الأميركيون يتعرفون أكثر على سارة بالين

نشر الآلاف من رسائلها الإلكترونية قبل عام من خوضها المحتمل لسباق الرئاسة

TT

انتقل جيش من الصحافيين إلى عاصمة ولاية ألاسكا، جونو، للاطلاع على 25 ألف صفحة من البريد الإلكتروني الخاص بسارة بالين، تم الكشف عنها للعلن أول من أمس، وتعود لفترة شغلها منصب حاكمة الولاية. ويأتي نشر أكثر من 13 ألف بريد إلكتروني، تخص بالين، بعد سنوات من الإجراءات البيروقراطية والمعارك القضائية، لكن أيضا قبل عام من خوضها المحتمل لسباق الرئاسة، وتحديدا على منصب رئيس البلاد.

ولم يكمل الصحافيون على الفور قراءة كل الرسائل، التي تضمن بعضها كتابات عن الرئيس باراك أوباما، وسياسيين كثيرين، وزوجها، وبناتها وأولادها، ونفسها. ومن خلال تقييم أولي، اتضح أن بالين، المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس، لم تكن ملمة بشكل كبير بشؤون السياسة الخارجية، وأنها بقدر ما كانت تتحدث بثقة في نفسها، فإنها كانت تخاف في أعماقها من المفاجآت والمناورات السياسية، ولا تثق حتى في حلفائها السياسيين، وأن زوجها تود، يعد أهم مستشاريها.

وقال مراقبون في واشنطن إن الصدفة وحدها جعلت هذه الرسائل تكشف في هذا الوقت الذي تقوم فيه بالين بجولة في كثير من الولايات الأميركية في حافلة خاصة بها، وعليها اسمها وشعاراتها. لكن بالين قالت إن هناك «مؤامرة» ضدها لنشر هذه الرسائل في هذا الوقت. وحتى إذا لم تكشف الرسائل عن أسرار خطيرة، فإن بالين ستضطر للانتظار حتى نشر كل الرسائل، مما يعرقل حملتها الانتخابية، أو يجمدها لبعض الوقت.

في سنة 2008، عندما قال المرشح الجمهوري للرئاسة، السيناتور جون ماكين، إن بالين ستخوض معه السباق على بطاقته، لمنصب نائب الرئيس، طلب صحافيون من مكتبها في ولاية ألاسكا نشر رسائلها الرسمية على أساس أنها جزء من الوثائق العامة. لكن، بسبب إجراءات بيروقراطية، وقضايا واستئنافات في المحاكم، لم تكشف الرسائل إلا الجمعة. غير أن المسؤولين عن الوثائق قالوا إنهم لن يكشفوا عنها عبر الإنترنت، وطبعوها، وأعطوها للصحافيين مما جعل قراءة 15 ألف رسالة، في 25 ألف صفحة، عملية طويلة.

وكشفت الرسائل عن أن بالين كانت قلقة على ما تقول الصحف والتلفزيونات والإذاعات عنها. ففي رسالة تعود لسنة 2007، كتبت: «سأحاول تحديد وقت كل يوم لتفحص قصاصات الأخبار، وفيديوهات البرامج التلفزيونية الحوارية. لكن، حتى الآن لم أجد حتى دقيقة لأكون قادرة على ذلك، إلا عندما أستمع إلى الإذاعة وأنا أقود سيارتي». وأضافت: «أنا بحاجة لمساعدة الجهاز الصحافي لكشف المعلومات الخاطئة التي تنشر وتذاع عني، وللرد عليها».

وكشفت الرسائل عن أن بالين كانت تحصل على المشورة الرئيسية من المقربين إليها، خاصة زوجها، الذي يحصل بدوره على آراء أصدقاء عن مواضيع مثل صيد الذئب القطبي، وخلال رحلات صيد يقومون بها. واعتمدت أيضا على شقيقها الذي كان، لسبب ما، حريصا على متابعة عقود حكومة الولاية مع مقاولين وشركات استثمارية. وكانت هي تمرر الملاحظات إلى المسؤولين في حكومة الولاية. ولم تكن بالين ترتاح لما كان يجري في بلدتها الصغيرة، واسيلا (ولاية ألاسكا) لأنها لم تكن ترتاح إلى العمدة الذي خلفها في الوظيفة.

وعلق على الرسائل تيم كروفورد، أمين صندوق حملة بالين الانتخابية، قائلا «إن الآلاف والآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي تم إصدارها اليوم (الجمعة) تظهر أن سارة بالين كانت حاكمة قوية. رسائل البريد الإلكتروني هذه مهمة، وينبغي على الجميع قراءتها».

وهناك رسالة عن مقابلة الرجل الذي أصبح فيما بعد هدفها الأول، والذي كان حينها عضو مجلس الشيوخ: الرئيس باراك أوباما. ففي سنة 2007، أوصاها أحد مساعديها بأن تجتمع مع «رجل يدعى باراك أوباما» عندما تزور واشنطن لحضور مؤتمر سياسي. وردت بالين: «أنا مستعدة لمقابلته». وفي وقت لاحق، في سنة 2008، أشادت بالين في رسالة إلى واحد من مستشاريها بتصريحات السيناتور أوباما عن مشكلات الطاقة في الولايات المتحدة. وكتبت أنه ألقى «خطابا مهما» بشأن سياسات الطاقة، لكنه «سرق» أفكارها عن النفط الذي يستخرج في ولايتها، ألاسكا.

وأكثرت بالين من الحديث عن عدم ارتياحها للذين ينتقدونها لكونها امرأة ولا تعرف كثيرا في السياسة، وأنها غير مستعدة لمواجهة المشكلات. وكتبت: «إنهم يقولون نفس الشيء طوال مسيرتي السياسية. يقولون إنها صغيرة في السن، وإنها حامل، ومشغولة بأطفالها، وليست قادرة على أن تفعل كذا وكذا». وكتبت في رسالة أخرى: «هاهي تجمعات الرجال التاريخية التي لا تريد أن تشاركهم امرأة في إدارة شؤون البلاد الاقتصادية والسياسية. إنهم يشنون حملاتهم علي». وتضمنت كتاباتها عن نصائح زوجها رسالة تقول: «تود يعرف كيف نحل مشكلة الدببة القطبية. إنه ينقل لي ملاحظات الذين يعرفون كثيرا عن هذا الموضوع». ومثل غيرها من الأمهات الموظفات، كانت بالين حريصة على الحصول على نصيبها من مساعدات وتسهيلات حكومة الولاية للنساء الحوامل أو اللائي لهن أطفال صغار. وكتبت أن المسؤولين عن الضرائب رفضوا أن يمنحوها استثناءات ضريبية تمنح للنساء العاملات اللائي يرسلن أطفالهن إلى دور حضانة. وسألت في رسالة: «هل لأنني حاكمة الولاية لا أستحق. بالعكس، أستحق لأني حاكمة الولاية، لأن هذا جزء من قانون الولاية».