قوات القذافي تحاصر زليطن وتقصف غدامس الأثرية.. وتتوعد السكان

قتال في «الزاوية» يؤدي لإغلاق الطريق الساحلي إلى تونس.. ومسؤول في «الناتو» يقول في الرباط: العملية ستستمر

مقاتلان من المعارضة الليبية على إحدى الجبهات بالقرب من مصراته في انتظار التعليمات للتقدم (رويترز)
TT

قالت المعارضة الليبية أمس إن قوات العقيد الليبي معمر القذافي تحاصر مدينة زليطن القريبة من طرابلس بعدما اندلع قتال هناك من شأنه فتح الطريق نحو العاصمة، كما قصفت مدينة غدامس الأثرية (جنوب) للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة. واشتعلت معارك في بلدة الزاوية أمس متسببة في إغلاق الطريق البري الساحلي الذي يربط العاصمة طرابلس بتونس.

وقال متحدث باسم المعارضة الليبية إن قتالا متقطعا بين قوات القذافي والثوار مستمر في زليطن على بعد 160 كيلومترا فقط شرق طرابلس، بعد سيطرة المعارضة على أجزاء منها. وقال إن الوضع أهدأ مما كان عليه يوم الجمعة وإن عدد القتلى لم يتغير عند 22 قتيلا. وقال المتحدث باسم المعارضة أحمد باني إن قوات القذافي ما زالت تطوق زليطن وتهدد السكان بأن المرتزقة سيغتصبون نساءهم ما لم يستسلموا. ولم يتسن التحقق من تلك الروايات المتعارضة ولم يرد تعليق فوري من حكومة القذافي.

وزليطن إحدى ثلاث بلدات لا تزال تحت سيطرة الحكومة بين مصراتة الواقعة تحت أيدي المعارضين والعاصمة طرابلس، وفي حال سقوطها قد تكون نقطة انطلاق تتيح للانتفاضة المناهضة للقذافي الانتشار من مصراتة أكبر معقل للمعارضين في غرب ليبيا إلى طرابلس. وقصفت قوات القذافي لأول مرة مدينة غدامس المدرجة في قائمة التراث العالمي منذ 1986 والواقعة على بعد 600 كيلومتر جنوب غربي العاصمة على الحدود مع تونس والجزائر لفتح جبهة جديدة في الحرب الدائرة منذ خمسة شهور. وهذه المواجهات هي الأولى في هذه المنطقة بين قوات القذافي والثوار منذ اندلاع الثورة ضد الزعيم الليبي في 15 فبراير (شباط) الماضي.

وقال مصدر من الثوار إن «كتائب القذافي تدك مدينة غدامس الأثرية للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة». وغدامس المعروفة باسم «لؤلؤة الصحراء» من أقدم المدن في منطقة ما قبل الصحراء الكبرى. وقالت المعارضة أيضا إن واحة غدامس التي يقطنها نحو سبعة آلاف شخص أغلبهم من البربر تعرضت لهجوم عقب احتجاج مناهض للحكومة في البلدة يوم الأربعاء. وقال المتحدث جمعة إبراهيم من بلدة الزنتان الواقعة تحت سيطرة المعارضين في منطقة الجبل الغربي «قصفت قوات القذافي غدامس وفقا لشهود عيان في البلدة».

وقال: «إنه انتقام على احتجاجات مناهضة للنظام». وكان القذافي أفرغ البلدة من سكانها في التسعينات وانتقل قاطنوها إلى مبان حديثة. ولم يتضح ما إذا كان الهجوم استهدف البلدة القديمة التي يعود تاريخها للحقبة الرومانية وتشتهر بمنازلها وقنواتها المائية.

إلى ذلك، واصلت قوات القذافي قصف منطقة الدفنية قرب مصراتة وهي جيب للثوار على بعد 200 كلم شرق طرابلس وفق ما أفاد الثوار من دون الإشارة إلى وقوع إصابات. وقتل 20 شخصا وجرح أكثر من 80 في قصف عنيف لقوات القذافي أول من أمس على المنطقة نفسها وفق الثوار الموجودين في المكان. وعلى جبهة جبل نفوسة (غرب) تحدث الثوار عن معارك وغارات أمس وأول من أمس، خصوصا في منطقتي ككلة وبئر الغنم. كما تحدثوا عن محاولة من قوات القذافي لدخول مدينة يفرن في المنطقة نفسها، لافتين إلى مواجهات «عنيفة».

وتدور معارك أخرى بين قوات القذافي والثوار في بلدة الزاوية مما أدى إلى إغلاق الطريق البري الساحلي الذي يربط العاصمة طرابلس بتونس. وقال أحد السكان لوكالة «رويترز»: «الوضع سيئ للغاية في الزاوية. يدور قتال ضار منذ الصباح بين قوات القذافي والمعارضين». وكانت الزاوية قد سيطر عليها المعارضون المسلحون في مطلع الانتفاضة على حكم القذافي في فبراير لكن استعادتها قوات حكومية في حملة قتل فيها عشرات من الناس. ويسيطر المعارضون الآن على الجبال إلى الجنوب الغربي من طرابلس ومدينة مصراتة على الطريق الساحلي إلى الشرق وهم يريدون في نهاية الأمر تطويق العاصمة وعزلها.

إلى ذلك، قال مسؤول في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إن العمليات العسكرية ضد ليبيا ستستمر إلى حين تحقيق أهدافها، وأوضح ديرك برينغلمان، مساعد الأمين العام للشؤون السياسية والسياسة الأمنية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، الذي زار المغرب في إطار جولة في دول البحر الأبيض المتوسط، أن أهداف العمليات العسكرية للناتو في ليبيا تتمثل في وقف استهداف المدنيين من قبل القوات الموالية للعقيد معمر القذافي، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للبلاد.

وأوضح ديرك برينغلمان، خلال لقاء صحافي مشترك مع يوسف العمراني، وكيل وزارة الخارجية المغربية عقد الليلة قبل الماضية بالرباط، عقب اجتماع لمجموعة العمل بين المغرب وحلف شمال الأطلسي، إن الحلف لا يسعى في المرحلة الحالية إلى دعوة دول أخرى للمساهمة في هذه العمليات. وإن الحلف ملتزم بالتفويض الممنوح له من قبل مجلس الأمن بشأن العملية العسكرية في ليبيا، نافيا وجود أي تقاعس في أداء مهمته. وقال إن مهمته تأتي تنفيذا لتوصيات قمة لشبونة الداعية إلى تعزيز المشاورات السياسية مع الدول المتوسطية.

وأشاد برينغلمان بالتعاون الذي يجمع المنظمة مع المغرب. وقال: «حققنا معا تقدما في حوارنا السياسي وفي تعاوننا العملي» مشيرا إلى أن «العلاقات بين الطرفين مبنية على أسس جيدة»، وأكد أن سياسة الشراكة الجديدة للناتو ستكون «أكثر مرونة وستفيد التعاون الثنائي مع المغرب خصوصا في إطار علاقة متعددة الأبعاد بين الطرفين».

ووصف برينغلمان مساهمة المغرب في إعداد المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو، والذي تم تبنيه خلال قمة لشبونة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي «بالمتميزة جدا» مذكرا أن مدينة الرباط كانت قد احتضنت خلال 2010 ندوة حول «الحوار المتوسطي والمفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو». ونوه برينغلمان بمساهمة المغرب في عمليات حفظ السلام التي تقوم بها المنظمة، على غرار تلك التي تقوم بها في البلقان.