4 آلاف سوري نزحوا إلى تركيا وآلاف آخرون ينتظرون قرب الحدود

قدموا شهادات عن إطلاق نار عشوائي وتسوية متاجر بالأرض ومهاجمة منازل

جانب من مخيم للاجئين السوريين في مدينة يايلداغي التركية (رويترز)
TT

بينما تجمع آلاف السوريين الفارين من القمع على طول الحدود التركية إثر أعمال العنف الأخيرة في المدن المجاورة، مترددين في عبور الحدود والتحول إلى لاجئين، قال مسؤولون أتراك وناشطون إن أكثر من أربعة آلاف سوري فروا إلى تركيا، هروبا من حملة على الاحتجاجات المناهضة للرئيس السوري، بشار الأسد، وإن آلافا آخرين يتجمون عند الحدود، وتحدث سوريون فارون وصلوا إلى تركيا عن عمليات قمع، ومهاجمة المنازل من دون مراعاة لأطفال أو نساء.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير إنه قبالة قرية غوفيتشي التركية في أنطاكيا (جنوب)، نصبت في كل بستان من الجانب السوري خيام وأكواخ، وبدت مجموعات من الأطفال تلهو على التراب.

وتنشط حركة الدراجات والسيارات والشاحنات الخفيفة (بيك آب) التي تجلب المزيد من النازحين. وأصبحت لدى الأطفال والفتيان خبرة في عبور الأسلاك الشائكة للذهاب إلى قرية غوفيتشي، لشراء الخبز وحفاضات الأطفال والمواد الأساسية الأخرى، مخاطرين بتعرضهم لدوريات الدرك التركي. بيد أن هذه الجموع التي توزعت إلى مجموعات مكونة من مئات الأشخاص لا تزال تتردد في العبور إلى الجانب الآخر من الحدود، على الرغم من أن الهلال الأحمر التركي أقام ثلاثة مخيمات لاستقبالهم. وتؤوي الخيام ثلاثة آلاف لاجئ.

وقال أبو طلال (45 عاما) الذي أقام مع أقاربه عند تلة تشرف على الحدود: «الجميع غادر ولم يبق أحد» في مدينة جسر الشغور (شمال غربي سوريا) التي يقطنها 50 ألف نسمة، وكانت شهدت أعمال عنف دامية لعدة أيام. وأضاف: «قدمنا جميعنا إلى هنا ونحن ننتظر إذا ساءت الأمور أكثر فسنعبر إلى تركيا». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية يخلو القطاع حتى الآن من أي وجود للجيش السوري.

وقال فار آخر وهو يشير بيده إلى جانب من الأسلاك الشائكة يسهل اجتيازه ومحاذ للطريق الذي يستخدمه عناصر الدرك التركي لدورياتهم: «قال لنا الأتراك: اعبروا من هذا المكان» في حال خطر داهم. ونقلت صحيفة «ديلي نيوز» التركية عن شاب يدعى علي ( 19 عاما) أنهم يهربون الخبز إلى قرية سلمى في الجانب السوري، كما يجمعون الأموال للأهالي هناك. وقال لاجئون إن قوات النظام السوري هاجمت قرية تبعد 10 كيلومترات عن جسر الشغور. وقال أحمد عرفات إنه يوجد جرحى في مدينة جسر الشغور المحاصرة ولا يوجد من يسعفهم. واتهم آخر قوات النظام بتدمير متاجرهم وتسويتها بالأرض وتسميم مياه الشرب، ولم يكن من الممكن التأكد من هذه الاتهامات من مصادر مستقلة.

ووصل الكثير من النازحين، أول من أمس الجمعة، وسط عملية قمع واسعة في محيط جسر الشغور، ورووا، وهم لا يزالون تحت وقع الصدمة، أعمال العنف التي عاشوها في قراهم.

وقال رجل أربعيني بشوارب رفض الكشف عن اسمه: إنه في سرمانية «قدموا (القوات) مدعومين بـ30 دبابة و60 مدرعة من الفرقة الرابعة. وأطلقوا الرصاص والقذائف، لقد رأيتهم». وأضاف أن «الجثث كانت لا تزال في الشوارع». وروى رجل خمسيني، كانت معه امرأة دامعة العينين، كيف تم تدمير قريته «كمب العلمان». وقال: «في قريتي كان هناك 40 منزلا، لقد دمروها بالكامل، حتى أشجار الزيتون أحرقوها». وقال أحد السوريين النازحين إنه تم إحراق حقول القمح من قبل قوات النظام، وكان يتم إطلاق النار عشوائيا.

وقال رجل مسن ملتح: «منذ يومين أو ثلاثة كانوا يستعدون، وهذا الصباح هجموا من كل الجهات»، مضيفا: «أضرموا النار في كل شيء، في المنازل والحقول والسيارات».

وقالت سيدة تضع غطاء رأس في لهجة لا تخلو من اتهام «لقد جئنا لأننا خفنا على حياتنا، وخفنا على شرفنا، إنهم يغتصبون النساء هناك». ووسط الجلبة أصر رجل يعتمر قبعة على التاكيد «كنت دائما مع حزب البعث، لكن بعد الذي رأيته لم يعد ذلك ممكنا».

ويطرح سؤال: هل سيكبر كل هؤلاء الأطفال المتجمعين على الحدود في سوريا، وتتردد حتى الآن أصواتهم بين أشجار الزيتون وهم يهتفون بشكل أقل جدية بشعارات الكبار «بشار اسمعنا كفى قمعا»؟ ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي تركي كبير أن 4300 سوري عبروا الحدود، وأن تركيا مستعدة لاستقبال المزيد من التدفق، غير أنه رفض توقع عدد اللاجئين الذين من المحتمل أن يأتوا. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن خالد شفيق، نائب وكيل وزارة الخارجية التركية، قوله: «تركيا استقبلت عددا كبيرا من الضيوف في الماضي في أشد أوقات حاجتهم، ويمكننا فعل ذلك مرة أخرى».

وقال شهود في محافظة هتاي الحدودية إن مستشفى ميدانيا نصب في أحد مخيمات اللاجئين. وذكرت صحيفة «راديكال» أن تركيا ستنشئ منطقة عازلة إذا تجاوز تدفق اللاجئين عشرة آلاف. وقالت صحيفة «حريات» التركية إن تركيا أقامت ثلاثة معسكرات لاستقبال الفارين، وتقوم بمراقبة حدودها وفحص هويات المقبلين، ولم تكتشف أي أحد على علاقة بمنظمات إرهابية. وأفاد ناشط يساعد في تنسيق حركة اللاجئين أن آلافا آخرين يتجمعون قرب الجانب السوري من الحدود.

وقال الرجل الذي عرف نفسه باسم أبو فادي: «منطقة الحدود تحولت عمليا إلى منطقة عازلة. الأسر أوت تحت الأشجار وهناك ما بين سبعة آلاف وعشرة آلاف شخص هنا الآن». وقال مسؤول تركي لصحيفة «حريات» التركية إن بلاده تقدم المساعدة للهاربين السوريين، لكنها لا تصنفهم كلاجئين، وإنما ضيوف، وتأمل في أن يتمكنوا من العودة إلى بلداتهم قريبا.

وتقول منظمات حقوقية إن أكثر من 1100 مدني قتلوا منذ مارس (آذار) في حملة تزداد دموية على المتظاهرين المطالبين بتنحي الأسد، ومزيد من الحريات السياسية، وإنهاء الفساد والفقر.