طهران بعد إحالة الملف النووي السوري إلى مجلس الأمن: الوكالة الدولية تواجه أزمة الشرعية

سفراء غربيون سابقون يدعون إلى الثقة بالوكالة والكف عن تضخيم حجم الملف الإيراني

TT

وجه علي أصغر سلطانية، سفير إيران الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، انتقادات إلى الأخيرة على خلفية قرارها بإحالة الملف النووي السوري إلى مجلس الأمن الدولي، متهما المنظمة الدولية بأنها تواجه «أزمة الشرعية». وبينما أكدت طهران أنها تبذل جهودا «خاصة» لتدشين محطة بوشهر الذرية، لكنها «تعطي الأولوية لضمان سلامة المحطة على تشغيلها المبكر»، دعا ستة من قدامى السفراء الأوروبيين في إيران إلى «الكف عن تضخيم حجم الملف النووي الإيراني» وإبداء الثقة بمفتشي الوكالة الدولية.

كانت الوكالة الدولية قد رفعت ملف دمشق إلى مجلس الأمن الدولي على خلفية اتهامها بتشييد مفاعل نووي تم تدميره في غارة جوية إسرائيلية في سبتمبر (أيلول) 2007.

وفي اجتماع مغلق لمجلس حكام الوكالة، المؤلف من 35 عضوا، صوتت 17 دولة لصالح قرار رفع الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي، الذي تقدمت به الولايات المتحدة، بينما صوتت 6 دول ضده، وامتنعت 11 دولة عن التصويت، بينما تغيبت دولة واحدة.

وقال سلطانية في تصريح لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، بثته أمس: «إن وجود معظم أعضاء مجلس الأمن في الوكالة يؤدي إلى المساس باستقلاليتها وسمعتها كمؤسسة تخصصية»، وأضاف: «لقد حان الوقت كي نتابع بصورة جدية، في المؤتمر السنوي للوكالة المزمع عقده صيف العام الحالي، موضوع التغيير والإصلاح في مجلس الحكام من حيث تعداد المقاعد والأعضاء، وكذلك من ناحية الهيكلية». وأشار إلى مسألة أن بعض الأعضاء لهم مقاعد دائمة وقال: «يجب أن نعمل على إجراء تغيير أساسي في عدد الأعضاء وعدد المقاعد، ولا بد من إصلاح جاد للمادة السادسة من النظام الداخلي، كي يشارك عدد أكبر من الدول في اتخاذ القرارات».

وزعم سلطانية أنه «بناء على التقرير غير المتوازن وغير المستند على أساس دقيق ونتائج عملية كاملة، فقد توافرت الذريعة للبعض كي يتمكن من التصويت على القرار ضد سوريا»، وأضاف أن «النقطة المهمة جدا هي أننا وسائر الدول المستقلة، لا سيما دول عدم الانحياز، نسعى جديا لإيجاد تغيير أساسي في هيكلية وكيفية التعاطي في الوكالة».

في غضون ذلك، دعا 6 من قدامى السفراء الأوروبيين في إيران، في مقال نشرته أمس 10 صحف في العالم، إلى «الكف عن تضخيم حجم الملف النووي الإيراني» وإبداء الثقة بمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأعربت الدول العظمى، الخميس، عن قلقها المتزايد من أهداف البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل خلال اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.

وأكد السفراء الستة: غيوم ميتن (بلجيكا) وفرانسوا نيكولو (فرنسا) وروبرتو توسكانو (إيطاليا) وريتشارد دلتون (بريطانيا) وستين هوي كريستنسن (السويد) وبول فون مالتساهن (ألمانيا)، أنهم «لا يقبلون المماطلة الطويلة في هذا الملف».

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد رأى السفراء الستة أن موقف أوروبا والولايات المتحدة من الملف النووي الإيراني «ليس صلبا كما يبدو»، معتبرين «أننا في الأساس نعرف أن أي حل سيقوم على نوعية إجراءات التفقد التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضافوا: «في هذا المجال، إما أننا نثق بقدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة جميع دولها الأعضاء، بما فيها إيران، وإما أننا لا نثق بها، ونتساءل: لماذا نحافظ على منظمة فعالة مع البلدان التي تتقيد بالتعليمات وحدها؟».

وتساءلوا: «أين يكمن التهديد؟ هل هو تخصيب اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي؟»، معترفين بأنه «فعلا نشاط نووي حساس» في منطقة «حساسة» هي أيضا، لكن «لا شيء في معاهدة الحد من الانتشار النووي يمنع مبدئيا هذا النشاط».

ولاحظ السفراء السابقون أن «بلدانا أخرى غير إيران، سواء أكانت موقعة أم لا على معاهدة الحد من الانتشار النووي، تتعاطى مع الشأن النووي من دون اتهامها بتهديد السلام». وقالوا: «إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تكشف أبدا في إيران عن تهريب مواد نووية لغايات عسكرية».

وتساءل السفراء: «هل تهديد السلام يكمن في التقدم الذي يحرزه برنامج سري لصنع سلاح نووي؟»، مشيرين إلى أنه «منذ ثلاثة أعوام، على الأقل، لم تعد أجهزة الاستخبارات الأميركية تتمسك بهذه الفرضية».

وأكد السفراء الستة السابقون «قبل توجيه التهمة إلى هذا البلد بعرقلة المفاوضات، آن الأوان للتسليم بأن الهدف القاضي بإزالة آلات الطرد المركزي في إيران بطريقة نهائية أو حتى مؤقتة، هو ادعاء غير واقعي وأدى إلى المأزق الراهن».

وخلص السفراء السابقون إلى القول: «إن على البلدان المعنية بإيران أن تواصل الضغط حول مسائل الحقوق السياسية وحقوق الإنسان، والسعي أيضا إلى تسوية مسألة الانتشار النووي الملحة» لإزالة التوتر في المنطقة.

في سياق متصل، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي أن «المنظمة تعمل بحساسية بالغة وإشراف خاص لتدشين محطة بوشهر الذرية، كما أنها تعطي الأولوية لضمان سلامة المحطة على تشغيلها المبكر».

ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية عن عباسي، أمس، أن «محطة بوشهر الذرية تمضي حاليا في طي مراحل التدشين بحساسية بالغة، ضمن مراعاة المعايير المطلوبة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

كانت إيران قد أرجأت تدشين المحطة غير مرة، فيما وردت تقارير عن هجوم فيروسي أدى إلى إصابتها بالعطل.

وأعرب المسؤول الإيراني عن اعتقاده أنه سيتم قريبا تدشين محطة بوشهر الذرية، موضحا أنه «متى ما بلغت طاقة عمل المفاعل بين 40 و50% من قدرته، وذلك يعني ضخ ما بين 400 و500 كيلوواط من الطاقة الكهربائية في الشبكة العامة للبلاد، وتأكدت وزارة الطاقة من عملية استقرار الإنتاج، عندها سيتم الإعلان عن تدشين محطة بوشهر».

وأضاف: «بما أن تدشين المحطة مسألة عملية، ويمكن أن تظهر بعض المشكلات الفنية أثناء العمل ومعالجتها يستغرق بعض الوقت؛ لذا فإننا لن نعلن عن موعد محدد لتدشين محطة بوشهر». وفرض المجتمع الدولي سلسلة من العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي الذي تؤكد أن أهدافه سلمية، بينما يخشى الغرب من أن له أغراضا عسكرية.