بعد 40 سنة.. البنتاغون ينشر وثائق حرب فيتنام

TT

بعد أربعين سنة من تسرب مقتطفات من «أوراق البنتاغون» عن التدخل العسكري الأميركي في فيتنام، وهي المقتطفات التي كشفت عدم قدرة القوات الأميركية على هزيمة ثوار فيتنام، وكانت من أسباب انسحاب القوات من هناك، نشر، أمس، النص الكامل للتقرير. نشرته دار الوثائق المركزية؛ حيث كان التقرير محفوظا منذ أن كتب سنة 1969، ويتكون من سبعة آلاف صفحة. ونشرته مطبوعا وفي الإنترنت. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» سنة 1971، نشرت مقتطفات من التقرير، الذي سمي منذ ذلك الوقت «أوراق البنتاغون» (في وقت لاحق، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقتطفات أيضا).

وأعلن وقتها الرئيس ريتشارد نيكسون غضبه على نشر أي جزء من التقرير السري، وأمر وزير العدل برفع قضية ضد «نيويورك تايمز»، على أساس أن نشر التقرير يؤذي القوات الأميركية التي كانت تحارب في فيتنام، ويؤذي الأمن الوطني الأميركي. بينما أعلن رئيس تحرير «نيويورك تايمز» أن الدستور الأميركي يعطيه حق النشر.

رغم أن التقرير كُتب خلال إدارة الرئيس لندون جونسون، تحمل الرئيس نيكسون المواجهة مع الصحافيين لأن التقرير سرب في عهده.

وبالإضافة إلى الجانب القانوني، أثار نشر الأوراق غضبا في الكونغرس، لأن الرئيس نيكسون والجنرالات كانوا يكررون للكونغرس أن القوات الأميركية تحقق انتصارات في الحرب ضد ثوار فيتنام، وأنها، في النهاية، سوف تنتصر عليهم.

وبسبب حساسية وتوقيت الموضوع، انتقل سريعا من محكمة إلى محكمة أعلى، وبعد شهر تقريبا وصل إلى المحكمة العليا التي أعلنت أن الدستور يسمح بنشر الأوراق. وكتب القاضي هوغو بلاك، بالنيابة عن أغلبية أعضاء المحكمة: «فقط الصحافة الحرة وغير المقيدة تقدر على فضح خداع الحكومة».

خلال السنوات الماضية، نشرت مقتطفات جديدة من التقرير، لكن لم ينشر كل التقرير.

ويصادف النشر الكامل الضجة حول نشر وثائق «ويكيليكس»، وهي الخطابات المتبادلة بين رئاسة الخارجية وسفاراتها في دول كثيرة. بدأ نشر هذه الوثائق الصحافي الأسترالي جوليان أسانج، الذي يواجه الآن مشكلات قانونية في أكثر من دولة، منها بريطانيا والسويد، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، لأن مسؤولين أميركيين كانوا قالوا إنه مطلوب أمام العدالة الأميركية بتهمة إيذاء الأمن الوطني الأميركي.

وأمس، قال دانيال السبورغ، الأستاذ الجامعي الذي كان يعمل في البنتاغون في كتابة التقرير، وكشف في وقت لاحق أنه هو الذي سرب أجزاء من التقرير إلى «نيويورك تايمز»: «إنه أمر سخيف»؛ أن تمضي أربعة عقود حتى نشر التقرير كله. وقال إن التقرير كان ينبغي أن ينشر في نفس العام الذي تسربت فيه أول مرة، سنة 1971.

وكان السبورغ علق على نشر وثائق «ويكيليكس» في السنة الماضية قائلا: «مثلما أثبتت أوراق البنتاغون قبل أربعين سنة، واجب الصحافيين والمواطنين المخلصين كشف أكاذيب السياسيين».

وقال مراقبون في واشنطن إن تجريم أي شيء بتهمة عدم نشر التحقيق سيكون أول سابقة، بالإضافة إلى أن المحاكم ربما لن تقبل ذلك، وذلك لأن قرار المحكمة العليا في سنة 1971 قال إن الصحافيين يقدرون على كشف أكاذيب السياسيين، لكنه لم يقل إن أكاذيب السياسيين جريمة يجب أن يحاكم عليها القانون.

وأشار المراقبون إلى أن التقرير هو، في الحقيقة، مجموعة من تقارير، منها واحد كتبته وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) عنوانه: «نشاطات الأعداء في الهند الصينية»، التي كانت تشمل في ذلك الوقت فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية وكمبوديا ولاوس وتايلاند. وكان عنوان التقرير الكبير: «العلاقات الأميركية الفيتنامية: 1945 - 1967: دراسة أعدتها وزارة الدفاع».