طالباني يستجيب للضغوط السياسية وينيط بنائبه الخزاعي مهمة توقيع أحكام الإعدام

إثر مظاهرات طالبت بتنفيذ الأحكام بحق مرتكبي «مجزرة عرس الدجيل»

TT

أنهى الرئيس العراقي جلال طالباني حالة الاحتقان السياسي في البلاد، التي بلغت ذروتها الجمعة الماضي عندما ندد آلاف المتظاهرين من مؤيدي وأنصار حزب الدعوة، الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، بتأخير تنفيذ أحكام الإعدام بحق المئات ممن صدرت بحقهم مثل هذه الأحكام واكتسبت، وفقا للقانون العراقي، الدرجة القطعية. وفي الوقت الذي عبر فيه المتظاهرون، الذين يمثلون مجالس الإسناد العشائرية التي شكلها المالكي قبل انتخابات عام 2010 وأثارت جدلا واسعا حتى داخل التحالف الوطني بوصفها نوعا من عسكرة المجتمع العراقي من جديد، عن غضبهم حيال مجزرة عرس الدجيل التي ارتكبت عام 2006 في منطقة التاجي شمال غربي بغداد حين أقدم عناصر تنتمي للجيش الإسلامي على خطف واغتيال موكب عرس يضم نحو 80 شخصا من بينهم العروس والعريس فإنهم نددوا بموقف الرئيس العراقي جلال طالباني الرافض للتوقيع على أحكام الإعدام بوصفه محاميا كان قد وقع من قبل على وثيقة دولية بإدانة أحكام الإعدام.

كما كان المتظاهرون قد مزقوا صور زعيم القائمة العراقية إياد علاوي على خلفية التقاط المتهم الرئيسي بالعملية فراس الجبوري صورة تذكارية معه أيام كان الجبوري يشغل منصب مدير السجون والمعتقلات في وزارة حقوق الإنسان.

كان قد أُعلن سابقا أن الرئيس جلال طالباني قد خول نائبه الأول عادل عبد المهدي بالدورة الماضية لتوقيع أحكام الإعدام، غير أن تخويل طالباني للخزاعي بتوقيع هذه الأحكام نيابة عنه يؤكد قبول طالباني استقالة عبد المهدي وإن لم يعلن ذلك رسميا، كما أنه يعني أن النائب الثاني طارق الهاشمي، القيادي في القائمة العراقية، لا يزال يرفض توقيع أحكام الإعدام بحق عدد من رموز النظام السابق، وفي المقدمة منهم وزير الدفاع سلطان هاشم أحمد.

كانت القناة الرسمية (العراقية) قد أعلنت أن رئيس الجمهورية جلال طالباني خول نائبه خضير الخزاعي التوقيع على أحكام الإعدام دون إيضاح المزيد من الأسباب. من جانبه، أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي أن «مجلس الوزراء لا يملك حق التنفيذ في طلب المتظاهرين، بإعدام منفذي مجزرة الدجيل أو الآخرين الذين يرتكبون جرائم، إلا بعد أن تجري المصادقة على الأحكام من قبل رئاسة الجمهورية، بل إنه حتى الأحكام القطعية التي تصادق عليها المحاكم تبقى بحاجة إلى قرار مصادقة»، مشيرا إلى أن «جميع الطلبات أحيلت إلى القضاء ورئاسة الجمهورية».

إلى ذلك، قال الخبير القانوني طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن المادة 288 من قانون أصول المحاكمات الجزائية حسمت مسألة تنفيذ أحكام الإعدام بالمجرمين، التي أشارت إلى أنه يجوز تنفيذ حكم الإعدام في السجن أو في أي مكان آخر، أي أن الإعدام يمكن تنفيذه في ميدان عام أو مكان يرتاده الناس أو في مسرح الجريمة». وأشار حرب إلى أن «الفقرة أعلاه اشترطت أن يكتسب الحكم الدرجة القطعية وأن تحضر هيئة التنفيذ المكونة وفقا للقانون عضو المحكمة التي أصدرت الحكم، والمدعي العام، ومدير السجن، وممثل عن وزارة الداخلية، وطبيب السجن، ويمكن حضور محامي المحكوم». وبصدد موقف أن «أحكام الإعدام لا تزال موجودة في 18 ولاية أميركية»، كما أن اليابان هي الأخرى «لا تزال تأخذ بعقوبة الإعدام، بينما هي الأعلى من حيث التطور في العالم».

في سياق متصل، أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق عن إطلاق سراح 8912 موقوفا خلال شهر مايو (أيار) الماضي في عموم المحافظات العراقية بعد ثبوت براءتهم من التهم الموجهة إليهم. وقال المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى، عبد الستار البيرقدار، في تصريح صحافي: «إن محاكم التحقيق في مختلف المحافظات العراقية أطلقت سراح 8912 موقوفا خلال مايو الماضي». وأشار إلى أن «المحكمة أحالت 4263 موقوفا خلال المدة نفسها على المحاكم المختصة لتوافر الأدلة ضدهم على خلفية ارتكاب جرائم إرهابية وجنائية مختلفة». وأضاف البيرقدار أن «العمل مستمر لإطلاق سراح المزيد من المعتقلين خلال الفترة المقبلة».