تشعر الإدارة الأميركية، كغيرها من حكومات مهتمة بالشأن السوداني، من قلق إزاء التطورات في السودان. وبينما يقترب موعد 9 يوليو (تموز) حين ستقام دولة جنوب السودان، تسعى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دعم جهود الاتحاد الأفريقي للتوصل إلى اتفاق حول أبيي وسحب القوات الأمنية التابعة للخرطوم معها، بالإضافة إلى تهدئة الأوضاع في جنود كردفان.
وخصصت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون زيارتها إلى أديس أبابا للعمل على هذا الملف، حيث التقت مستشار الرئيس السوداني نافع علي نافع ورئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير، أول من أمس. وعبرت كلينتون عن تأييدها لعمل الاتحاد الأوروبي ودور رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي من أجل التوصل إلى اتفاق على جميع الإجراءات المطلوبة لتنفيذ اتفاق السلام الشامل للسودان. وأفاد بيان من وزارة الخارجية الأميركية بأن «الوزيرة كلينتون طالبت باتفاق سريع حول الإجراءات الأمنية الجديدة في أبيي، بما في ذلك نشر قوات حفظ سلام إثيوبية بتفويض من الأمم المتحدة، والتي ستسهل انسحاب قوات الأمن السودانية من الإقليم».
وأكدت كلينتون للطرفين أن بلادها «ستدعم الإجراءات الفعالة فور اتفاق الأطراف عليها مع إثيوبيا ولجنة التطبيق الأعلى التابعة للاتحاد الأفريقي».
وتزامنت زيارة كلينتون إلى أديس أبابا مع عقد اللجنة العليا التابعة للاتحاد الأفريقي اجتماعات مع الطرفين السودانيين، مما ساعد في إجراء الاجتماعات في وقت زمني مختصر بسبب اضطرار كلينتون لقطع زيارتها إلى إثيوبيا. وأنهت كلينتون جولتها الأفريقية قبل يوم من الموعد المحدد بعد أن نصحت السلطات الجوية بمغادرتها جوا في وقت مبكر، خوفا من تأخرها بسبب الرماد البركاني في الأجواء الناتج عن الحركة البركانية في جيبوتي.
وشرح مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية أن هناك نحو 100 ألف نازح من أبيي بعد دخول قوات تابعة للخرطوم إلى الإقليم الغني بالنفط. وأوضح المسؤول الذي رافق كلينتون في تصريحات لعدد من الصحافيين أن الجهود الحالية ترمي إلى دعم قوات الأمم المتحدة، وخاصة القوات الإثيوبية، والتي لم تنتشر هناك إلى بعد موافقة الطرفين السودانيين على ذلك. كما أن حكومة الخرطوم تريد تأكيدات حول شكل الإدارة التي ستتولى إدارة إقليم أبيي، وهو الأمر الذي ما زال عالقا أيضا.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه «عندما وصلت الوزيرة لم يكن هناك اتفاق بين الأطراف»، ولم يتم التوصل إلى اتفاق بعد رحيلها أيضا. ويذكر أن كلينتون التقت نافع وكير كلا على حدة، ولكنها اضطرت إلى تقليص الوقت المخصص للاجتماعات في أديس أبابا بعد قرار المغادرة المبكر، مما جعل غالبية الوقت هناك مخصصة للسودان ولم يفتح المجال لتوسيع النقاشات حول العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإثيوبيا. وتؤكد الولايات المتحدة على دعمها لدور الاتحاد الأفريقي في تقريب وجهات النظر السودانية وتأهيل الطرفين لتطبيق اتفاق السلام الشامل والذي يشمل قيام دولة جنوب السودان بعد استفتاء يناير (كانون الثاني) الماضي. ولكن في الوقت نفسه، سعت كلينتون إلى لعب دور شخصي في هذه الجهود بعد مخاوف من تدهور الأوضاع بعد نشوب قتال في جنوب كردفان. وحثت كلينتون كلا من نافع وكير على ضرورة التوصل إلى «اتفاق سريع لإنهاء القتال في جنوب كردفان»، وأوضحت الوزيرة للطرفين أن عليهما وقف السعي لحل عسكري والسعي وراء تفاهم مبني على التفاوض في الجنبين السياسي والأمني في جنوب كردفان بعد انتهاء اتفاقية السلام الشامل، بحسب بيان وزارة الخارجية. وتابع البيان أن «الوزيرة طلبت من الطرفين السماح للمنظمات الإنسانية بما في ذلك استخدام المطارات والسماح لبعثة الأمم المتحدة في السودان بحرية الحركة بناء على اتفاق وضع القوات هناك».
واختتم البيان بالقول إن «الوزيرة كلينتون شددت للطرفين على أنه من الواجب عليهما ألا يضيعا فرصة لبناء السلام الدائم الذي يستحقه الشعب السوداني».