نيجيرفان بارزاني لـ «الشرق الأوسط»: بقاء القوات الأميركية مهم للعراق كله.. ولا يتحمل مزايدات سياسية

نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني: المعارضة الكردية مرحب بها في أن تكون بالحكومة أو أن تبقى كما هي

نيجيرفان بارزاني («الشرق الأوسط»)
TT

في آخر لقاء لـ«الشرق الأوسط» معه قبل أقل من عامين، وقبيل أن يغادر موقعه كرئيس لحكومة إقليم كردستان، أكد نيجيرفان بارزاني أنه سوف يخدم الإقليم وشعبه من أي موقع يكون فيه، واليوم حيث يتحمل مسؤوليات قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني كنائب لرئيس الحزب مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، فإنه يترجم وعوده من خلال أن «تعمل كوادر الحزب على دعم الحكومة لتأدية مهامها لصالح الإقليم والشعب»، حسب توضيحه.

نيجيرفان بارزاني، الذي كان قد تصدى لملفات شائكة، خاصة في مواضيع دمج الإدارتين (أربيل والسليمانية) ومشاريع الإعمار التي لا يزال الناس يشيرون إليها باهتمام، كان أيضا قد مارس تداولا سلميا للسلطة يعتبر سابقة في التاريخ السياسي العراقي يوم هنأ خلفه الدكتور برهم صالح بقوة وحميمية، ويقول: «نحن على يقين من أننا سلمنا المسؤولية لأيدٍ أمينة».

نيجيرفان بارزاني خص «الشرق الأوسط» بحوار مطول تحدث فيه عن دوره القيادي في الحزب الذي بدأ العمل فيه منذ أن كان عمره أقل من 16 عاما، وعن حكومة الإقليم، وعلاقة إقليم كردستان ببغداد، وسبل حل مشكلة كركوك، منبها إلى أهمية بقاء القوات الأميركية في الوقت الراهن.. وفيما يلي نص الحوار..

* كيف تقبل ما يسمى الحرس القديم في الحزب الديمقراطي الكردستاني زعامة شاب مثل نيجيرفان بارزاني للحزب؟

- هؤلاء ممن تسميهم الحرس القديم كانوا شبابا مثلنا عندما بدأوا مسيرتهم النضالية لخدمة قضية شعبنا الكردي في مراحل صعبة للغاية من تاريخ الثورة الكردية، وقدموا وضحوا وتعبوا كثيرا وقاتلوا بين الجبال، ونحن الجيل الحالي والمقبل ننظر إليهم كمعلمين كبار وسنستفيد كثيرا من تجاربهم وخبرتهم وحكمتهم في العمل السياسي.

* هل تجدون أن هناك فرصة للتغيير داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني؟

- الحديث عن التغيير في الحزب لا يعني إحداث انقلاب في مسيرة الحزب، بل نحن نعمل معا، الجيل القديم ونحن ومن التحق بالحزب، وعلينا جميعا أن نتأقلم مع التغييرات الحاصلة، ليس في الحزب أو في العراق فحسب وإنما حتى التغييرات الإيجابية الحاصلة في العالم، وهذا التقبل والتفهم للتغييرات بهذه الصورة يتمتع بهما أعضاء حزبنا، سواء من سبقونا أو الجيل الجديد.

* في أي عام التحقت بالعمل في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني؟

- بدأت العمل السياسي من خلال اتحاد طلبة كردستان في خارج العراق، وكان عمري أقل من 16 عاما، وواصلت العمل في صفوف الحزب داخل إقليم كردستان منذ عام 1991، أي بعد الانتفاضة.

* ما مدى تدخل الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي والاتحاد الوطني) في شؤون حكومة إقليم كردستان؟

- حسب تجربتي عندما كنت رئيسا لوزراء الإقليم، فإن هذا الموضوع يثار باستمرار، وكأن الحكومة لا تستطيع أن تفعل أي شيء؛ لأن الحزب يتدخل في عملها، أعتقد أن الحزب ناضل في مراحل صعبة من تاريخه من أجل الشعب، ومن يعمل في الحكومة الآن هم من أعضاء الحزبين، الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، وبالتأكيد أنا لا أوافق الرأي الذي يقول إن الحزب، أي حزب، كان السبب في عرقلة أداء الحكومة، وإنه يقف عائقا أمام تأدية أعمالها، يمكن أن يؤثر ذلك في أسلوب العمل، وكوني قد عملت رئيسا للوزراء والآن أنا قيادي في الحزب الديمقراطي، فيمكن أن أشرح وأوضح لكوادر الحزب دور الحزب في العملية السياسية وماهية مهام الحكومة وكيف يمكن للحزب أن يساعدها في تأدية واجباتها وأعمالها.

* وهل تعتقدون أنكم ستنجحون في هذه المهمة؟

- بالتأكيد.. بالتأكيد، هناك استجابة وتفهم كبيران، والجميع يتمنى النجاح للحكومة، وهناك أجواء إيجابية جيدة.

* يعتبر تداولكم السلمي للسلطة في إقليم كردستان مثاليا، وسابقة في التاريخ السياسي العراقي، ترى كيف تقبلتم مسألة تنازلكم عن موقعكم كرئيس لحكومة الإقليم لخلفكم الدكتور برهم صالح؟

- أولا: هناك اتفاق استراتيجي بيننا وبين شريكنا الاتحاد الوطني الكردستاني، وبالنسبة لي لم أكن مهتما، وما زلت غير مهتم، بالكرسي والموقع بقدر اهتمامي بالخدمات التي أوفرها للشعب، ومن دواعي فخري أنني عندما تركت منصبي كرئيس للوزراء كنت في أوج شعبيتي، وسلمنا الموقع لشريك استراتيجي لنا، بل إننا سلمنا رئاسة الحكومة لشخص قيادي في الحزب الذي تربطنا به علاقة استراتيجية، الدكتور برهم صالح، ونحن على يقين أننا سلمنا المسؤولية لأيدٍ أمينة، وغير هذا فهناك علاقة أخوية وعلاقة صداقة متينة تربطنا به، ونعتقد أنه حتى النواقص التي لم نستطع في فترة مسؤوليتنا عن الحكومة إتمامها، فإنه (برهم صالح) سيكملها.

* ما دمتم تتحدثون عن عمق العلاقة التي تربط بينكم وبين رئيس حكومة الإقليم، ترى ما مدى إسهام هذه العلاقة بدفع عمل الحكومة وتحقيق برامجها إلى الأمام؟

- نحن نتحدث عن شخص الدكتور برهم؛ فهو قبل أن يأتي إلى الإقليم لتسلم مسؤولية رئاسة الحكومة كان ممثلا عن الإقليم في بغداد، ومن خلال المناصب التي شغلها (نائب رئيس الوزراء في حكومة إياد علاوي، ووزير للتخطيط والتنمية في حكومة إبراهيم الجعفري، ثم نائب رئيس الحكومة في الولاية الأولى لنوري المالكي)، استطاع أن يلعب دورا على قدر ما أتاحت الفرص والظروف له ذلك، وعندما تسلم رئاسة حكومة إقليم كردستان ثبت قواعد العمل الذي وضعنا نحن أساسه، يجب أن نقيم عمل الحكومة خلال العامين الماضيين بواقعية، نقول: إن هناك الكثير من الدعم الذي أبداه للسياسات التي وضعناها في التشكيلة الخامسة لحكومة الإقليم.

* هذا يعني أنكم راضون عن حكومة خلفكم الدكتور برهم صالح، فهل تعتقدون أنه سيتم التمديد لحكومته عامين مقبلين؟

- حتى الآن لم نبحث في حزبنا هذا الموضوع، على الرغم من أن هناك شائعات كثيرة، وعندما يأتي الوقت المناسب سنقيم أداء الحكومة ونقرر بما يناسب مصلحة الإقليم وشعبنا، وأكرر: إننا لم نبحث هذا الموضوع حتى الآن.

* إذا لم يتم التمديد لحكومة صالح، فمن سيكون رئيس الحكومة المقبل: نيجيرفان بارزاني؟

- أعود وأقول: إنه حتى الآن لم يبحث هذا الموضوع.

* اعتمادا على صراحتكم المعهودة، نسأل: هل توجد في إقليم كردستان حكومتان: واحدة تحكم أربيل ودهوك، والأخرى السليمانية، أم أن هناك حكومة واحدة تحكم عموم الإقليم؟

- الأوضاع ليست بالشكل الذي تحدثتم عنه، ولو تسألني عما إذا كانت كل آثار وعقبات الإدارتين قد أزيلت فسوف أقول لكم إن هذا أيضا غير صحيح، ما زالت هناك خطوات يجب اتخاذها لتوحيد كل شيء، حتى لو كانت تتعلق بمسائل صغيرة جدا، ولي أن أذكر لكم مثلين: الأول حول قوات البيشمركة التي نعمل على توحيدها تماما، ولم ننجز هذا العمل بعدُ، والثاني يتعلق بقانون الآسايش (الأمن الداخلي) الذي وقع عليه رئيس الإقليم مؤخرا، والعملية بدأت في توحيد هذه القوات، هدفنا هو أنه يجب أن تكون هناك خطوات مهمة وثابتة من أجل أن يكون هناك توحيد قوي ودائم ننهي هذا الموضوع ونوحد الإدارات كلها، وقد اتخذنا خطوات عملية، والعملية هذه قد بدأت وسوف نستمر حتى ننهي هذا الموضوع.

* اجتماعاتكم، أو لقاءاتكم، مع رئيس حكومة الإقليم، هل تتم على أساس حزبي، كلقاءات بين حزبين حليفين، أم على أساس حكومي؟

- مؤخرا، وقبل أيام قليلة، كان هناك لقاء حزبي بين المكتبين السياسيين للاتحاد برئاسة الدكتور برهم صالح، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاستي، هذا كان لقاء حزبيا، وهناك لقاءات ودية متعددة، سواء تتعلق بتبادل الاستفسارات أو الآراء أو الخبرات، وهذا التواصل موجود بشكل يومي تقريبا.

* من المعروف أنكم تسلمتم مسؤولية رئاسة حكومة الإقليم في ظروف توصف بأنها بالغة التعقيد وكانت تنطوي على تشابكات بين الإدارتين (السليمانية وأربيل)، ونجحتم في المضي بها بأسلوب متميز، فهل أنتم قلقون على هذه الإنجازات؟

- أعتقد أن المرحلة التي بدأتها كانت الأصعب، كانت هناك درجة كبيرة من عدم الثقة بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، وأنا أتشرف بأنه أنيط بي شرف إعادة الثقة بين الحزبين وأن ألعب هذا الدور، وبصراحة أقول: إنه من دون دعم الاتحاد الوطني الكردستاني لم أكن لأنجح في لعب هذا الدور وتحقيق مهمة الدمج، وكان دعم مام جلال (الرئيس العراقي جلال طالباني) غير محدود ومستمر، ويجب أن أقول للتاريخ: إن وزراء الاتحاد الوطني الذين كانوا معي قد عملوا بجد لإزالة آثار الإدارتين، التي كانت موجودة، وقد عملنا كفريق مشترك على مواجهة التحديات وليس بصفتي كشخص ولن أنسى على الإطلاق دور عمر فتاح عندما كان نائبا لرئيس الوزراء ومن بعده جاء عماد أحمد، وكلاهما من الاتحاد الوطني، وقد أديا أدوارا مهمة في إنجاح عمل الوزارة، وبالنسبة لي لم أكن في اجتماعات مجلس الوزراء أشعر من الذي من الاتحاد الوطني أو الحزب الديمقراطي أو من الحزب الشيوعي أو من الاتحاد الإسلامي أو من الجماعة الإسلامية، بل كنت أشعر أننا فريق واحد متكامل يعمل من أجل مصلحة الإقليم والشعب.

* تتذكرون في آخر لقاء لنا معكم وقبيل مغادرتكم موقعكم كرئيس لوزراء الإقليم قلتم إنكم لا تهتمون لموضوع المنصب وسوف تخدمون الإقليم وشعبكم من أي موقع ستكونون فيه، فهل تعتقدون أنكم قادرون على تحقيق ذلك من خلال مسؤولياتكم الجديدة كنائب لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني؟

- بلا شك أن العمل الحزبي يختلف عن أي عمل آخر، وعلى سبيل المزاح أقول: إن أعضاء قيادة الحزب يعتقدون أنه إذا كان يجب أن يمنحوا كل عضو نسخة واحدة من النظام الداخلي للحزب، فإنهم يجب، حسب اعتقادهم، أن يمنحوني أكثر من نسخة لاعتقادهم أنني لم أقر النظام الداخلي جيدا أو أنني بحاجة إلى التذكير.

* وهل قرأتم النظام الداخلي لحزبكم بصورة جيدة؟

- طبعا وبالتأكيد، المشكلة هي أن هناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق الحزب الديمقراطي الكردستاني؛ فهو حزب عريق ودوره النضالي والثوري التاريخي مشهود له، ومسؤولياته وأهميته ليست في إقليم كردستان وحسب بل في العراق عموما، وباعتقادي أن ألعب في مجال قيادة الحزب دورا مهما.

* هل كنتم قلقين على الأوضاع في الإقليم من المظاهرات التي حصلت في مدينة السليمانية؟

- لا نستطيع أن نقول إن ما حدث في السليمانية لم يؤثر على الأوضاع هناك، وما حدث لا نستطيع وصفه بالهيجان الجماهيري في الإقليم، وعندما ينزل إلى الشارع بضعة آلاف من الناس كمتظاهرين فيجب أن نستمع لمطالبهم ونعرف ماذا يريدون، ولكن ما أعتقده هو أن الأحزاب السياسية هناك هي التي طلبت من جماهيرها النزول إلى الشارع، هكذا بدأ الأمر ولم يتحول إلى حالة هيجان جماهيري في عموم السليمانية أو الإقليم، وبقي محدودا، وبرأيي أن هذه الأحزاب أرادت استنساخ ما حصل من مظاهرات في بعض بلدان المنطقة وأرادت انتهاز الفرصة لتهييج الجماهير ولم تتمكن من ذلك، أما فيما يتعلق بموضوع المظاهرات فيجب أن أقول إنه من حق الشعب أن يتظاهر، وعلى السلطة أن تهتم بمطالب الشعب، وهنا يجب أن أذكر أننا لم نستولِ على السلطة في الإقليم، بل جئنا من خلال أصوات الشعب وبعملية انتخابية ديمقراطية، والأصوات التي انتخبتنا هي القادرة على إبعادنا عن السلطة، ومن حق المعارضة أن تفكر بالوصول إلى السلطة، لكن عليها أن تفكر بتجنب العنف وأن تحقق ذلك من خلال صناديق الاقتراع وبأسلوب ديمقراطي، وباعتقادي أنه كانت هناك حسابات خاطئة من قبل المعارضة، فهي (المعارضة) فكرت بإحداث هياج جماهيري، وهذا لم يحدث، وتصورت أنه بعد ذلك سوف يكون هناك دعم دولي لهذا الهيجان، وهذا لم يتحقق، كما أن الناس هنا لم يكونوا جزءا من هذه الحالة.

* كيف تنظرون إلى المفاوضات الجارية بين السلطة والمعارضة في الإقليم؟

- نأمل أن تصل هذه المفاوضات إلى نتائج طيبة، الباب مفتوح أمام المعارضة لأن تلعب دورها في حكومة إقليم كردستان والانضمام إليها للمساهمة بتحقيق الإصلاحات، وهناك فرصة لذلك والقرار متروك لها، ومرحب بها، وإن أرادت البقاء كمعارضة فهذا خيارها ونحن نرحب أيضا باختيارها، وحتى الآن كانت هناك جلستان للتحاور بين السلطة والمعارضة ونأمل أن يتواصل هذا النفس وهذه الروحية في المفاوضات.

* كيف تجدون مستقبل الأوضاع هنا في الإقليم؟

- هناك معايير لتقييم الأوضاع، وحسب هذه المعايير فإننا متفائلون بمستقبل الإقليم.

* هناك جهد دبلوماسي لافت في الإقليم، باعتقادكم هل تحقق ذلك بسبب الاستقرار الأمني؟ وكيف تنظرون إليه؟

- من الطبيعي أن تكون للسفارات الموجودة ببغداد قنصليات وهيئات دبلوماسية في باقي مناطق العراق، وإقليم كردستان هو إحدى مناطق العراق، وبالتأكيد أن الاستقرار الأمني يوفر الفرص الاقتصادية هنا، يضاف إلى ذلك دور الإقليم في العملية السياسية في العراق ككل، هذه هي الأسباب الرئيسية التي شجعت على افتتاح المزيد من القنصليات الغربية والعربية بأربيل، وسنعمل على تشجيع بقية الدول لافتتاح قنصلياتها هنا.

* حاولتم جاهدين، خلال ترؤسكم حكومة الإقليم، بناء علاقات متوازنة مع الحكومة الاتحادية ببغداد.. فهل نجحتم في ذلك؟

- هناك عدة مسائل يجب أن نحلها مع بغداد ونحسمها، وما دمنا في بيت واحد فعلينا أن نحل هذه المشكلات عبر الحوار ونضع كل شيء على الطاولة، وللأسف حتى هذه اللحظة لم نرَ أيا من هذه المشكلات قد حُلت جذريا.

* يعني لا تزال هذه المشكلات قائمة..

- بالتأكيد.

* هذا يقودنا إلى سؤال آخر حول أسباب دعم الأكراد لنوري المالكي للبقاء في السلطة..

- ستكون هناك نظرة خاطئة إذا حملنا المالكي كل أسباب الأزمة، هو (المالكي) يتحمل حصة من أسباب هذه الأزمة، وما يهمنا بشكل كبير هو استقرار العراق، ولا نفكر بجزء من الأزمة، بل بالأزمة العراقية ككل، والمعروف عنا تمتعنا بطاقة كبيرة للتحمل، وهذا مشهود لنا، ونحن لا نتخذ قراراتنا بشكل ارتجالي وبسرعة، ولنكن واقعيين، فالمالكي بشخصه لا يتحمل المسؤولية كلها، فهناك مجلس النواب ومجلس الوزراء أيضا، الأمور في العراق معقدة وليست بهذه السهولة.

* هل تعولون على إحياء مبادرة الرئيس مسعود بارزاني لحل الأزمة السياسية في العراق؟

- فخامة الرئيس بارزاني قام بفعل حقيقي ومجهود كبير لحل ما يستطيع حله من مشكلات الأزمة السياسية في بغداد، وأعتقد أنه سيواصل جهوده المخلصة مع جميع الأطراف العراقية لحلحلة الأزمة، ومن أجل الوصول إلى نتائج طيبة لحل المشكلات، وما يفعله (الرئيس بارزاني) هو التحاور مع جميع الأطراف لإيجاد آلية للخروج من هذه الأزمة.

* تحولت أربيل إلى مزار لغالبية القوى السياسية العراقية واللقاء بالقيادات الكردية، وفي مقدمتهم الرئيس بارزاني، وهذا يعني أن الأكراد تحولوا إلى عنصر توازن في العملية السياسية بعد أن كان ينظر إليهم بعين الشك وأنهم يعملون على الانفصال..

- بالنسبة للرئيس بارزاني ولنا فنحن لا ننظر للعراق كدولتين وإنما دولة واحدة، والجميع يشارك بهذه الدولة، ونحن شركاء في هذا العراق ولسنا خارجه؛ لهذا نحن سنستمر بالعمل الجاد من أجل استقرار الأوضاع وتثبيتها ورفاهية الشعب العراقي، ورئيس الإقليم مهتم بهذا الموضوع، وقد ترجم ذلك مرارا وعمل ما يستطيع عمله في هذا الجانب، وقد لعب دورا أساسيا في تشكيل الحكومة، والآن يحاول جاهدا تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف وحل الأزمة السياسية العالقة ببغداد راهنا، ومن يتحدث عن الأكراد باعتبارهم انفصاليين فإنهم يستخدمون ذلك كورقة ضغط لأغراض سياسية، نحن قررنا البقاء ضمن العراق بشكل علني والانفصال ليس بموضوع يمكننا أن نخفيه، هناك دستور قررنا الالتزام به والعمل بموجبه، ولو التزم العراق بهذا الدستور فسوف يبقى الأكراد مع العراق، وهذا الدستور هو الفيصل بيننا، وكشعب فإننا من حقنا أن نتمتع بحق تقرير المصير، نحن لسنا عربا أو فرسا أو أتراكا، نحن أكراد عراقيون وقررنا اختياريا أن نعيش ضمن هذا الوطن وفقا للدستور.

* ذلك لأنكم عراقيون..

- طبعا نحن عراقيون، وهذا بلدنا وهذه أرضنا التي وجدنا عليها قبل آلاف السنين.

* كيف تجدون إذن مستقبل الأوضاع في العراق؟

- يجب أن تكون هناك رؤية استراتيجية للقيادة في العراق ولمستقبل هذا البلد، لو أرادت القيادات السياسية أن تخلق المشكلات فهناك الآلاف من هذه المشكلات الصغيرة التي تخلق حجر عثرة أمام العمل السياسي، مثل: هذه الوزارة لمن؟ وذاك المنصب لمن؟ أعتقد أن أفق رؤية القيادات السياسية يجب أن يكون أكثر سعة من ذلك، العراق بلد غني بموارده البشرية والطبيعية، وشعب ذكي، ويتمتع بموقع استراتيجي مهم، وهناك فرص كثيرة متوافرة للجميع بأن يعيشوا برفاه وخير، الشيعة والسنة من العرب والأكراد والتركمان، ومن المسيحيين من الكلدان والآشوريين والسريان والإيزيديين والصابئة، يجب علينا أن نجتاز هذه المرحلة ولا نبقى أسيري المناصب والوزارات، بعكس ذلك فلن نرى مستقبلا للعراق.

* هل أنتم متفائلون بحل قضية كركوك؟

- أعتقد أنه لو تم تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي بشكل حقيقي، فإن مشكلة كركوك سوف تحل، وسأكون صريحا معك: مسألة كركوك لا تُحل بواسطة الضرب بقوة على الطاولة والقول إن كركوك هي جزء من إقليم كردستان، أو أن يضرب الطرف الآخر على الطاولة ويقول إن كركوك ليست كردستانية وتتبع لإدارة بغداد هو ليس حلا للمشكلة، أنا أرى أن هناك وجهين لهذه المشكلة، الأول هو: أننا لا نرى أن هناك جهودا حقيقية من قبل بغداد والولايات المتحدة لحل مسألة كركوك، كما أن الأمم المتحدة لا تساعدنا في العمل على حلها بالشكل المطلوب، هناك من يعتقد أننا نريد كركوك من أجل نفطها والانفصال عن العراق، والجميع يعرف أن هناك الكثير من النفط في أراضي إقليم كردستان، وأعتقد أن العراق لو أراد أن يحل هذه المشكلة بصورة نهائية لعمل على تقاسم الواردات وأن يتوصل إلى قانون بذلك، وهذا هو المفتاح نحو الخطوة الأولى لحل مشكلة كركوك، بعد ذلك يأتي القضاء والقانون لحل إشكالات عائدات البيوت وملكية العقارات، والحقيقة أن هذه المسألة ليست معقدة بالشكل الذي وصلت إليه ولو كانت هناك إرادة حقيقية للعمل فسوف نتوصل إلى حلول مرضية للجميع.

* كيف تنظرون إلى موضوع انسحاب القوات الأميركية؟

- قبل أن نجيب عن هذا السؤال فإن على الأطراف السياسية العراقية أن تفكر بهذا الموضوع بشكل واقعي جدا، ويجب الإجابة عن سؤال مهم، هو: هل العراق متمكن من قابلياته التدريبية والدفاعية والتعبوية من دون الحاجة إلى القوات الأميركية؟ والإجابة الواضحة والعلمية والعملية عن هذا السؤال ستقودنا إلى أن نقرر أن العراق بحاجة إلى وجود القوات الأميركية أو لا، وأعتقد أن هذا الموضوع يجب ألا يوضع فقط على كاهل رئيس الحكومة العراقية وأن يستخدم سياسيا من قبل الأطراف الأخرى ضده، وعلينا أن نكون واقعيين، فإنهم في العلن يقولون لسنا بحاجة لبقاء هذه القوات، لكنهم في الغرف الموصدة وخلال اللقاءات الثنائية يؤكدون أن العراق بحاجة لبقاء القوات الأميركية، وفي الواقع نحن كعراقيين بحاجة لوجود هذه القوات حاليا، وسيأتي اليوم الذي يجب فيه أن تغادر هذه القوات العراق بعد أن تستكمل قواتنا جاهزيتها من التدريب والتسليح والإعداد الكافي، وعلى القيادة العسكرية أن تقدم للبرلمان تقريرا شاملا عن مستوى القوات العراقية، عند ذاك تتخذ القيادة السياسية قرارها بهذا الشأن، ورجائي لكل الأطراف السياسية العراقية عدم المزايدة في هذا الموضوع.

* هل تشعرون بالقلق إذا انسحبت القوات الأميركية؟

- بالتأكيد، ولا نقول ذلك كأكراد فقط وإنما كعراقيين، ونحن حريصون على العراق كله، والموضوع يخص مستقبل العراق.

* هل تشعرون أنكم أكثر انشغالا مما كنتم عليه كرئيس للحكومة؟

- لا.. الآن أشعر أن الضغوط أقل عليَّ مما كنت أعيشه كرئيس للوزراء، في الحكومة كانت مسؤولياتنا أكبر، خاصة أننا خُضنا البدايات الصعبة في العمل الحكومي، خاصة فيما يتعلق بإنشاء الوزارات ووضع القوانين وتوحيد الإدارتين، ففي عام 2004 لم يكن أحد يتحدث عن ملفات الفساد والإصلاح، بل كان الناس يتحدثون عن الاستقرار الأمني، وبجهود البيشمركة والأجهزة الأمنية وفرنا الأمن، ثم انتقلنا إلى موضوع الخدمات والبناء وتوفير الخدمات من ماء وكهرباء، وهذا طبيعي؛ حيث إن شعبنا يستحق الكثير من الخدمات؛ لأنه عانى الكثير من الحرمان لسنوات كثيرة، واليوم ومع سيادة الثقافة والحريات والرؤية الصحيحة، فإن الناس يطالبون بالإصلاحات، وهذا دليل على رقي الشعب وتقدمه.

* إذن هناك المزيد من الوقت أمامكم اليوم لحياتكم الخاصة؟

- بالتأكيد، فغير الاجتماعات الحزبية أتفرغ لحياتي العائلية وأمارس الرياضة وأسافر وأقرأ كثيرا.