قوى سياسية في مصر تبحث عن ضمانات بشأن الدستور

ائتلاف 25 يناير يرفض الحلول الوسط.. ودعوة للاعتصام بميدان التحرير

TT

بينما لا تزال حالة الانسداد السياسي تهيمن على المشهد في مصر بين مؤيد ومعارض لوضع دستور البلاد أولا، قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، تسعى قوى سياسية لكسر مظاهر الاستقطاب الحاد، وإيجاد حل توافقي لتجاوز الأزمة، في حين دعا نشطاء مصريون إلى مظاهرات حاشدة واعتصام مفتوح بميدان التحرير يوم 8 يوليو (تموز) المقبل في جمعة جديدة حملت اسم «جمعة الدستور أولا».

وأعلن ائتلاف شباب الثورة رفضه أي «توافق» لا يتضمن صياغة الدستور قبل الذهاب إلى الانتخابات، وقال إنه سيعلن خلال اليومين المقبلين عن أسماء القوى السياسية المتضامنة مع مطلبه، كما أكد أنه سيبدأ في حوار مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين، أبرز القوى السياسية التي ترفض وضع الدستور قبل إجراء الانتخابات.

وكان المجلس العسكري الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلي الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة، قد أصدر في وقت سابق إعلانا دستوريا يحدد خريطة طريق لانتقال السلطة في البلاد يتضمن إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن يتولى نواب البرلمان تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد.

وترفض قوى سياسية ليبرالية ويسارية إجراء الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور، معربين عن خشيتهم من هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على مقاعد البرلمان، وهو ما قد يؤدي لدستور يحمل بحسبهم «صبغة دينية تتنافى مع مبادئ الدولة المدنية». وأعلن الناشط المصري ممدوح حمزة الذي تبنى مبادرة «مؤتمر مصر الأول» عن تأييد عدد كبير من القوى السياسية في مصر لمليونية 8 يوليو المقبل تحت اسم «جمعة الدستور أولا»، وقال حمزة لـ«الشرق الأوسط»: «لن تكون مظاهرة وينفض الناس بعدها.. ستكون (جمعة الدستور أولا) اعتصاما مفتوحا حتى الاستجابة لمطلبنا».

وفي محاولة لإيجاد صيغة توافقية، طرحت قوى ليبرالية ويسارية منضوية تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير، التي تضم جماعة الإخوان المسلمين، مقترحات لتجاوز الأزمة، وقال القيادي اليساري عبد الغفار شكر عضو الجمعية لـ«الشرق الأوسط»: «المقترحات تقضي بوضع مبادئ فوق دستورية مع توفير ضمانات للالتزام بها، والاتفاق على معايير اختيار اللجنة التي سيشكلها البرلمان القادم لوضع الدستور في شكله النهائي، بالإضافة إلى التنسيق في انتخابات البرلمان القادمة بحيث تحظى كل القوى الوطنية بتمثيل متوازن في البرلمان»، وتوقع أن «يشهد الأسبوع الحالي انفراجة في هذا الملف».

في المقابل، يقف ائتلاف شباب 25 يناير، الذي أثبت قدرته على التأثير والحشد، أمام مساعي إيجاد حل توافقي، وقال ناصر عبد الحميد عضو الائتلاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا حديث عن حلول وسط.. الدستور أولا»، مضيفا أن الائتلاف سيعلن خلال الأسبوع الحالي عن أسماء القوى السياسية التي توافقت على تبني خطوة «الدستور أولا»، لكنه استدرك قائلا «إنه من المبكر أن نتحدث الآن عن الخطوات التصعيدية».

من جانبه، قال شادي الغزالي حرب عضو الائتلاف إن هناك مفاوضات تجري بين عدد من القوى التي ترفض اقتراح «الدستور أولا»، لافتا إلى أن هذه المفاوضات لا تزال غير ناضجة بما يسمح بالخروج بنتيجة واضحة إما الرفض الواضح أو التوافق. ورغم خلافهم المعلن مع قادتهم، يؤكد شباب «الإخوان» داخل ائتلاف شباب 25 يناير أنهم ملتزمون بموقف مكتب الإرشاد الرافض لوضع الدستور أولا، وقال أحمد عبد الجواد عضو الائتلاف إن «شباب الإخوان لديهم تحفظات وعلامات استفهام بشأن التعديلات التي أدخلت على نتائج الاستفتاء (التي تمت صياغتها في الإعلان الدستوري)، لكنهم ملتزمون بموقف الجماعة».

وأكد عبد الجواد أن موقف قيادات الجماعة من الشباب المشارك في الائتلاف لا يسمح بأن يكونوا حلقة اتصال بين الطرفين. وكانت الجماعة قد رفعت غطاءها السياسي عن شبابها في الائتلاف بعد مشاركتهم في مظاهرات جمعة الغضب الثانية، التي رفض «الإخوان» المشاركة فيها.

وقالت مصادر داخل الائتلاف إن موقف شباب الجماعة لا يؤثر على موقفها، مؤكدين أن قرار الائتلاف يصدر بتوافق الأغلبية وليس بالإجماع، وأنهم سوف يخوضون معركة «الدستور أولا» حتى النهاية.

وتصر جماعة الإخوان المسلمين الأكثر تنظيما وتأثيرا في مصر على إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، وتقول إن «أي مساس بخريطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري في الإعلان الدستوري تمثل انتهاكا لنتائج الاستفتاء» (الذي جرى في 19 مارس (آذار) الماضي، وأيد نحو 77 في المائة من المشاركين فيه إجراء الانتخابات البرلمانية أولا).

وتتفاعل جماعة الإخوان المسلمين بإيجابية مع المبادرات التي تضمن إجراء الانتخابات أولا، وقال الدكتور محمد البلتاجي أحد القيادات الإخوانية في الجمعية الوطنية للتغيير، إنه تم الاتفاق على تشكيل لجان لوضع وثيقة توافق وطني ملزمة حول المبادئ الفوق دستورية، ووضع المعايير التي على أساسها سيتم اختيار لجنة الدستور التي يشكلها البرلمان بغض النظر عمن سيحصل على الأغلبية (في البرلمان).