وزير خارجية فرنسا يحل في الجزائر غدا وسط مؤشرات تقارب بين البلدين

ليبيا تتصدر جدول المباحثات.. وأوساط ترشح طلب وساطة جزائرية لرحيل القذافي

TT

يصل وزير خارجية فرنسا، ألان جوبيه، إلى العاصمة الجزائرية مساء غد (الأربعاء) في زيارة رسمية تدوم 24 ساعة يلتقي خلالها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس الحكومة أحمد أويحيى، ونظيره مراد مدلسي.

وتكتسي زيارة جوبيه أهمية خاصة بالنظر لعاملين اثنين هما: العلاقات المعقدة بين باريس والجزائر من جهة، وتطورات الوضع الإقليمي والربيع العربي من جهة أخرى. فزيارة جوبيه هي الأولى لوزير خارجية فرنسي منذ زيارة برنار كوشنير إلى الجزائر قبل 3 سنوات، وزيارة العمل التي قام بها رئيس الحكومة فرنسوا فيون صيف العام نفسه.

ومنذ سنوات، تتأرجح العلاقات الثنائية بين البلدين بين الصعود والهبوط. غير أن الأشهر الأخيرة عرفت انفراجا بين العاصمتين برز بوضوح نهاية الشهر الماضي بمناسبة منتدى الشراكة، الذي عقد في العاصمة الجزائرية بحضور كبار المسؤولين الجزائريين ووزير التجارة الخارجية الفرنسي بيار لولوش، ورئيس الوزراء الأسبق جان بيار رافاران، الذي كلفه الرئيس ساركوزي خريف العام الماضي بمهمة «تنقية» العلاقات مع الجزائر، وتوثيق التعاون الاقتصادي، وتحسين مواقع الشركات الفرنسية في السوق الجزائرية. وبالفعل، فقد نجح رافاران في حل عدد من العقد التي كانت تحول دون التوصل إلى اتفاقات نهائية بصدد مشاريع استثمارية فرنسية واسعة في الجزائر بما فيها القطاع النفطي.

ووصف الناطق باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، الزيارة بأنها «مهمة» وتحصل بين بلدين «لاعبين أساسيين على ضفتي المتوسط الجنوبية والشمالية»، فضلا عن «مجموعة من المواضيع السياسية والدبلوماسية»، التي سيتم بحثها.

وكان آخر لقاء بين ساركوزي وبوتفليقة تم على هامش قمة مجموعة الثماني أواخر الشهر الماضي في دوفيل التي شارك بوتفليقة في الجزء الخاص منها بأفريقيا.

وسبق للجزائر وفرنسا أن أعلنتا قيام «شراكة استراتيجية» بينهما بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الرئيس السابق جاك شيراك إلى الجزائر. غير أن الاتفاق بقي فارغا من المضمون بسبب الجدل الذي تناول مرحلة الاستعمار الفرنسي للجزائر ومطلب الجزائريين من فرنسا «الاعتذار» عنها. ثم جاء مشروع القانون الذي قدم لاحقا إلى مجلس النواب الفرنسي وفيه «تمجيد» لمرحلة الاستعمار في أفريقيا ليصب الزيت على النار وليواجه بمشروع قانون مضاد في مجلس الشعب الجزائري. وكل ذلك أفضى إلى تأجيل متكرر لزيارة الرئيس بوتفليقة إلى باريس ثم إلى تناسيها نهائيا. ويضاف إلى ذلك اختلاف مواقف البلدين بخصوص ملف الصحراء الغربية ووقوف باريس بوضوح إلى جانب طرح المغرب وتأييد مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية ليغذي التوتر السياسي والدبلوماسي. غير أن هذه الأجواء تبدلت. ويحرص الجانبان على تفادي ما يسيء لعلاقاتهما الثنائية. وسبق لوزير خارجية الجزائر أن أكد في أبريل (نيسان) الماضي أن «لا توتر قائم بين الطرفين». وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن شخصية وزير الخارجية من شأنها «المساعدة» على تطبيع العلاقات بين العاصمتين بعد مرحلة الوزير كوشنير الذي لم تكن «ترتاح» إليه الحكومة الجزائرية.

وسيكون الملف الليبي على رأس جدول مباحثات جوبيه بالنظر لتضارب المواقف بين الجانبين منذ اندلاع الأزمة. وبينما حثت باريس على التدخل العسكري وكانت أول من اعترف بالمجلس الوطني المؤقت «المعارض»، دافعت الجزائر عن حل سياسي عبر الوساطة الأفريقية، وانتقدت العمليات العسكرية ضد ليبيا، ولم تقطع علاقاتها بنظام العقيد القذافي. ونفت الجزائر بشدة اتهامات المجلس المذكور لها بأنها تزود أنصار القذافي بالذخائر، وتوفر لهم الدعم العسكري. ورجحت مصادر دبلوماسية عربية في باريس أن يطلب جوبيه من محادثيه الجزائريين «إقناع» القذافي بالرحيل، علما بأن الجزائر تعتبر إحدى الجهات التي يمكن أن تستقبل القذافي.

وينتظر أن يتناول جوبيه التحولات الأخرى الجارية في المنطقة، وخصوصا الوضع في سوريا واليمن. وتنتقد المصادر الفرنسية «صمت» العرب وجامعتهم بالنسبة إلى القمع في سوريا، بينما تدعم بقوة الوساطة الخليجية في الأزمة اليمنية. كذلك، يرجح أن يثار موضوع التعاون بين باريس والجزائر في موضوع الحرب على الإرهاب، خصوصا إرهاب «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الناشطة في بلدان ما يسمى «الساحل» وعلى حدود الجزائر الجنوبية.