جامعة الأخوين بالمغرب.. أزمة تحولت إلى أهم مراكز العلم في العالم العربي

حملت اسمي الملك فهد والملك الحسن الثاني وأنشئت بعد انفجار ناقلة نفط إيرانية

TT

تتفق معظم الروايات على قصة إنشاء جامعة «الأخوين» الواقعة بمدينة إفران المغربية على سلسلة جبال الأطلسي، حيث ذكرت عدة مصادر وثائقية وصحافية أن الجامعة جاءت بعد حادث انفجار ناقلة نفط إيرانية قرب السواحل المغربية في بداية التسعينات، مما أدى إلى تسرب كميات هائلة من النفط إلى السواحل المغربية.

وحتى يتسنى للسلطات المغربية تفادي الكارثة البيئية المحتملة، فقد خصص الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، مبلغ 50 مليون دولار تسلمته الخزينة العامة للمملكة المغربية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة، إلا أن عامل الرياح دفع البقع الزيتية بعيدا عن السواحل المغربية.

ومن الروايات الموثقة لقصة إنشاء جامعة «الأخوين»، حسب ما جاء به مؤرخ المملكة المغربية ومدير الوثائق الملكية محمد عبد الوهاب بن منصور، أن «الملك الحسن الثاني كان يهدف إلى إنشاء جامعة عالمية تكون رأس الرمح السلمي والثقافي والتثقيفي لجميع اللغات وجميع الأجناس، ولقي هذا المشروع ترحيب الجانب السعودي الذي أراد هو الآخر المساهمة في ذلك المشروع الثقافي. وتعتبر صداقة الملكين اللبنة الأساسية لهذا المشروع، وسميت الجامعة بـ(الأخوين)، نسبة للملكين اللذين كانت تجمعهما روابط أخوية عميقة».

جامعة «الأخوين» أصبحت في عمر قصير وقياسي مركزا مهمّا لقاصدي التعليم العالي في الوطن العربي، ومؤسسة أكاديمية لإعداد الدبلوماسيين العرب، وقد قامت مسؤولة الإعلام والاتصال بجامعة الأخوين، أمينة لحبابي بتوفير العديد من الخدمات والتنسيق مع رئيس جامعة الأخوين الدكتور إدريس أوعويشة، الذي أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «التسمية جاءت نسبة إلى منشئي الجامعة، وهما الملك فهد بن عبد العزيز والملك الحسن الثاني، تغمدهما الله بالرحمة، حيث أنشئت الجامعة بإرادة ملكية من العاهلين، وكذلك بدعم مادي ومعنوي من الملك فهد رحمه الله».

ويشير الدكتور إدريس إلى أن «الأخوين» تتميز بنظامها الأكاديمي الأنغلوسكسوني الذي عزز مجال التعليم العالي بالمغرب على غرار ما تقدمه الجامعة الأميركية في بيروت ومصر وهي تدرس باللغة الإنجليزية، موضحا أن حجر الأساس للجامعة وضع في يوليو (تموز) 1992 وفتحت أبوابها أمام الطلاب والطالبات في وقت قياسي في بداية عام 1995، حيث افتتحها الملك الحسن الثاني وولي العهد السعودي آنذاك، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. ورسوم الدراسة بها مع التويفل كانت 10 آلاف دولار للعام الواحد.

وأضاف رئيس الجامعة أن «الأخوين» تسعى «للدخول في كثير من التصنيفات العالمية، وهي ما زالت فتية فلم تتجاوز في عمرها الأكاديمي سوى 16 عاما، ومع ذلك تصنف (الأخوين) على مستوى المغرب في المركز الأول، وعلى المستوى الأفريقي في المركز الـ15 وفي المستوى العربي الـ20».

وعلق أوعويشة على طموح الجامعة بأنه ينوي «الدخول لتصنيف شنغهاي الذي يعتمد على السجل العلمي والأبحاث، متمنيا أن يكون ذلك في القريب العاجل، حيث تدعم الجامعة الباحثين لديها من الأساتذة بـ20 ألف دولار للبحث، فميزانية البحث تضاعفت مرة ونصف، ووضع كميزانية للجامعة مبلغ وقدره 400 مليون دولار للمشاركة بمشاريع كثيرة للتشجيع على التنمية الدولية، وهناك أبحاث لتطوير منطقة الجامعة ولمساعدة الأسر الفقيرة والمشاركة مع الهيئات الحكومية».

وأشار الدكتور إدريس إلى أن «من المشاريع المتميزة التي تشارك بها الجامعة مع المجتمع مركز الخدمات الاجتماعية والتنمية في مدينة آزرو القريبة من إفران وذلك بدعم من الأمير عبد العزيز بن فهد الذي رافق هذا المشروع حتى وقف على قاعدة قوية ومنتجة، ومن برامج ذلك المركز محو الأمية ودعم الأسر المنتجة، حيث تم دعم قرابة 3000 سيدة وتقديم الخدمات الطبية في كثير من المجالات للفقراء ولأهالي آزرو».

وعن طلاب الجامعة وجنسياتهم، قال أوعويشة: «يدرس 1700 طالب في جامعة الأخوين منهم 10% طلاب دوليون من مختلف دول العالم من 19 جنسية و6 طلاب من الشرق الأوسط ويأتي للجامعة عدد يتجاوز الـ100 طالب في الصيف وفي فصول دراسية تبادلية مع جامعات عالمية أخرى، يدرسهم أساتذة من 17 جنسية 60% منهم من المغرب و40% من جنسيات من أميركا وبريطانيا وفرنسا وكندا وبلجيكا وباكستان والهند وأستراليا ومصر». وعن طلاب الشرق الأوسط، أضاف أنهم يستهدفون «وصول طلاب الجامعة إلى 2000 طالب وطالبة، وقد حضرت الأخوين معرضين في الرياض للجامعات ووجدت كثيرا من التجاوب والإعجاب من طالبي الابتعاث».

وقال الدكتور إدريس إنه إذا كان أحد الصحافيين المغاربة لقب الأخوين بـ«هارفارد العربية»، فلأنها تستحق هذا اللقب عن جدارة واستحقاق، «نظرا لأنها تعتبر مدرسة تكوين دبلوماسي ومركزا علميا ينافس كبريات الجامعات العالمية والعربية»، مضيفا أنه يجري حاليا العمل مع مؤسسة «نياسك» في بوسطن الأميركية، وهي التي تعطي جامعتي هارفارد وأمايتد الاعتماد.

ويذكر الرئيس أنه من أجل تبديد الفروق الاجتماعية، عمدت إدارة الجامعة، في وقت سابق، إلى إجبار طلبتها على الانخراط في أعمال اجتماعية كشرط لاجتياز الشهادة الجامعية، وكذلك تعلم اللغة العربية، واللغة الفرنسية، والثقافة الإسلامية، كأساسيات في المرحلة الأولى للدراسة، وكان يتوجب على كل طالب تقديم دروس خصوصية بالمجان لأبناء أهالي القرى المجاورة. أما بالنسبة للطلبة النابغين الذين يتعذر عليهم دفع تكاليف الدراسة، فقد استحدثت الجامعة برنامج منح يمول من خزينة الدولة، وتعتبر الأميركية جوليانا فورمان، أول طالبة حصلت على ماسترز من جامعة الأخوين، التي ترأس وتسير إدارة إحدى الشركات الدولية في مدينة طنجة حاليا.

وحصلت «الأخوين» على عدة جوائز عالمية ومنها مجسم للزعيم غاندي من سفارة الهند لدى المغرب، ومصحف مكتوب بماء الذهب من القرن السابع عشر للسلطان مولاي زيدان، أحد ملوك المغرب القدماء، ومجسم للكعبة المشرفة هدية من السعودية، وكذلك فازت إحدى طالبات الجامعة بمسابقة أرقام (كابيتال بنك) الاستثمار في دبي عن طلاب الشرق الأوسط، وهي طالبة الدراسات العليا ندى الأحرش.