قتلى وعشرات الجرحى في اشتباكات بين الجيش ومسلحين في جنوب البلاد

ملايين اليمنيين في الشوارع في «جمعة العهد لأهداف الثورة».. ولا تحركات لهادي

TT

شهدت العاصمة اليمنية، صنعاء، وبقية المحافظات، أمس، مظاهرات مليونية حاشدة تلبية لدعوة شباب الثورة في جمعة جديدة وفي سياق التصعيد الذي دعي إليه من أجل الضغط لتشكيل مجلس انتقالي، في وقت تواصلت الحوادث الأمنية المتفرقة في عدة مناطق يمنية.

وخرج مئات الآلاف من اليمنيين في مظاهرات في ما سميت «جمعة العهد لأهداف الثورة»، في إشارة واضحة إلى التصميم على تحقيق أهداف الثورة بإسقاط النظام وتنحي الرئيس علي عبد الله صالح ومحاكمته ورموز نظامه، وأدى المتظاهرون قسم الثورة في شارع الستين بغرب العاصمة، وبعد أن أدى المتظاهرون صلاة الجمعة في ساحة الشارع، قاموا بأداء الصلاة على أكثر من 40 قتيلا ممن سقطوا في المواجهات التي دارت الأسبوع الماضي بين مسلحي جماعة الأحمر والقوات الموالية للرئيس صالح وقصف هذه القوات لمنزل الشيخ حميد الأحمر ومنزل اللواء علي محسن صالح الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع.

وفي محافظة تعز، التي شهدت الأسبوع الماضي مواجهات عنيفة استولى خلالها المتظاهرون والمسلحون من أنصارهم على معظم أحياء المدينة، خرج مئات الآلاف وهم يهتفون ويعلنون رفضهم لما سمي الالتفاف على أهداف الثورة وجددوا ما وصف بالعهد على تحقيق تلك الأهداف وتعهدوا بمحاكمة «القتلة».

وأعلنت المظاهرات التي شهدتها معظم المحافظات، رفضا قاطعا لعودة الرئيس علي عبد الله صالح إلى اليمن من السعودية، حيث يتلقى العلاج هناك حاليا، وأكد المتظاهرون ضرورة تأسيس مجلس انتقالي أو حكومة انتقالية لإدارة شؤون البلاد، حيث اعتبروا رحيل الرئيس صالح عن اليمن، رحيلا عن السلطة والحياة السياسية برمتها. وتعيش الساحة اليمنية على وقع الجدل بشأن عودة الرئيس صالح ومسألة سقوط نظامه، ومن يطرح من أنصاره أن هناك استعدادات جارية لاستقبال صالح حيث يقولون إنه سيعود إلى البلاد في غضون الأيام القليلة المقبلة، هذا في وقت لم يعلن الإعلام الرسمي، لليوم الثاني على التوالي، أي خبر رسمي عن أي نشاط لنائب الرئيس أو «الرئيس المؤقت»، عبد ربه منصور هادي، دون أن تتضح حقيقة ما يجري، غير أن مراقبين أكدوا أن حوارات ومفاوضات تجري بصورة غير معلنة بين أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك والوسطاء الخليجيين والأميركيين والأوروبيين وأيضا مع أطراف حكومية نافذة ومقربة من الرئيس صالح، وأشارت المصادر إلى أن أهم وأبرز النقاط التي يتم بحثها هو مسألة انتقال السلطة في اليمن بصورة سلمية، وأن هذا الموضوع هو توجه حقيقي لدى دول المنطقة والدول الكبرى التي تخشى أن ينزلق اليمن إلى مستنقع العنف والحرب الأهلية.

ويعزز غياب «الرئيس المؤقت» ما يتم تداوله من أنباء في الساحة اليمنية بشأن إمساك النجل الأكبر للرئيس، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، قائد الحرس الجمهوري، قائد القوات الخاصة، بزمام الأمور في البلاد في ظل غياب والده، وقيامه ومن معه من المقربين من أسرته والمقربين لوالده، بتسيير أمور البلاد السياسية والأمنية وغيرها، ويعتقد مراقبون أن ضعف صلاحيات عبد ربه منصور هادي كنائب للرئيس وعدم سيطرته على أي من القوات العسكرية أو الوحدات الأمنية في منصبه الرئيسي، يجعله غير قادر على ممارسة مهام وصلاحيات الرئيس في ظل وجود قوى ومراكز من دائرة أسرة الرئيس.

وفي المقابل، خرج الآلاف من أنصار النظام للتظاهر في العاصمة، صنعاء، في ما سميت بـ«جمعة الوفاء للوطن والقائد»، التي خرجت لأول مرة في اليمن في غياب صالح، ووصفت المصادر الرسمية من خرجوا للتظاهر تأييدا لصالح وفرحا بنجاح العملية الجراحية التي أجراها في السعودية، بأنهم بالملايين، واعتبر خطيب الجمعة المؤيدة للنظام، الهجوم الذي تعرض له الرئيس صالح وقصره وكبار مسؤوليه بأنه «اعتداء على كل مواطن يمني شريف غيور. اعتداء على كل أبناء الشعب صغيرهم وكبيرهم»، وقال إن «هذا الاعتداء يذكر الجميع بأن الكيان الصهيوني احترم حرمة المسجد ولم يعتد ولم يغتل الشيخ أحمد ياسين إلا بعد خروجه من المسجد وهذه بعض مكائد اليهود التي لا يقدرها بعض أبناء جلدتنا اليوم للأسف الشديد».

ودارت مواجهات عنيفة، أمس، بين قوات الحرس الجمهوري ومواطنين في أرحب بشمال العاصمة، صنعاء، أسفرت عن مقتل شخص واحد، على الأقل، وترددت أنباء عن إحراق 5 دبابات، وسقوط عشرات الجرحى، وأفاد شهود عيان أن الطيران الحربي والمدفعية قصفت مجددا منطقة أرحب، بعد أسابيع قليلة من الهدوء في المنطقة بين المواطنين وقوات الحرس الجمهوري.

وفي مدنية الحبيلين، عاصمة مديريات ردفان في محافظة لحج، تواصلت، حتى مساء أمس، الاشتباكات التي اندلعت فجرا بين قوات الجيش الموالية للرئيس صالح ومسلحين يعتقد أنهم ينتمون للحراك الجنوبي المطالب بما يسميه «فك الارتباط» للوحدة اليمنية بين شطري البلاد السابقين، الشمالي والجنوبي. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن 7 أشخاص قتلوا في المواجهات التي تجددت في المنطقة رغم الهدنة المضروبة بين الطرفين، وتحدثت بعض المصادر عن سقوط مدنيين في إطلاق النار، وقد شوهد مسلحون وهم يقيمون نقاطا أمنية في المنطقة الفاصلة بين الضالع وردفان، ويتسابق المسلحون وقوات الجيش في تلك المنطقة، على بسط السيطرة على مناطق حساسة، خصوصا تلك التي تتحكم في خط سير السيارات المتجهة إلى عدن، وكانت الهدنة والوساطة القبلية أسفرتا عن رفع المسلحين للحصار الذي كانوا يفرضونه على معسكر القطاع العسكري في الحبيلين.

في موضوع آخر، قالت مصادر محلية في محافظة أبين إن عددا من الجنود والمدنيين قتلوا في غارة جوية نفذت على مدينة جعار، وتعد جعار المركز الرئيسي للجماعات الإسلامية المتشددة في أبين، حيث يبسطون سيطرة شبه تامة على المدينة منذ عدة سنوات.