المغرب: لجنة تعديل الدستور تنهي عملها وتقدم مقترحاتها إلى الملك

تسريبات تشير إلى منح رئيس الحكومة صلاحيات تعيين الوزراء والسفراء والمحافظين

TT

أنهت لجنة عهد إليها بصياغة دستور جديد في المغرب بطلب من الملك محمد السادس أشغالها، وسلمت نسخة من هذا الدستور أمس إلى العاهل المغربي في مدينة وجدة (شرق المغرب). وقال بيان للديوان الملكي إن عبد اللطيف المنوني رئيس لجنة مراجعة الدستور قدم المشروع في الوقت المحدد له. وفي سياق متصل نقل محمد معتصم مستشار العاهل المغربي الآراء والاقتراحات التي عبر عنها زعماء الأحزاب السياسية والنقابية إلى الملك، وقال بيان الديوان الملكي إن المعتصم سيسلم نسخة من المشروع لقادة الأحزاب والنقابات في أقرب الآجال، وهو ما يعني بداية الأسبوع المقبل. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أعلن في مارس (آذار) الماضي أنه سيطرح دستورا جديدا على المغاربة، يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة، كانت من اختصاص الملك، مع منح اختصاصات تشريعية واسعة كذلك للبرلمان.

إلى ذلك، تباين موقف حزبين يشاركان في الحكومة الائتلافية الحالية من مشروع الدستور الذي سيعرض على استفتاء. وطالب بيان أصدره حزب «الاتحاد الاشتراكي» المشارك في الحكومة الحالية بستة وزراء، بـ«إصلاحات سياسية عميقة تواكب التعديلات الدستورية المرتقبة». كما طالب بتحسين منهجية التشاور بشأن التعديلات الدستورية. يشار إلى أن هذه اللجنة التي يرأسها محمد المعتصم مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس كانت قد قدمت الخطوط العريضة للدستور المرتقب لقادة الأحزاب، الذين أبلغوا في ذلك الاجتماع بأن مسودة الدستور ستسلم لهم مكتوبة الأسبوع المقبل، حيث كان يفترض عرضها أولا على الملك، وهو ما تم أمس.

ونشرت صحف محلية ما قالت إنها الخطوط العريضة للدستور الجديد، وشملت مختلف الفقرات المتعلقة بسلطات الملك وصلاحيات رئيس الوزراء، واختصاصات البرلمان، وسلطة القضاء، وغيرها من المجالات التي طالتها التعديلات، لكن دون أن تحدد المصادر التي استقت منها هذه المعلومات.

وطالب المكتب السياسي لحزب «الاتحاد الاشتراكي»، بالحصول في أقرب الآجال على الوثيقة المكتوبة للدستور المعدل لعرضها على هيئات الحزب لاتخاذ المواقف المناسبة بشأنها، وقال إن «الدستور الجديد لا يمكن أن يلبي مطلب التغيير المنشود إلا إذا اقترن بإصلاحات سياسية عميقة تؤسس لأرضية سليمة لتطبيق مقتضياته، وتؤمن شروط انتقال ديمقراطي حقيقي يعيد للمواطنين الثقة في مؤسساتهم المقبلة، ويمكن الأحزاب السياسية من خوض غمار الاستحقاقات الانتخابية بكل نزاهة تضمن تجاوزات سلبيات التجارب السابقة».

أما حزب «الاستقلال» الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، فاكتفى خلال اجتماع للجنة التنفيذية للحزب بالإشارة إلى «الأهمية البالغة لمضامين الخطوط الرئيسية الكبرى» للدستور. وعبر في المقابل عن أمله في الإعلان عن جميع القضايا المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية، من ذلك تقسيم الدوائر الانتخابية، ونمط الاقتراع، وجدولة واضحة ودقيقة لجميع الاستحقاقات المقبلة لتتمكن جميع الأحزاب من التحضير الجيد للانتخابات.

من جهته، أعلن حزب «العدالة والتنمية» المعارض أن اجتماعا للأمانة العامة للحزب سيعقد اليوم لمناقشة الخطوط العريضة للتعديلات الدستورية، التي قدمها عبد اللطيف المنوني. ويركز الحزب في مطالبه بشأن التعديلات الدستورية على الحفاظ على الهوية والمرجعية الدينية للدولة. في حين تحفظت أحزاب أخرى في إبداء وجهة نظرها في التعديلات إلى حين وصول النسخة المعدلة المكتوبة من الدستور.

وطبقا للتسريبات غير الرسمية، التي نشرتها صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» أمس، فإن الدستور المقبل منح الملك سلطة تحكيمية، ومن اختصاصاته باعتباره رئيسا للدولة تعيين رئيس الحكومة من بين أعضاء الحزب الذي يحصل على أعلى نسبة من الأصوات في الانتخابات، وبالنسبة إلى رئيس الحكومة من مهامه ترشيح الوزراء وله أن يقدم استقالة الحكومة جماعيا. أما اجتماعات المجلس الوزاري فتعقد بمبادرة من الملك أو بطلب من رئيس الحكومة، وللملك الحق في تفويض رئاسة المجلس لرئيس الحكومة، وتناقش على مستوى اجتماع مجلس الوزراء المواضيع التي تتطلب تحكيما، وإعلان الحرب، كما سيصبح من صلاحيات رئيس الحكومة تعيين المسؤولين الكبار في الدولة بما في ذلك المحافظون والسفراء ومديرو المؤسسات الحكومية. ومنحت للبرلمان في الدستور الجديد اختصاصات تشريعية واسعة وإصدار العفو العام. واعتبر القضاء سلطة مستقلة تسمى المجلس الأعلى للسلطة القضائية ويترأسه الملك. كما يتضمن الدستور الجديد مجلسا للأمن ومجلسا للمساواة، وللمرأة والطفل. ومن المرتقب أن يجعل الدستور المقبل الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية. وفي موضوع ذي صلة، انتقد اتحاد كتاب المغرب بيانا وقع عليه مجموعة من المثقفين المغاربة حول الإصلاحات السياسية والدستورية المرتقبة. وكان قرابة 40 مثقفا، وقعوا على بيان أطلقوا عليه «بيان الديمقراطية» تضمن مقترحات حول تصورهم للدستور المقبل والتوازن بين السلطات وانتقدوا «تغييب صوت المثقف عن النقاش الوطني بشأن الإصلاح الدستوري»، وعبروا عن عدم قبولهم لـ«إقصاء الرأي العام الثقافي من المشاورات التي أجرتها اللجنة المكلفة بالتعديلات الدستورية».

بيد أن اتحاد كتاب المغرب، قال عن بيان المثقفين «متأخر المولد». وأشار إلى أن المبادرة التي بادر بها 40 مثقفا «جاءت متأخرة، وأن البيان وما تضمنه ليس أكثر من انطباعات بعض الموقعين». وأضاف بيان اتحاد الكتاب في المغرب بلهجة حادة أن ما قدمه محمد الأشعري وسعيد السعدي وغيرهما من الأسماء الثقافية والفكرية بالمغرب «لا يحمل أي جديد أمام ما سبق للأحزاب والهيئات النقابية ومكونات المجتمع المدني أن قدمته». كما اتهم الاتحاد أصحاب «بيان الديمقراطية» بعدم الإلمام بمجريات الأمور، وأشار إلى أن اتحاد كتاب المغرب واكب مسلسل الإصلاح الدستوري منذ البداية، ثم شارك في المشاورات من خلال الإسهام إلى جانب المؤسسات والمنظمات الثقافية المنضوية تحت الائتلاف المغربي للثقافة والفنون، في بلورة مشروع متكامل، تم عرضه على اللجنة المكلفة بالتعديلات الدستورية، برئاسة عبد اللطيف المنوني، كما ذكر الاتحاد أن المشروع الذي تقدم به هو «ثمرة عمل مؤسساتي».