محمد بن غلبون: أدعو المجلس الانتقالي إلى تبني دستور بداية الاستقلال

رئيس الاتحاد الدستوري الليبي لـ«الشرق الأوسط»: من شأن ذلك طمأنة أصدقاء ليبيا وداعمي ثورة شعبها

محمد بن غلبون («الشرق الأوسط»)
TT

دعا محمد بن غلبون، رئيس الاتحاد الدستوري الليبي، المناوئ لنظام العقيد معمر القذافي، المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، إلى تبني الدستور الليبي الصادر في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 1951، أي قبل أقل من ثلاثة أشهر من إعلان استقلال ليبيا في 24 ديسمبر (كانون الأول) من السنة ذاتها، وذلك لتجاوز المعضلة التي تواجه المجلس في هذه المرحلة، وتمنعه من التصرف في أموال البلاد المجمدة في المصارف العالمية بقرار من مجلس الأمن، والتي برزت مجددا في الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال الذي عقد مؤخرا في أبوظبي، وتمنعه من التسيير اليومي لإدارته الانتقالية وتجاوز أزماته العاجلة.

وقال بن غلبون، في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المعضلة بالإمكان تجاوزها بتبني الدستور الليبي، مع التحفظ بطبيعة الحال على المواد التي تحدد شكل الدولة، ونظام الحكم فيها إلى أن يجري الاستفتاء على ذلك في حينه، وذلك بدلا من الوعود المتكررة بوضع دستور جديد بعد سقوط القذافي.

واعتبر بن غلبون أن تبني الدستور الليبي «من شأنه طمأنة أصدقاء ليبيا وداعمي ثورة شعبها على مصالحهم المستقبلية، وعلى أمن البلاد واستقرارها بعد تمام سقوط نظام الطاغية القذافي»، مشيرا إلى أن أولئك الأصدقاء والحلفاء عبر عن قلقهم تصريح وزير خارجية بريطانيا، ويليام هيغ، عقب زيارته لبنغازي مطلع هذا الشهر، الذي أهاب فيه بالمجلس الوطني الانتقالي بـ«تطوير انتقالهم المقترح للسلطة بشكل أكثر تفصيلا لضمان وضع خطط شاملة» للحكم بعد التخلص من القذافي، وهو الأمر الذي يتعارض مع صلاحيات المجلس بسبب كونه انتقاليا مؤقتا، وبسبب أن ما بعد القذافي تقرره صناديق الاقتراع.

وأوضح بن غلبون أنه يعني بالدستور الليبي، ذلك الدستور الوحيد في تاريخ البلاد، الذي وضعته جمعية تأسيسية مثلت قطاعات الشعب الليبي كلها، ومناطق البلاد كافة تجاوبا مع شرط هيئة الأمم المتحدة للموافقة على منح ليبيا استقلالها.

ووصف بن غلبون دستور 1951 بأنه «جاء في سابقة غير معهودة في منطقتنا حيث وضعه ممثلون عن الشعب الليبي قبل تكوين الدولة وتنصيب الحاكم».

واعتبر بن غلبون أن اتخاذ المجلس الوطني الانتقالي لهذه الخطوة سيضعه في موقف قانوني مناسب للمطالبة بكرسي ليبيا في هيئة الأمم المتحدة، وبالتالي الحصول على الأحقية في التصرف في الأموال الليبية المجمدة في المصارف العالمية، وبيع النفط الليبي والغاز، لتمويل الثورة والخروج بالوطن من الورطة الاقتصادية التي بدأت تخنقه، بل ويضعه في موقف يمكنه من مساءلة هيئة الأمم المتحدة لتمكينها القذافي من كرسي ليبيا بعد إلغائه لدستور البلاد الذي كان أساسا لقبولها في الهيئة الدولية، موضحا أن المجلس باتخاذه هذه الخطوة سيرسخ محليا ودوليا استحالة تعطيل الدستور مرة أخرى على يد أي حاكم في المستقبل، وتلك سابقة عظيمة وغاية قد لا تقل أهمية عن إسقاط نظام القذافي، يقول بن غلبون.

وفي معرض تعليقه على المطالبين بصياغة دستور جديد للبلاد، قال بن غلبون إن كثيرا من الأصوات التي تعلو بإصرار للمطالبة بوضع دستور جديد للبلاد بعد سقوط القذافي، ولا تعير دستور الشعب أي أهمية، تصدر إما من كوادر نظام القذافي ما قبل 15 فبراير (شباط) الماضي والسائرين في ركبه، وهؤلاء لا قيمة لدستور الشعب عندهم لجهلهم بالأهمية الفعلية لهذه الوثيقة، والأبعاد الحقيقية لقيمتها كمصدر للشرعية القانونية المنشودة، وإما ممن يرون أن الفرصة سانحة لتخليد أسمائهم في قائمة واضعي الدستور، بالإضافة إلى قلة ممن يرغبون في مسح فترة ما بعد الاستقلال من التاريخ الليبي بجميع آثارها لأسباب بعضها شخصي وبعضها جهوي.

ودعا بن غلبون الثوار إلى أن ينهوا هؤلاء وهؤلاء عن غيهم، ويهيبوا بهم لتوظيف هذا المكسب الوطني الحضاري العظيم في استقرار البلاد وتجاوز هذه المعضلة وحل الأزمة الاقتصادية الراهنة، وطمأنة الأصدقاء، ثم إجراء التعديلات اللازمة لتطوير هذه الوثيقة لتتناسب مع متطلبات العصر وتطلعات الشعب من خلال ما تكفله هذه الوثيقة ذاتها من آلية لتحقيق ذلك، مشيرا إلى أنه سبق أن اختبر ذلك بنجاح في سنة 1963 عندما عدل الدستور ليسمح بنقل البلاد من النظام الفيدرالي إلى نظام الدولة الموحدة. وذكر بن غلبون أن دساتير الشعوب المتحضرة توضع مرة واحدة فقط، ثم تجرى عليها التعديلات متى لزم الأمر لمواكبة مسيرتها الحضارية ومتغيرات الزمن والظروف، معطيا المثل بوضع الدستور الأميركي سنة 1787، وهو أقدم دستور مكتوب غير منقطع الاستعمال في العالم، الذي أجريت عليه التعديلات 27 مرة. وفي المقابل، قال بن غلبون إن إحدى الدول العربية العريقة دخلت في دوامة تغيير الدساتير واستبدالها كلما تبدل الحاكم حتى بلغ عدد دساتيرها منذ سنة 1925 سبعة دساتير.