اليمن: اتفاق على التهدئة بعد لقاء نائب الرئيس والمعارضة

الناطق باسم المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: لم نتحدث عن نقل السلطة

عدد من رجال القبائل الموالين لشيخ قبيلة حاشد صادق الأحمر أمس أمام منزل الشيخ الذي تعرض لدمار هائل إثر معارك استمرت عدة أيام بين مقاتلي الشيخ والقوات الحكومية (إ.ب.أ)
TT

اجتمعت المعارضة اليمنية، أمس، لمدة ساعة ونصف الساعة، مع نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لأول مرة منذ سفر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى الرياض للعلاج، إثر تعرضه، مع عدد من كبار رجال الدولة، لهجوم في مسجد القصر الرئاسي يوم الجمعة (3/6/2011).

واتفقت المعارضة مع نائب الرئيس على التهدئة ومواصلة النقاش، حسبما أفادت به مصادر من المعارضة. وأكد محمد قحطان، المتحدث باسم اللقاء المشترك، الذي يضم أحزاب المعارضة البرلمانية في اتصال هاتفي مع الشرق الأوسط في لندن أن «اللقاء مع نائب الرئيس كان طيبا، اتفقنا على الحاجة الملحة لتضافر الجهود لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة، والبدء بتطبيع الأوضاع الأمنية والتهدئة الإعلامية كخطوة أولى تسمح بعد ذلك بالسير في العملية السياسية»، وأضاف قحطان: «شرح النائب الجهود التي قام بها للتهدئة، مثل تولي طلبة الكليات العسكرية الإشراف على نقاط التماس في الحصبة»، وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول مناقشة موضوع نقل السلطة، قال قحطان: «لم نتحدث بشكل مباشر عن نقل السلطة، كان الحديث مركزا حول الحاجة إلى التهدئة»، وأضاف: «كان لقاء أوليا اليوم (أمس) اكتفينا فيه بالحديث عن التهدئة كخطوة أولى، وتركنا موضوع نقل السلطة».

وذكر القيادي في «اللقاء المشترك»، حسن زيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن أبرز النقاط التي جرت مناقشتها كانت تطبيع الأوضاع الأمنية والعسكرية والإعلامية في صنعاء وتعز وغيرها من المحافظات، وقال إنه تم تشكيل لجنة إعلامية لتهدئة التصعيد الإعلامي بين الطرفين، وأشار إلى أنه تم الاتفاق على عقد لقاءات مقبلة، لكنه لم يفسر لـ«الشرق الأوسط» عدم مناقشة قضية انتقال السلطة في اليمن، إنما لمح إلى أن اللقاء كان حزبيا أكثر منه بين معارضة و«رئيس مؤقت»، عندما رد على سؤال يتعلق بمناقشة انتقال السلطة، وكان رده أن اللقاء تم في حضور البركاني وبن دغر، وأن هادي قيادي أيضا في الحزب الحاكم، ثم أشار إلى أن قيادات الحزب الحاكم البارزة لم تكن موجودة، وإلى أنها بحاجة إلى وقت للملمة وضعها».

وفي ذات السياق، أكد أحمد عبد الله الصوفي، مستشار الرئيس اليمني للشؤون الإعلامية، أنه «لم تتم مناقشة موضوع نقل السلطة، وهو أمر محظور في المرحلة الراهنة، ولا أحد يملك البت في هذا الأمر في غياب الرئيس عن البلاد، ولا يجوز الحديث عن نقل السلطة قبل كشف ملابسات جريمة الاعتداء على رئيس الجمهورية وعدد من كبار المسؤولين في الدولة».

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول الموضوع الذي تم النقاش حوله ضمن لقاء الأمس، قال الصوفي: «شرح نائب الرئيس أجندته للمرحلة الراهنة، وطلب من المشترك تحمل المسؤولية في المساعدة على تهيئة استقرار أمني ومعيشي للمواطنين».

والتقى نائب الرئيس في منزله بصنعاء، أمس، عددا من قيادات أحزاب المعارضة «اللقاء المشترك»، وحسب بلاغ صحافي مقتضب صادر عنها، قالت المعارضة إن اللقاء ساده «تناول الآراء بشفافية ووضوح، وبروح عالية من المسؤولية الوطنية حول الأوضاع الراهنة في البلاد وسبل ووسائل الخروج من الأزمة المتفاقمة التي تهدد أمن واستقرار البلاد, والوحدة الوطنية, وطبيعة الطرق الكفيلة باحتواء تداعياتها وتهدئة الأوضاع أمنيا وإعلاميا كخطوة على طريق السير في العملية السياسية التي تحقق تطلعات الشعب اليمني بكل قواه السياسية والاجتماعية والمدنية والشبابية».

وفي الوقت الذي تضمن فيه البيان المعلن عبر وسائل الإعلام الرسمية نفس الأفكار والجمل والمضامين، فقد أشار إلى أن اللقاء حضره من جانب المعارضة أبو بكر باذيب، سلطان العتواني، محمد سعيد السعدي، حسن زيد، مجمد عبد الملك المتوكل وعبد الله عوبل, ومن جانب المؤتمر الشعبي: سلطان البركاني وأحمد عبيد بن دغر. وفي الوقت الذي تتواصل فيه التحركات السياسية؛ سواء المحلية منها أو الخارجية بواسطة الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، فإن شباب الثورة في ساحات التغيير والحرية يواصلون التظاهر للمطالبة بالإسراع في تشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد، ويرفضون أي مساع لإبقاء نظام الحكم الراهن في السلطة أو نقلها عبر مبادرات سياسية لأي من الأطراف.

وقال محمد العسال، عضو اللجنة الإعلامية لائتلاف «شباب الثورة» لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «هناك مشاورات حاليا لتشكيل مجلس رئاسي انتقالي تعلن مكوناته اعتبارا من نهاية الأسبوع».

وذكر العسال أنه سيتم اختيار أعضاء المجلس من بين «الشخصيات السياسية والمعارضين وشيوخ القبائل والنواب والأشخاص الذين يتم اقتراحهم على مستوى المحافظات»، ويأتي هذا في وقت يظل فيه مصير الرئيس علي عبد الله صالح، ورئيس وزرائه، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، غامضا، في ظل شح المعلومات الدقيقة عن وضعهم الصحي في الهجوم الذي أصيبوا فيه الأسبوع قبل الماضي، في هجوم على دار الرئاسة اليمنية بجنوب صنعاء.

وعلى الصعيد الأمني، سقط قتلى وجرحى في تجدد القصف للقوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، وقالت مصادر محلية إن الطيران الحربي جدد قصف منطقة الحيمة الخارجية في محافظة صنعاء، بغرب العاصمة، حيث يعتقد أن القبائل هناك التابعة للقبيلة الأم «بكيل»، موالية لثورة الشباب وتدعم الإطاحة بنظام الرئيس صالح.

وفي محافظة تعز، بجنوب البلاد، تجددت، أيضا فجر أمس، المواجهات المسلحة والعنيفة بين القوات الموالية لصالح والمسلحين الذين يطلقون على أنفسهم تسمية «صقور الحالمة»، ومعظمهم من العسكريين الذين أيدوا الثورة، وقال شهود عيان في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن دبابات الجيش انتشرت في عدد من الشوارع، كما قام رجاله بإخلاء مستشفى الثورة العام بوسط المدينة من المرضى، وحولوا المستشفى إلى ثكنة عسكرية، وأشارت مصادر حقوقية إلى قيام الدبابات بقصف الأحياء السكنية، غير أن معظم المواطنين الذي مروا بتعز، اليومين الماضيين، أكدوا أن الجيش لا يسيطر سوى على مناطق بسيطة، في حين تنتشر النقاط الأمنية المدنية المسلحة في مناطق واسعة من تعز، في إشارة إلى أن معظم المحافظة باتت في أيدي المسلحين.

على صعيد آخر، كشف مصدر في مكتب الشيخ صادق الأحمر، زعيم قبيلة حاشد، أن حصيلة المواجهات التي دارت بين مسلحيه والقوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح خلال الفترة من 23 مايو (أيار) الماضي وحتى 6 يونيو (حزيران) الحالي، في أوساط مقاتلي الأحمر، بلغت 100 قتيل و325 جريحا، وكانت المواجهات توقفت بين الطرفين في ضوء وساطة سعودية. وإثر إصابة الرئيس صالح ونقله إلى السعودية للعلاج، جدد القائم بأعماله الوساطة عبر وسطاء محليين وأقدم على تهدئة الأوضاع، ولم يعلن ما إذا كانت خطوات الاتفاق بسحب القوات المسلحة التابعة لصالح من حي الحصبة وإخلاء المباني الحكومية التي احتلها مسلحو الأحمر، قد اكتملت حتى اللحظة، بعد أن بدأت قبل بضعة أيام.

وفي تطورات المشهد الأمني اليمني، كشف مصدر مسؤول في المنطقة العسكرية الجنوبية أن من بين قتلى تنظيم القاعدة الذين لقوا مصرعهم، اليومين الماضيين، في زنجبار بمحافظة أبين، اثنين تم التعرف عليهما من خلال هواياتهما الشخصية، وذكر أن الشخصين هما الإرهابي عبد الملك إسماعيل أحمد الكبسي، وهو من مواليد 1975م، ويعد مسؤولا عن إحدى الخلايا الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة، وقد عثر بحوزته على جهاز اتصال لاسلكي و«شيفرة» مرمزة، ومخطط لعمليات كانت تستهدف ضرب منشآت حكومية ومعسكرات في محافظة أبين، أما الثاني فهو الإرهابي محمد صالح يحيى الحيمي، وهو من مواليد 1985م.