حداد في دوما يفضح مخبري النظام من باعة البسطات والمتجولين

السكان لاحظوا ازدياد أعداد عمال النظافة حتى في الأزقة الصغيرة التي لم يدخلوها سابقا

لاجئون سوريون في أحد المعسكرات التي تديرها السلطات التركية بمدينة هاتاي الحدودية (أ.ب)
TT

وحدها البسطات التابعة لمخبري قوات الأمن المتخفين في أزياء مدنية، هي التي فردت بضائعها في أسواق مدينة دوما (ريف دمشق)، أمس، التي أغلقت محلاتها حدادا على الطفل الشهيد حمزة بلة الذي جرى تشييع جنازته أول من أمس، بصمت، بعد ضغوطات هائلة مارستها قوات الأمن على ذويه، كي لا تتحول جنازته إلى مظاهرة في مدينة شهدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية عددا من الاحتجاجات التي تعد الأكثر قمعا ودموية.

والطفل حمزة بلة داسته سيارة أمن يوم «جمعة أطفال الحرية»، أي قبل نحو أسبوع من وفاته، وشيع يوم الأحد بصمت شديد، واحتجاجا على ذلك، دعا ناشطون في دوما إلى الإضراب العام يوم الاثنين (أمس) في دوما «حدادا عليه ووفاء لكل شهداء الثورة السورية».

وقد تمت الاستجابة للدعوة وأغلقت المحلات أبوابها في دوما في شارع الجلاء الرئيسي وخورشيد والقوتلي وسوق الخضراوات، كما خرجت مظاهرة أمس من الجامع الكبير بعد صلاة الظهر، وبعدما أغلقت جميع المحلات. وعلى الفور قامت عناصر الأمن والشبيحة بمهاجمة المتظاهرين وملاحقتهم، في الأحياء والحارات.

أحد سكان دوما وصف مشهد الإضراب بأنه كان «فضيحة» للمخبرين (العواينية)؛ إذ أغلقت السوق فجأة ولم يبق غير الباعة الجوالين وأصحاب البسطات، وقال بدت عليهم «علامات المفاجأة والارتباك، وازداد هذا عندما رأوا المصلين يخرجون من الجامع الكبير في مظاهرة غاضبة تتحدى وجودهم».

ومنذ بدأت حركة الاحتجاجات السورية في الانتفاض، لاحظ السوريون تكاثر ظاهرة الباعة المتجولين والبسطات في كل الأسواق، وفي الحارات والأزقة الصغيرة، وزاد عدد عمال النظافة حتى تلك التي لم يكن يدخلها أي عامل نظافة سابقا، صار السكان يرون عمال النظافة يدخلونها؛ كل 4 عمال معا، ويتناوبون على مدار الساعة.

أما باعة البسطات من الفقراء الذين جرت العادة على ملاحقتهم ومصادرة بضائعهم ما لم يدفعوا رشوة لموظفي البلديات والشرطة، فباتوا منذ الأحداث موجودين في الشارع وبكثرة وتحتل بضائعهم كامل الأرصفة، بل حتى تفرد على قارعة الطريق، ويقول شادي، أحد سكان منطقة الصالحية وسط دمشق: «لا نعرف من أين ينبع هؤلاء، الدب النائم يعرف أنهم مخبرون، فبينهم من يرتدي ملابس مموهة، وبعضهم بملابس غامقة وعيونهم تتحرك مثل الرادارات»، وعن نوع البضائع التي يفردونها، قال شادي: «كل ما يخطر على البال من أرخص البضائع».

يشار إلى أن الشهر الماضي دعا ناشطون إلى إضراب عام في كل سوريا، ولم يحقق استجابة في دمشق، بينما استجابت أسواق بعض المحافظات في حمص وحماه ومناطق أخرى بعيدة. وبحسب ما تم تداوله بين أصحاب المحلات في أسواق دمشق، فإن قوات الأمن ومعهم المخبرون من الذين يغزون الأسواق طافوا على أصحاب المحلات وأجبروهم على فتح محلاتهم. ويقول مالك، وهو بائع في منطقة الحمرا: «المضحك أن سوق الحمرا تتأخر وبعض المحلات لا يفتح قبل الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، فقام الأمن باستدعاء كل من تأخر في فتح محله، وبينهم صاحب محل مغلق من قبل البلدية بالشمع الأحمر عقوبة له على مخالفة تموينية، وقد استفاد من ذلك بأن أزيل الشمع الأحمر قبل انتهاء مدة العقوبة».