النتائج منحت الشرعية لأردوغان.. ومنعته من إقامة نظامه الرئاسي

ناطق باسم المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: نقبل بنظام مشابه للنظام الأميركي

TT

يحق لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن يفرح بالانتصار «التاريخي» الذي حققه في الانتخابات البرلمانية التي ستحمله للمرة الثالثة على رأس حكومة خالصة من حزبه، العدالة والتنمية، مكرسا نهاية عهد «الحكومات الائتلافية» التي كانت تتميز بالضعف وعدم القدرة على الإنجاز، كما يقول قادة الحزب الحاكم.

وفي الوقت نفسه يحق لأردوغان أن يشعر بالإحباط - أقله - بسبب فشل مشروعه تحويل تركيا إلى جمهورية بنظام رئاسي، بدلا من جمهورية نصف برلمانية كما هي الحال الآن. فالنتائج التي أفرزتها هذه الانتخابات تجعل من الصعب عليه أن يغير الدستور في مجلس النواب لأنه يحتاج إلى 367 نائبا، وهو لا يمتلك إلا 326، كما أن انتظاره الانتخابات الجديدة، ومراهنته على فوز كبير يسمح له بتغيير الدستور، أفقداه ورقة رابحة كانت في جيبه، بعد أن تناقص عدد نوابه من 341 إلى 326، ففقد أيضا القدرة على إعداد مشروع الدستور الجديد وتقديمه إلى الاستفتاء العام لأنه يحتاج إلى 330 صوتا. وفي حال أراد أردوغان التفاهم مع الأحزاب الأخرى من أجل التعديل فهو مضطر إلى التفاهم مع حزب من اثنين، حزب الشعب الجمهوري، وعندها يستطيع أن يعدل في مجلس النواب بكل سهولة، أو حزب الديمقراطية والسلام الكردي الذي قد يمكنه من تأمين أصوات لعرض المشروع على الاستفتاء العام. أما الحزب القومي فهو غير وارد - على الأقل الآن - بسبب مواقفه المتطرفة في موضوع العلمانية.

ويقول الكاتب التركي مصطفى أوزجان لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يتوقع أن يتم أي تغيير للدستور في عهد هذا البرلمان لأن الحزبين، الشعب والقومي، ليسا في وارد التفاهم مع أردوغان على مشروع «النظام الرئاسي»، أما إذا اختار التحالف مع الأكراد فهذا من شأنه أن يثير حساسية الأحزاب الأخرى، وحساسية المؤسسة العسكرية التي قد تتحرك لمنع هذا عن طريق عمل ما قد تقوم به، قد يكون «مذكرة» كتلك التي أطاحت بحكومة نجم الدين أربكان، أو أي عمل آخر. مشيرا إلى أن الحزب الحاكم «وضع نفسه في موقف صعب، فإن هو أرضى الأكراد أغضب الأحزاب العلمانية والجيش، والعكس بالعكس»، متوقعا أن تكون الفترة المقبلة فترة «اللااستقرار» خلافا للعنوان الذي خاض الحزب الحملة الانتخابية تحته.

وبدوره قال ناطق بلسان حزب الشعب الجمهوري لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب مستعد للتفاهم مع أردوغان حول تعديلات دستورية «لا تحول النظام رئاسيا». وأشار إلى أن أردوغان يحمل الآن صلاحيات تفوق صلاحيات الرئيس الأميركي، فهو يسيطر على الاستخبارات والنظام القضائي والجيش والوزارات، «فماذا يريد بعد؟»، مشيرا إلى أن ما يريده أردوغان هو «تأمين القدرة على الحكم حتى لو لم يكن حزبه قادرا على تأليف الحكومة منفردا». وختم بأن الحزب مستعد للقبول بالنظام الرئاسي إذا كان على شاكلة النظام الأميركي.

وكانت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التركية قد أظهرت نسبة مشاركة تاريخية بلغت 86 في المائة، صوت نصفهم للحزب الحاكم الذي نال قرابة 50 في المائة من الأصوات، ما جعل أردوغان يقف على شرفته ليقول إن حزبه «نجح في تمثيل جميع أطياف المجتمع التركي دون استثناء». وشدد أردوغان في خطابه على أن الانتخابات أكدت للعالم أيضا أن حزب العدالة والتنمية ليس، كما يردد البعض، حزبا إسلاميا، بل هو حزب يعبر عن كل أطياف المجتمع التركي دينيا وعرقيا، معربا عن مفاجأته بالنسبة التي حققها مرشحو الحزب في مختلف المقاطعات. وأظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الحاكم على 49.9% من أصوات الناخبين ونيله 326 مقعدا من أصل 550. وحل في المركز الثاني حزب الشعب الجمهوري بنسبة 25.9% ممثلة بـ135 مقعدا، ثم حزب الحركة القومية بـ13% من الأصوات أي 53 مقعدا، ثم المستقلون الأكراد بنسبة 6.6% أي 36 مقعدا.

وفاز حزب العدالة بنواب في 65 ولاية من أصل 82، أبرزها إسطنبول وأنقرة وبورصا وقونيا وأنطاليا، بينما صوتت لحزب الشعب الجمهوري أزمير وموغله وتونجلي وأدرنه وكرك ليرلي، وتكيرداغ وأيدن، في حين كانت ولاية أيغدر من نصيب حزب الحركة القومية. وسيطر المستقلون الأكراد في ماردين وشيرناك وهاكاري ووان وموش وديار بكر وباتمان.

ويخشى معارضو أردوغان من احتمال أن يستغل أردوغان هذا النصر لتعزيز سلطته والحد من الحريات واضطهاد المعارضين، خصوصا بعد قوله إن «الانتخابات انتهت.. وأتى وقت تصفية الحسابات»، ولكن أردوغان قال في «خطاب النصر» أمام أنصاره إنه سيعمل مع المنافسين، قائلا: «الشعب أبلغنا رسالة بوضع الدستور الجديد من خلال التوافق والتفاوض. سنناقش الدستور الجديد مع أحزاب المعارضة، وسيفي الدستور الجديد بمطالب السلام والعدالة».