«اللجنة العربية ـ الأميركية لمكافحة التمييز» تلغي مشاركة موسيقي سوري في حفلها بسبب أغنية وطنية

في قضية شغلت الجالية العربية حول ما يحدث في سوريا

TT

اعتذرت «اللجنة العربية - الأميركية لمكافحة التمييز» (ADC) عن مشاركة عازف البيانو السوري الشهير مالك جندلي في الحفل السنوي للجنة أمس، بسبب أغنية بعنوان «وطني أنا»، تشير كلماتها إلى حب الوطن والتضحية في سبيله. واعتبرت اللجنة الأغنية وكلماتها تثير الخلافات بين الحضور من الجالية العربية - الأميركية في واشنطن، وأنها تعد أغنية سياسية تهاجم الأنظمة، بينما تكهن بعض المراقبين بأن اللجنة تطمح إلى تجنب الإساءة إلى النظام السوري، وقوبل موقف اللجنة بعدد كبير من التساؤلات والانتقادات. وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، بدأ المؤلف الموسيقي السوري مالك جندلي حديثه بالترحم «على شهداء الحرية في كل مكان وزمان بالوطن العربي وفي سوريا ومدينته حمص»، وقال «إنني من الداعمين لأهداف اللجنة العربية - الأميركية لمكافحة التمييز، التي تسعى لحماية حقوق العرب، وأؤمن بجهود أعضائها، وقد شاركت في الحفل السنوي للجنة العام الماضي لتكريم الصحافية هيلين توماس. وقد أبدت اللجنة هذا العام رغبتها في دعوتي، وأعلنت في بيان صحافي في 27 مايو (أيار) الماضي مشاركتي في الحفل واعتزاز اللجنة بالمعزوفات الموسيقية التي سأشارك بها، وكنت سعيدا لمساهمتي في المؤتمر لدعم الجالية العربية». وأضاف جندلي: «فجأة، جاءني طلب بعدم أداء أغنية من تأليفي وأداء المغنية الفلسطينية سلمى حبيب والمغني العراقي علي وعد». وأكد المؤلف الموسيقي أن اللجنة لم توضح أسباب عدم أداء هذه الأغنية وأسباب الاعتذار عن مشاركته في الحفل، وقال: «هذا هو السؤال الذي أريد جوابا صادقا عنه، فهل لم يعجبهم مقام الأغنية، أم الإيقاع أم الكلمات، فالكلمات لا تشير إلى سوريا أو أي وطن آخر، وليس بإمكاني أن أخمن». وأوضح المؤلف الموسيقي السوري أن «المشكلة ليست سياسية وإنما إنسانية، لأن الأغنية لا تطرح موقفا سياسيا، وإنما هي أغنية إنسانية أممية لا تتكلم عن بلد عربي ولا تذكر اسم أي دولة، ولا تخص مذهبا أو عرقا أو أي فئة، وأنا حزين على أن تقف أغنية مدتها خمس دقائق أمام مسيرة 30 عاما للجنة في مكافحة التمييز».

وأكد جندلي أنه «لا يتخذ موقفا سياسيا وإنما يكتب فقط الموسيقى، وهدفه هو نشر الحب والإخاء في كل مكان». ورفض اتهام اللجنة بالتمييز ضده وقال «علينا التمييز بين الحقائق والافتراضات، ولا أستطيع أن أنفي أو أؤكد أنني مؤلف موسيقي سياسي، فاللجنة تفترض أن أغنيتي سياسية ربما بسبب توقيتها، لكني أرجو عدم تسييس المواضيع الإنسانية». وتقول كلمات الأغنية «وطني أنا، حب نار في فؤادي، متى أراك يوما حرا يا وطني، يوم يعلو في سماك شمس الكرم، وللوفاء والحب يكتب القلم، يوم تسقي أرضك من نهر القيم، من دم الشهيد وأصحاب الهمم، ويهتف الشعب حرية الأمم، موطن الأنبياء ومرقد الشهداء، أدعو رب السماء أن يزيل البلاء عن بلادي وأهلي وكل البشر».

من جانب آخر، اعتذرت المتحدثة باسم «اللجنة العربية - الأميركية لمكافحة التمييز» عن التحدث لـ«الشرق الأوسط» لانشغال القائمين على اللجنة في فعاليات المؤتمر السنوي الذي بدأ أمس الجمعة ويستمر حتى يوم الأحد، ويتضمن ندوات تناقش التحديات التي تواجه المنطقة العربية ودور الإعلام ووسائل الاتصال الاجتماعية في الثورات والاضطرابات، إضافة إلى حفل استقبال غنائي كبير، وتسليم جوائز للمشاركين.

وأثارت قضية جندلي جدالا وسط الجالية العربية في العاصمة واشنطن والولايات المجاورة، خاصة أن الحفل السنوي عادة ما يجذب المئات من العرب المقيمين في الولايات المتحدة. وتربط هذه القضية بشكل حي بين الآراء السياسية والثقافية المختلفة وسط أبناء الجالية وآرائهم حول ما يحدث في أوطانهم الأم. واكتفت المتحدثة الصحافية باسم اللجنة بالإشارة إلى بيان أصدرته اللجنة بشأن المؤلف الموسيقي مالك جندلي، وقال البيان «إن هناك محاولات لتشتيت الانتباه من الهدف الأساسي للحفل السنوي لـ(اللجنة العربية - الأميركية لمكافحة التمييز) وتوجيه اتهامات لها بأنها ضد خطاب مؤيد للديمقراطية. وقد دعت اللجنة المؤلف مالك جندلي لأداء معزوفاته الموسيقية للعام الثاني بعد مشاركته العام الماضي».

واعتبر البيان الرجوع عن مشاركة جندولي في الحفل واتهام اللجنة بأنها ضد الديمقراطية، بأنها اتهامات سخيفة. وأكدت شعبية اللجنة ومحاربتها على مدى 31 عاما من أجل الحقوق المدنية والحريات للأميركيين العرب. وقال البيان «إن التعبير عن الآراء السياسية الشخصية مفتوح وتوفر اللجنة فرصة كافية للمناقشة والحوار ضمن الندوات والحلقات النقاشية التي تنظمها لمناقشة سياسات الولايات المتحدة والانتفاضات الشعبية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يدخل الخبراء والعلماء في مناقشات صريحة. ونتمنى مشاركة الموسيقي مالك جندلي في هذه الندوات للتعبير عن آرائه الشخصية في الأحداث». وأكد البيان القاعدة الشعبية للجنة من الأميركيين العرب الذين تختلف أصولهم القومية والدينية والاجتماعية وآراؤهم السياسية، لكنهم يتحدون للكفاح من أجل حقوق العرب في الولايات المتحدة، والابتعاد عن التحريض على الانقسام. وأكدت اللجنة أنها قررت الابتعاد عن أخذ أي جانب في سوء تفاهم ناتج عن الفشل في الحفاظ على المبادئ الأساسية التي تستند إليها اللجنة. وكررت اللجنة تأييدها بشكل لا لبس فيه للحقوق والحريات المدنية لجميع الأشخاص وأنها تدين أي عمل يقوض حرية أو كرامة أي إنسان.