أجواء حرب بين الشمال والجنوب.. والجيش السوداني يسيطر على جنوب كردفان

جيش الجنوب يتهم القوات السودانية بقصف منطقة نفطية داخل حدوده.. وأمبيكي يطرح مقترحات لحل السودان

سودانيون لاجئون يتسلمون نصيبهم من المياه الصالحة للشرب بالقرب من مقر بعثة الأمم المتحدة بعد هروبهم من القتال في مدينة كادوجلي بولاية كردفان (إ.ب.أ)
TT

بينما أعلن الجيش السوداني سيطرته على كامل ولاية جنوب كردفان المضطربة، اتهم جيش الجنوب القوات المسلحة الشمالية بشن ضربات جوية على مواقع نفطية داخل ولاية الوحدة الغنية بالنفط قبل أقل من شهر لإعلان استقلال الجنوب الذي ينتظر أن يتم في 9 يوليو (تموز) المقبل، في وقت دفع فيه رئيس الآلية الرفيعة المكلفة من قبل الاتحاد الأفريقي لمتابعة اتفاقية السلام الشامل بالسودان رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثامبو أمبيكي بحزمة مقترحات للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية بغية الوصول إلى حلول توافقية تعيد الاستقرار في أبيي وجنوب كردفان.

ويعيش السودان أجواء حرب بين الشمال والجنوب. وأعلنت الحركة الشعبية في جنوب كردفان عن تطويق قواتها لمدينتي كادقلي والدلنج، ومحاصرة الجيش السوداني داخل المدينتين، بينما أكدت إسقاط طائرتين عسكريتين في وقت شدد فيه الرئيس السوداني عمر البشير على أن الجيش يبسط سيطرته الكاملة على الولاية المضطربة ويقوم بعمليات تمشيط واسعة لملاحقة عناصر الجيش الشعبي المتمرد وحمل الحركة مسؤولية القتال هناك.

وتواصلت المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الجيش الشعبي بجنوب كردفان لليوم السابع على التوالي، وأكد شهود عيان في كادقلي لـ«الشرق الأوسط» استمرار القصف المكثف بين الطرفين واستمرار النزوح الجماعي من خارج دوائر القتال المتسعة، بينما أكد المدير الإداري لجمعية الهلال الأحمر السوداني بمدينة كادقلي، عبد الفتاح حمزة، لإذاعة الأمم المتحدة، أنهم أطلعوا خلال عملهم الميداني على جثث 15 شخصا قتلوا أثناء المعارك التي دارت في المدينة، مشيرا إلى جرح أكثر من عشرين. وقال حمزة: إن النازحين إلى خارج المدينة يعيشون أوضاعا إنسانية حرجة.

وقال المتحدث باسم الجيش الجنوبي فيليب أقوير لـ«الشرق الأوسط»: إن الجيش السوداني شن ضربات جوية على مواقع للجيش الجنوبي في ولاية الوحدة الغنية بالنفط. وأضاف أن طائرات الأنتنوف والميج قامت بالقصف عدة مرات على منطقة «جاو» في ولاية الوحدة على الحدود مع الشمال نهار ومساء أول من أمس الخميس، وتابع: «أصبح من المؤكد أن القوات المسلحة السودانية لديها نوايا لاحتلال مناطق النفط في الجنوب في ولاية الوحدة قبل ترسيم الحدود». وأضاف أن جيش الجنوب لديه معلومات مؤكدة حول الخطة التي أعدتها القوات السودانية لاحتلال مواقع في شمال واراب والوحدة وأعالي النيل بعد أن احتلت أبيي الشهر الماضي، وقال: «لذلك لم نستغرب من قصفهم يوم الخميس؛ لأننا كنا نتوقعه، خاصة بعد المعارك الدائرة في جنوب كردفان».

ونفى أقوير أن يكون سبب القصف مطاردة القوات الحكومية للجيش الشعبي من ولاية جنوب كردفان الشمالية إلى ولاية الوحدة في الجنوب، وقال: «ما تردده الخرطوم محاولة لتضليل الرأي العام المحلي والدولي؛ لأن المعارك هناك في كادقلي وليست في الجنوب». وأضاف أن ما قامت به القوات الشمالية يعتبر استمرارا لخرق اتفاقية الترتيبات الأمنية، مؤكدا أن الجيش الشعبي في حالة تأهب قصوى؛ لأن قوات الشمال تقوم بتجهيزات لاجتياح الحدود قبل 9 يوليو المقبل، موعد إعلان دولة الجنوب، وقال: «نحن نراقب تحركات الجيش السوداني عن كثب ونعلم أنه قام بمد قوات المتمرد جورج أتور في الحدود بين النيل الأزرق وإثيوبيا بعدد 5 دبابات إلى جانب 15 سيارة مجهزة بالمدافع الرشاشة»، وتوعد بمطاردة قوات المتمردين أينما ذهبوا في المستقبل، وقال: «سنطارد قوات بيتر قاديت وجورج أتور في أي مكان يذهبون إليه في المستقبل القريب». وتابع: «الجيش الشعبي مستعد لصد أي عدون على أراضي الجنوب، مع التزامنا باتفاقية السلام الشامل على الرغم من إعلان الخرطوم للحرب من جانبها». وقال: «نعلم أن الشعب السوداني في الشمال غير راغب في دخول أي حرب، لكن القلة الحاكمة في الخرطوم داخل المؤتمر الوطني والجيش السوداني هي التي تدفع بالحرب»، مشددا على أن جنوب السودان لن يعلن الحرب أو يعود إليها مرة أخرى، وقال: «لكن بالطبع سندافع عن أنفسنا بكل ما أوتينا من قوة، ودولتنا سيتم إعلانها في 9 يوليو المقبل، وليس هناك تغيير في برنامج الاحتفال ولا تأثير علينا من هجوم القوات المسلحة».

ولم يتوافر متحدث باسم الجيش السوداني على الفور للتعليق، غير أن المتحدث بلسان مجموعة جنوبية متمردة في ولاية الوحدة أكد وقوع ضربات جوية. من جانبه، قال المتحدث باسم مجموعة بيتر قاديت المتمردة في ولاية الوحدة بول غاتوت كول: إن قصف القوات الشمالية لمواقع الجيش الشعبي كان يستهدف قوات الجيش الشعبي الفارة من القتال في جنوب كردفان، غير أنه نفى انخراط مجموعته في هذا القتال.

من جهة أخرى، عقد رئيس اللجنة العليا المكلفة من قبل الاتحاد الأفريقي رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامبو أمبيكي اجتماعا مطولا مع الرئيس السوداني عمر البشير استمر حتى وقت متأخر من مساء أول من أمس، وتحفظ عن الخوض في تفاصيل المقترحات التي حملها في حقيبته، واكتفى بالقول للصحافيين إنه سيتم طرحها عقب تنوير سلفا كير بها اليوم (أمس).

من جانبه، قال مستشار البشير، الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، في تصريحات صحافية مقتضبة عقب الاجتماع: إن البشير وأمبيكي ناقشا الأوضاع في جنوب كردفان ومنطقة أبيي، كاشفا عن حوار مستفيض دار بين الطرفين حول حزمة من المقترحات التي دفع بها أمبيكي للبشير للوصول إلى حلول توافقية بشأن المنطقتين، سيما جنوب كردفان، مشيرا إلى أن أمبيكي سيصل جوبا لإطلاع رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفا كير ميارديت على المقترحات ذاتها.