الحربي»، (في إشارة إلى احتمال أن يكونوا من ضحايا ميدان التحرير الذين ألقي القبض عليهم)؛ لماذا لم يتم أخذ بصماتهم والاستعلام على هويتهم من وزارة الداخلية؟.