أميركا: مخاوف من تكدس وإغلاق مدارس في عدة ولايات بعد تسريح 4000 معلم

الأسر المهاجرة إلى كورونا أشعلت فتيل الأزمة

TT

كان من المفترض أن تكون الحجرات الدراسية خارج مدرسة «19» في كورونا بحي كوينز مؤقتة، لكنها ما زالت موجودة رغم مرور ستة عشر عاما وتضم ضعف عدد طلبة المرحلة الابتدائية الذي تتسع له. ونظرا لخلل نظام التدفئة، يضطر الطلبة خلال فصل الشتاء إلى ارتداء معاطف وكوفيات وقبعات.

توجد شاشات مراقبة في المبنى الرئيسي لحفظ النظام في صفوف الطلبة الذين يقفون أمام دورات المياه ويتم تحديد وقت لكل طالب. يمكن للطلبة الأصغر سنا أن يطول بهم الانتظار. تقول لوردس كاستيللو إن ابنها البالغ من العمر 6 أعوام يعود إلى المنزل على الأقل وبنطاله مبلل على الأقل مرة في الأسبوع. وتقول بيرثا تريكس إن ابنتها ذات الخمسة أعوام أخبرتها أن وقت الفسحة لا يسمح بتناول الطعام والذهاب إلى دورة المياه لذا عليها الاختيار بين الاثنين. وتوضح بيرثا قائلة: «في أكثر الأيام تعود الطفلة إلى المنزل جائعة».

اعتاد الآباء في الأحياء الراقية مثل مانهاتن وبارك أسلوب بروكلين على قوائم الانتظار في مرحلة الحضانة والحجرات الدراسية المتكدسة والمختنقة والمشكلات التي ربما تسوء إذا نفذ مجلس المدينة المقترح الخاص بتسريح 4100 معلم. لكن لا يوجد أي مكان في المدينة متكدس ومزدحم مثل كورونا.

ومع نزوح الأسر المهاجرة إلى كورونا خلال الأعوام القليلة الماضية، هبط أطفالهم على مدارس الحي كالسيل. إن التكدس في المدارس كان من القضايا المطروحة على مدى العقدين الماضيين، لكن بات الوضع سيئا للغاية منذ عام 2005 فقد ازداد التحاق الطلبة في ذلك الوقت في مدارس المنطقة «24» التي تضم كورونا وستة أحياء أخرى في غرب كوينز بنسبة 12 في المائة، بينما ظلت النسبة ثابتة في الأنحاء الأخرى من المدينة.

منذ عام 2003، أضافت وزارة التعليم 8224 مقعدا في مدارس تلك المنطقة، لكن لا تزال أعداد الطلبة في الحجرات الدراسية للصف الأول والثاني والثالث هي الأكبر في المدينة. أكثر من ثلث عدد طلاب الصف الأول الابتدائي يجلسون في حجرات دراسية بها 28 طالبا مقارنة بـ13 في المائة من طلبة الصف الأول في المدارس الأخرى بالمدينة. وتعتزم وزارة التربية إضافة 4491 مقعدا إلى عدد المقاعد بحلول عام 2014 ومن المقرر أن يتم افتتاح أربعة مبان جديدة بحلول عام 2015 لتتسع لقبول 1100 طالب جديد.

وتوجد محاولة مستميتة لمجاراة هذه الزيادة، ففي عام 2008، افتتح مجلس المدينة مدرسة جديدة هي «بايونير أكاديمي» في الشارع المقابل لمدرسة «19». لكن المدرسة التي كان من المفترض أن تحتوي على 5 فصول لصف الحضانة سنويا أصبحت تحتوي على 7 خلال العام الأول و10 خلال العام التالي.

وتضيف المدرسة كل عام صفا، لكن هناك عدد كبير من الطلبة حتى إن ناظرة المدرسة سيسليا جاكسون ليست متأكدة مما إذا كان سيتوفر مكان للصف الخامس عام 2013. وتحتل قائمة الانتظار للالتحاق بصف الحضانة المرتبة الثانية من حيث الطول بعدد طلبة يصل إلى 111، حيث تحتل المدرسة الحكومية «169» في سانسيت بارك ببروكلين المركز الأول. وهناك طلبة في الصف الخامس في مبنى «بيونير أكاديمي» وفي إطار إعلان حالة طوارئ الخريف الماضي، نقلت وزارة التعليم الصف الخامس من مدرسة أخرى مكتظة بالطلبة هي «16» إلى مدرسة «بيونير». الشهر الماضي، وأقرت هيئة السياسات التربوية نقل الصف الخامس بمدرسة «16» إلى مدرسة أخرى في فصل الخريف تبعد ميلا ونصف عنها لحاجة مدرسة «بيونير» لمساحة حتى تستكمل توسعاتها. وقال جوزيه بيرالتا، السيناتور عن الولاية الممثل لهذه المنطقة: «ما يحدث هنا لعبة الكراسي الموسيقية». تعود مشكلة تكدس المدارس في كورونا وفي أمكان أخرى إلى فترة السبعينات عندما باع مجلس التربية أو تنازل أو هدم نحو 100 مدرسة مع تدني التحاق الطلبة بها ونتيجة العجز المالي في المدينة. وفي بداية التسعينات ومع مغادرة السكان مرة أخرى، تجددت المشكلات الاقتصادية وأجبرت المدينة على خفض البند المخصص لبناء المدارس في الميزانية إلى النصف. ونظرا لأن أمر العثور على مبان وشرائها وتصميمها وتحويلها إلى مدارس يستغرق عدة سنوات، فإنه لا تزال الآثار السلبية لهذا الخفض محسوسة. كانت مدرسة «19» الحكومية التي تشغل مبنى كاملا في روزفلت أفينيو بين شارعي 98 و99، من أكثر المدارس الابتدائية تكدسا في المدينة بالفعل عام 1995 عندما تم تزويدها بحجرات دراسية متنقلة.

كان أمر إدارة شؤون 2005 طلاب في المدرسة من صف الحضانة إلى الصف الخامس الابتدائي يتطلب من الناظرة جيني كاليبار تعديلا لوجستيا. فكانت تستخدم الأبواب الخمسة الرئيسية للمبنى في الصباح حتى تضمن عدم تأخر أي طالب عن الفصل، وتجعل انصراف الطلاب في المساء على فترات منفصلة لتفادي الفوضى.

وكان يتم استخدام الكافيتريا لأغراض مختلفة متعددة كحجرة للموسيقى وقاعة دراسة للطلبة الذين يحتاجون إلى المزيد من المساعدة في الرياضيات وكحجرة دراسية للأمهات المهاجرات اللائي يتعلمن الإنجليزية من خلال برنامج تستضيفه المدرسة. وتم تعديل تصميم خزانة أدوات التنظيف لتصبح مكتب منسق الآباء. ويتلقى الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة علاجا في الرواق بالطابق الثالث بين حجرة دراسية وخزانة ملفات طويلة. لكن كانت دورات المياه المكان الوحيد الذي لم يتم استغلاله بشكل إبداعي. كان الطلاب يشعرون بحرج من حين إلى آخر، لكنهم تعلموا كيفية التكيف مع ذلك. قالت ماريا راميرز إن ابنها البالغ من العمر 5 أعوام في الحضانة يشرب القليل من العصير الذي تعده ليأخذه معه كل يوم حتى لا يُضطر إلى الذهاب إلى دورة المياه في المدرسة. وتقول ماريا: «أول شيء يفعله عند عودته إلى المنزل هو الذهاب إلى دورة المياه».

توزع أليخاندرا رويز وبلاسيدا رودريغوز من مؤسسة «ميك ذا رود نيويورك» التي تستهدف المهاجرين الجدد أوراقا دعائية خارج المدارس المكتظة بالطلبة في كورونا لمحاولة جعل الآباء يطالبون بمساحة أكبر لأطفالهم. الجانب الصعب من الأمر على حد قول أليخاندرا هو إقناع الكثير من المهاجرين غير الشرعيين بالإفصاح عن هذه الرغبة. وقالت: «إنهم خائفون من لفت الأنظار إليهم». قدمت ماريا كويروز، رئيسة مجلس الآباء في مدرسة «19» التماسا إلى مجلس المدينة منذ عامين تطلب فيه إزالة الحجرات الدراسية المتنقلة وبناء مبنى ملحق بالمدرسة من الطوب. في مارس (آذار) عقدت جوليسا فيريراس، ممثلة المجلس المحلي للمدينة، اجتماعا مع مسؤولي وزارة التعليم لتقديم الطلب نفسه. وقالت جوليسا: «يقولون إنهم لا يريدون مدرسة ضخمة لأطفالهم الصغار. لك أن تتخيل أن مدرسة (19) الحكومية من المدارس الضخمة. إن الأطفال هناك يحتاجون إلى مساحة أكبر».

*خدمة «نيويورك تايمز»