الحكومة العراقية تطلق مظاهرات «جمعة القصاص» في ساحة التحرير.. وتطرد متظاهري «جمعة القرار»

أحد ناشطي المظاهرات لـ «الشرق الأوسط»: أليس أحد المتهمين بجريمة عرس الدجيل لديهم..؟ فليعدموه!

متظاهرون موالون لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وآخرون مناوئون له يشتبكون في ساحة التحرير ببغداد أمس (رويترز)
TT

فوجئ المئات من متظاهري ساحة التحرير (وسط بغداد) التقليديين، الذين كانوا طوال 16 أسبوعا يؤدون مظاهراتهم المطالبة بتحقيق الإصلاحات والمنددة بقضايا الفساد المالي والإداري، بزحف آلاف المتظاهرين من شيوخ العشائر ومجالس الإسناد، يتقدمهم وزير الدولة الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ، ووزير حقوق الإنسان محمد شياع السوداني، وهم يرفعون شعارات مؤيدة للحكومة ومطالبة بإنزال القصاص بمنفذي مجزرة «عرس الدجيل» التي وقعت في منطقة التاجي شمال بغداد عام 2006.

وطبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشطين المنظمين للمظاهرات فإنهم «في الوقت الذي لم يجدوا فيه تناقضا بين شعاراتهم التقليدية والشعارات التي رفعها المتظاهرون من شيوخ العشائر ومجالس الإسناد والمطالبة بإعدام منفذي مجرزة التاجي وعرس الدجيل، وفي مقدمتهم فراس الجبوري فإنهم لم يفهموا السبب الذي جعل متظاهري الحكومة يعتدون عليهم بالضرب». وقال حسين قاسم، سكرتير اتحاد طلبة العراق الناشط في منظمات المجتمع المدني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنهم «انضموا إلى المظاهرة المطالبة بإعدام منفذي مجرزة الدجيل والتاجي لارتكابهم تلك الجريمة البشعة؛ حيث لا نجد هناك تناقضا بين شعاراتنا المطالبة بالإصلاح وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، وبين إنزال أقصى العقوبة بهؤلاء المجرمين». وأضاف أن «المفاجأة غير المتوقعة هي قيام شيوخ عشائر وسياسيين بالاعتداء عليهم بالضرب دون وجه حق»، قائلا: «إن الأمر المستغرب حقا هو قيام الحكومة بتنظيم مظاهرة كبيرة للمطالبة بإعدام مجرم من وزن الجبوري وغير الجبوري، في حين أن الجبوري وسواه من عتاة المجرمين بيد الحكومة لا بأيدينا، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا ينفذون فيه حكم الإعدام بعد أن اعترف بجرائمه؟»، معتبرا أن «مثل هذه الذرائع لا علاقة لها بحقوق الإنسان، وإنما هي محاولة من الحكومة لإظهار قوتها بعد نهاية مهلة المائة يوم لكي تصادر ما كانت تنوي منظمات المجتمع المدني القيام به والتي لا تطالب بالرحيل وإنما تطالب بالإصلاح، وهو أمر يصب في مصلحة الحكومة وليس ضدها».

وحول انتقال مظاهرة ساحة التحرير التقليدية المطالبة بالإصلاح إلى ساحة الفردوس، قال قاسم: «إن غالبية المتظاهرين انسحبوا إلى منازلهم وليس إلى ساحة الفردوس بسبب عدم قدرتهم على تنظيم مظاهرة نتيجة للإشكالات التي حصلت اليوم (أمس الجمعة)».

كانت مظاهرة التحرير، التي اشترك فيها عدد كبير من شيوخ العشائر، قد رفعت شعارات منددة بقرار الرئيس العراقي جلال طالباني بعدم التوقيع على قرارات الإعدام، بينما عمد آخرون إلى تمزيق صور رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي. وفي الوقت نفسه انطلقت في معظم أنحاء العراق مظاهرات كبيرة في الكثير من المحافظات العراقية، منها: بابل والنجف والبصرة والموصل وكربلاء والناصرية والديوانية.

من جهتها، اعتبرت القائمة العراقية أن الشعارات التي أطلقها أتباع المالكي خلال مظاهرات أمس تعيد العراق إلى أجواء عامي 2006 و2007. وقال المتحدث الرسمي باسم القائمة العراقية شاكر كتاب في تصريح صحافي: «إن الشعارات التي رددها مناصرو المالكي خلال مظاهرة اليوم (أمس) في ساحة التحرير، تعيد العراق إلى أجواء عامي 2006 و2007، التي تجاوزها الشعب العراقي». وأضاف كتاب أن «جريمة عرس الدجيل التي وقعت عام 2006 وأعلن عن بعض تفاصيلها على شاشات التلفاز هي جريمة بشعة إرهابية بكل معنى الكلمة، وضد الإنسانية». وأشار كتاب إلى أن «(العراقية) تضم صوتها إلى من يطالب بتنفيذ أحكام الإعدام بمن أدين من قبل المحكمة بعد ثبوت جريمته». وأشار كتاب إلى أن «هذا الكلام يشكل فاتحة لجرائم جديدة قد ترتكب ضد أهل السنة من قبل بعض المتطرفين الشيعة وقد ترتكب أيضا ضد الشيعة من بعض المتطرفين السنة». وأوضح أن «البعض يحاول الصيد في المياه العكرة».

وبشأن حمل بعض المتظاهرين صورا لزعيم القائمة العراقية مع أحد منفذي جريمة التاجي (فراس الجبوري) أوضح كتاب أن «هذا الرجل كان يزور الكثير من المقرات ويطلب أن يأخذ صورة مع هذا المسؤول وذاك»، مبينا أنه «ليس من سمات المسؤول سواء أكان في القائمة العراقية أم في المؤسسات الحكومية أن يرفض التصوير مع مواطن يقدم نفسه على أنه مدير وناشط في وزارة حقوق الإنسان».

في الوقت نفسه، نفت قيادة عمليات بغداد أنها أوصلت المتظاهرين إلى ساحة التحرير. وقال اللواء قاسم عطا، في بيان صحافي: «إن المواطنين قاموا باستئجار العجلات بأنفسهم لنقلهم إلى الساحة». وأضاف عطا أن «العجلات رُكنت في أماكن بعيدة بحدود كيلومتر واحد عن الساحة». وأشار إلى أنه «لم يكن هناك تدخل من القوات الأمنية في عمليات النقل أو بتهيئة العجلات أو حتى بالحشد الذي كان شعبيا وطوعيا من قبل المتظاهرين». وأضاف عطا أن «القوات الأمنية أغلقت الشوارع المؤدية إلى ساحة التحرير بهدف تهيئة الأجواء لآلاف المتظاهرين». وأشار إلى أن «مظاهرة اليوم (أمس) شهدت حضورا أكثر، مقارنة بالأيام السابقة؛ لذا رفعت القوات الأمنية درجات التأهب ونشرنا أكبر عدد ممكن منها لتسهيل تدفق المتظاهرين، وفتحنا أكثر من خمسة مداخل إلى الساحة، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة».