تزايد قلق العراقيين مع اقتراب موعد الانسحاب الأميركي

غياب رؤية واضحة لدى القادة السياسيين يزيد من حالة عدم اليقين

TT

تزداد حالة القلق لدى العراقيين كلما اقترب موعد الانسحاب النهائي للقوات الأميركية، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد وضعا أمنيا هشا وتصاعدا في الخلافات السياسية.

ويقول سياسيون في العراق إن الموقف من انسحاب القوات الأميركية من العراق يستند أساسا على تقرير يقدمه رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، القائد العام للقوات المسلحة، والقادة الأمنيون حول وضع القوات العراقية، والوضع الأمني بصورة عامة يرافقه إجماع وطني حول الموضوع.

وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، يخشى عراقيون من أن عدم وجود رؤية واضحة من قبل القادة السياسيين ربما يمهد لبقاء القوات الأميركية لفترة جديدة، ابتداء من مطلع العام المقبل، بسبب عدم جاهزية القوات العسكرية والأمنية، فضلا عن الوضع الأمني غير المستقر، واتساع رقعة الانفجارات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والأسلحة الكاتمة، والمحاولات المتكررة لقيادة «القاعدة» والجماعات المسلحة للفرار من المعتقلات، بينما لا يزال المالكي عاجزا على تسمية أشخاص لقيادة الحقائب الأمنية في البلاد، وهي وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني.

ويقول الموظف الحكومي مهدي الجنابي (49 عاما) إنه «وفق ما يجري في البلاد حاليا، فإن فرص بقاء القوات الأميركية في العراق، أكبر من خروجها في الموعد المحدد، أبرزها أن الكتل السياسية لا تزال متخوفة من إعلان موقفها بشكل صريح، لأن الوضع في البلاد لا يزال مربكا، والخط البياني للخلافات السياسية لا يزال في تصاعد مما يعنى أن هذه الكتل ستعلن موقفها في الوقت الضائع، مما يجبر العراقيين إلى القبول بها».

وأضاف: «دعنا نتعامل بصراحة مع الواقع الحالي؛ كيف يتسنى لنا الطلب من القوات الأميركية الخروج من العراق والحكومة لا تزال عاجزة عن تسمية أشخاص لقيادة وزارات الداخلية والدفاع والأمن الوطني، وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على السجناء الخطرين في المعتقلات؛ حيث تشهد بين الآونة والأخرى فرار سجناء خطرين، إضافة إلى عدم اكتمال جاهزية القوات في الجيش والشرطة، وغياب قاعدة المعلومات الاستخباراتية بشكل شبه كامل».

وإذا كانت الكتل السياسية لا تود الإعلان صراحة عن مواقفها بشأن انسحاب القوات الأميركية من العراق، فإن التيار الصدري، الذي يقوده رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، أعلن موقفه بوضوح، برفض بقاء القوات الأميركية، من خلال التصريحات المتكررة والتلويح بإعادة نشاط جيش المهدي، الذي نظم هذا الشهر استعراضا عسكريا كبيرا شارك فيه الآلاف من أتباع الصدر، للإشارة إلى استعداد جيش المهدي للعودة من جديد إلى مسرح الأحداث لمواجهة القوات الأميركية.

ويقول خالد سامي (36عاما)، معلم: «بالتأكيد نحن لا نحبذ بقاء القوات الأميركية في العراق، لكن واقع الحال على الأرض يتعارض مع هذه الأمنية، لأن قادة الكتل السياسية لا يزالون في موقف المتأهب للانقضاض على الآخر، وغياب شكل الدولة، وغياب دور الحكومة في ضبط إيقاع عمل الوزارات، مما تسبب في تفشي حالات الفساد والسرقات، واتساع دائرة العنف والقتل بشكل يدعو إلى الرعب».

ويضيف: «صحيح أنه على الرغم من وجود القوات الأميركية في البلاد، فإن الوضع الأمني كان على حافة الحرب الأهلية، لكن علينا الإدراك أن هناك أطرافا دولية تتحين الفرصة للانقضاض على العراق في حال انسحاب القوات العراقية، وبالتالي فإن المواطن العراقي سيعيش حالة من الرعب والفوضى».

وينتظر أن يجتمع قادة الكتل السياسية الكبرى في البلاد لإعلان اتفاق موحد بشأن بقاء أو انسحاب القوات الأميركية من العراق، بينما لا يزال السياسيون في البلاد يجهلون الموقف النهائي لقياداتهم، على الرغم من تباين الآراء في التصريحات بين مؤيد ومعارض لموضوع الانسحاب الأميركي من العراق.

وذكرت المهندسة فاطمة علي (32 عاما) أن «موضوع رحيل القوات الأميركية من العراق أمر لامناص منه، ونحن ندعم هذا الرحيل، وعلى القوات الأمنية العراقية والجيش أن تعي ذلك بأمانة وصدق، لأنه لا يمكن أن يبقى العراق محتلا إلى ما لا نهاية». وقالت: «لا نزال نترقب القرار السياسي حول هذا الموضوع، وأتمنى أن لا نصاب بإحباط حينما يلجأ السياسيون إلى قرار اللحظة الأخيرة، وبالتالي يفوض للقوات الأميركية بالبقاء لفترة مقبلة؛ سواء بضغط من الجانب الأميركي أو تحت ذريعة أن القوات العراقية غير مهيأة».

ولا يزال المشهد السياسي بشأن تقرير مصير بقاء أو انسحاب القوات الأميركية في إطار الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، نهاية العام الحالي، لم تتضح معالمه بشكل واضح.

ويخشى عراقيون أن يجر إعلان تمديد بقاء جزء من القوات الأميركية البلاد إلى أعمال عنف، خاصة بعد أن أعاد جيش المهدي تنظيم نفسه، ولوح بإعلان المعارضة بجميع أنواعها ضد بقاء أي وجود للقوات الأميركية في العراق لمرحلة جديدة.