بغداد تطرد نوابا أميركيين طالبوها بإعادة جزء مما أنفقته أميركا

الدباغ لـ «الشرق الأوسط»: العراق ليس مستعمرة أميركية

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لدى استقباله أول من أمس وفد الكونغرس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

أعلنت الحكومة العراقية أمس أن موقفها الحازم الذي قضى بمطالبة أعضاء في الكونغرس الأميركي، كانوا يزورون العراق. وقال أحد أعضائه إنه طلب من رئيس الوزراء نوري المالكي إعادة جزء مما أنفقته الولايات المتحدة في العراق، بوجوب مغادرتهم فورا البلاد إنما هو «تعبير عن موقف سيادي حيال تصرف مرفوض ومستهجن من قبل هؤلاء الأعضاء».

وقال وزير الدولة العراقي الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الغريب في أمر أعضاء الكونغرس الأميركي أنهم حين التقوا برئيس الوزراء نوري المالكي لم يتطرقوا إلى مسألة من هذا النوع لا من قريب ولا من بعيد، وكان اللقاء وديا تماما». وأضاف الدباغ أن «ما أثار الاستغراب هو ما صدر من تصريحات عنهم بصدد مطالبتنا بدفع التعويضات بينما نحن من ينبغي أن يطالب بالتعويضات لأبنائنا وأهالينا الذين تضرروا جراء الاحتلال وسياساته في العراق». واعتبر الدباغ أن «موقف أعضاء الكونغرس الأميركي لا يمثل رأي الإدارة الأميركية ونعتبره موقفا معزولا وهو في أفضل الأحوال ليس موجها لنا ولكنه موجه للداخل الأميركي كجزء من عملية التنافس الانتخابي هناك». وأضاف: «إننا نعتبر هذه التصريحات لا تمثل شيئا ولا قيمة لها بأي حال من الأحوال ولكننا مع ذلك أبلغنا السفارة الأميركية أن وجودهم في بلدنا بات غير مرحب به لأن العراق ليس مستعمرة أميركية لكي تصدر مثل هذه التصريحات الاستفزازية من على أرضه».

وبخصوص منع الوفد من زيارة معسكر أشرف الذي يؤوي جماعة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة، قال الدباغ: «إنهم لم يذهبوا إلى هناك وإنما طلبوا أن يذهبوا إلى (أشرف) وقد منعناهم لأن هذه مسألة سيادية ومن غير المسموح لأي كان أن يتجول في أرضنا مثلما يشاء». وأضاف أن «قضية (مجاهدين خلق) قضية إنسانية من وجهة نظرنا ولا علاقة لها بالقانون الدولي وبالتالي فإننا كحكومة عراقية وبالتنسيق مع أطراف أخرى نسعى إلى إيجاد وطن بديل لهؤلاء غير العراق».

وكانت السفارة الأميركية قد رفضت التعليق على طرد العراق أعضاء الكونغرس الأميركي. وقال المتحدث الرسمي باسم السفارة ديفيد رانز في تصريح صحافي إن «السفارة الأميركية في العراق ستعقد الأحد (اليوم)، مؤتمرا صحافيا لتوضيح عدة قضايا منها المستجدات الأخيرة». وكان ستة من أعضاء الكونغرس الأميركي قد عقدوا الجمعة الماضي مؤتمرا صحافيا في مقر السفارة الأميركية ببغداد وطالبوا فيه الحكومة العراقية بدفع تعويضات خسائر الجيش الأميركي في العراق، وأشاروا إلى أن الحكومة الأميركية لا تستطيع أن تتكبد مبالغ طائلة في ظل الوضع الاقتصادي الحرج. لكن الحكومة العراقية أعلنت من جانبها أنها أبلغت السفارة الأميركية في بغداد بوجوب مغادرة عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي يزورون العراق حاليا بسبب مواقف أطلقوها من بغداد. وكان عضو لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ورئيس الوفد الذي زار العراق دانا روهر باشر أكد خلال مؤتمر صحافي في مقر السفارة الأميركية في بغداد أن الوفد «ناقش مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أيضا مسألة التحقيق في أحداث معسكر أشرف»، منتقدا «منع الحكومة العراقية وفده من زيارة معسكر أشرف». وأضاف باشر أن «هذا الإجراء سيدفعنا إلى المزيد من التحقيقات حول ما جرى في معسكر أشرف من قتل 35 مدنيا»، مطالبا بـ«محاسبة من أصدر الأمر بقتل المدنيين في معسكر أشرف». وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة العراقية الشهر الماضي عن توصلها إلى اتفاقية لتسوية المطالبات المالية من قبل المواطنين الأميركيين على الحكومة العراقية والبالغة 400 مليون دولار والتي أثارت جدلا داخل البرلمان العراقي فإن هناك مطالبات برلمانية عراقية بتحريك دعاوى ضد الجيش الأميركي بهدف حمله على دفع تعويضات لمتضررين عراقيين جراء الممارسات التي ارتكبها جنود الاحتلال الأميركي في العراق.

إلى ذلك، التقى الزعيم الكردي مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، في مكتبه الرسمي بمصيف صلاح الدين، بوفد الكونغرس الأميركي، ونقل مصدر في ديوان رئاسة الإقليم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن بارزاني «قدم في مستهل لقائه بالوفد شكره وتقديره باسم شعب كردستان على جهود القوات الأميركية لتحرير العراق من النظام الديكتاتوري، مقدرا التضحيات الجسيمة التي قدمتها تلك القوات في سبيل تحرير العراقيين، كما ثمن خطوة الإدارة الأميركية بفتح قنصليتها في إقليم كردستان التي يتوقع أن تبدأ مهامها خلال الفترة القليلة القادمة». وتباحث الجانبان حول مسألة سحب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية العام الجاري، خاصة بعد صدور تصريحات من قبل قادة أميركيين باحتمال تقدم العراق بطلب للولايات المتحدة بإبقاء جزء من تلك القوات في العراق إلى حين جاهزية القوات الأمنية العراقية لتسلم المهام الأمنية في جميع مناطق العراق. وأشار مصدر ديوان رئاسة الإقليم إلى أن «وفد الكونغرس الأميركي أشاد بدور رئيس الإقليم في تحقيق التقارب بين الكتل العراقية التي تعاني حاليا من أزمة سياسية كبيرة بسبب عدم التزام بعض الأطراف بالاتفاقات الموقعة لتشكيل الحكومة العراقية، وخصوصا اتفاقية أربيل التي نصت على تشكيل حكومة شراكة وطنية، كما ثمنوا تطور العملية الديمقراطية في كردستان التي انطلقت منذ خروج الإقليم من قبضة النظام السابق عام 1991، والتي يمكن اعتبارها نموذجا مهما للديمقراطية في العراق والمنطقة».