جدل داخل إدارة أوباما حول سحب القوات من أفغانستان

بايدن والعسكريون على طرفي نقيض.. والرئيس قد ينهج خطا وسطا ويسحب 30 ألف جندي

أوباما لدى وصوله الى القاعدة الجوية أندروز عائدا من منتجع كامب ديفيد أمس (أ.ب)
TT

توقعت مصادر أميركية أن يعلن الرئيس باراك أوباما، قبل نهاية الشهر الحالي، خفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان بمقدار ثلاثين ألف جندي، على أن يكون ذلك مرحليا ويستغرق ما بين 12 شهرا و18 شهرا. وأضافت المصادر أن الرئيس أوباما وصل إلى هذا القرار لإرضاء المتشددين في كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ممن يريدون إبقاء القوت الأميركية في أفغانستان ما دامت حركة طالبان تشكل خطرا، وأيضا لإرضاء الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي الذي ظل يطالب بانسحاب كامل. ويأتي هذا وسط استطلاعات للرأي نظمت مؤخرا وكشفت عن أن غالبية الأميركيين يرون أن حرب أفغانستان لا تستحق كل هذا المال والأرواح الأميركية.

وقال مراقبون في واشنطن إن الرئيس أوباما، رغم أنه أوشك على اتخاذ هذا القرار، فإنه يريد تأجيله لتحقيق مكاسب سياسية، سواء عبر إجراء صفقة مع قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس حول الميزانية والديون الحكومية، أو إصدار سلسلة إعلانات عن تخفيض القوات، من وقت لآخر، حتى السنة المقبلة، سنة الانتخابات الرئاسية. ورأى المراقبون أن الرئيس أوباما في وضع مثالي، لأنه صار بإمكانه، بعد قتل أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة، القول للأميركيين إنه هو الذي أمر بقتل بن لادن، لكنه يعرف أن نهاية بن لادن ليست نهاية الإرهاب، ولهذا، ستنسحب القوات الأميركية من أفغانستان، ولكن تدريجيا، بما يناسب الأمن الأميركي وحماية الشعب الأميركي. يشار إلى أن للولايات المتحدة في أفغانستان، في الوقت الحاضر، مائة ألف جندي، إضافة إلى وجود أربعين ألف جندي من قوات حلف شمال الأطلسي هناك.

وكان حلف شمال الأطلسي قد أعلن أنه سوف يسحب جميع القوات المقاتلة بحلول سنة 2015. ولهذا، فإن سحب الثلاثين ألف جندي أميركي، حتى لو تم خلال سنة أو أكثر، سيبقي سبعين ألف جندي أميركي في أفغانستان. وكانت هذه هي القوات الموجودة هناك عندما صار أوباما رئيسا سنة 2009، أي أن عدد القوات الأميركية ربما بعد سنة، ومع اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية، سيعود كما كان خلال آخر أيام الرئيس السابق جورج بوش الابن.

وقال ليسلي غيلب، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية (معهد أبحاث نافذ) في نيويورك: «ليس هناك وسط داخل البيت الأبيض، ولا توجد حمائم أو صقور. هناك كتلة نائب الرئيس بايدن، وهناك كتلة العسكريين الذين لا يريدون المساومة. ويوجد مع نائب الرئيس، توم دونيلون، مستشار الرئيس للأمن الوطني». وأضاف: «ترى كتلة بايدن أن بن لادن قتل، و(القاعدة) انهارت، لكن، لا يمكن هزيمة طالبان، ولهذا، لا بد من التفاوض معها حول انسحاب تدريجي. إنهم يقولون: لا بد من نقل المسؤولية عن الحرب إلى حيث تنتمي عمليا، في نهاية المطاف، إلى الأفغان». وأضاف غيلب، الذي كان مسؤولا كبيرا في الخارجية الأميركية، أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لم تستقر على صيغة معينة، لكنها تميل نحو قلق وزارة الدفاع (البنتاغون) من الانسحاب بسرعة كبيرة جدا لأن هذا سيقود إلى فتح الأبواب أمام تصاعد حركة طالبان.

ومن المرجح أن تظهر كلينتون في مكان ما بين بايدن والمعتدلين في البيت الأبيض وبين القادة العسكريين. ولأن العسكريين يريدون انسحابا رمزيا، ربما ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف، وبايدن وجماعته يريدون انسحاب ثلاثين ألفا، ستقترح كلينتون انسحاب عشرة آلاف أو ربما عشرين ألفا.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن وزير الدفاع المغادر، روبرت غيتس، حذر في آخر مؤتمر صحافي له، من تخفيض كبير في عدد القوات الأميركية في أفغانستان. وقال: «ربما عشرة آلاف، خلال سنتين». وأضاف غيتس في ذلك المؤتمر الصحافي: «إذا استطعنا الإبقاء على المكاسب التي حققناها خلال العام الماضي، وإذا استطعنا توسيع المزيد من السيطرة الأمنية، سنكون في موقف يمكننا القول فيه إننا حققنا أهدافنا بحلول نهاية هذا العام». وقال غيلب: «مثل هذا الخط الذي يدعو إلى عدم استعجال الانسحاب يحرج أوباما سياسيا، ولن يكون سهلا على أوباما الحياد بين بايدن والعسكريين. لا شك أن أوباما يخشى من انتقادات متزايدة بأنه تخلى عن أفغانستان، رغم أن هذه تهمة كاذبة وسيئة».